شن عدد كبير من شركاء رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، في انقلابه، عبر انخراطهم بمظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013، من السياسيين والإعلاميين والقانونيين والحقوقيين
المصريين، هجوما لاذعا عليه، واتهموه صراحة بأنه جلب
العار لمصر، وأصبح "لسان حال تل أبيب"، وقارنوه بالرئيس محمد مرسي، وقالوا إن ما فعله السيسي لم يجرؤ رئيس مصري سابق على فعله.
وتقدَّم أحدهم، في "مجلس نواب ما بعد الانقلاب"، بطلب إحاطة ضد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، يتهمه فيه بالإساءة إلى تاريخ مصر.
جاء ذلك تعليقا على موقف ممثلي مصر إزاء قرار مجلس الأمن الدولي، بوقف وتجريم الاستيطان
الإسرائيلي في الأراضي
الفلسطينية المحتلة، الذي تقدمت مصر بمشروعه، ثم طلبت إرجاءه، ثم قامت بسحبه، فتقدمت أربع دول أخرى توحدت على إعادة طرحه للتصويت، ليتم تمريره، الجمعة، بأغلبية 14 صوتا، بينها مصر، مع امتناع الولايات المتحدة.
وتقدم النائب هيثم الحريري، أحد منظمي مظاهرات 30 يونيو، بطلب إحاطة لوزير الخارجية المصري، حول موقف مصر، قائلا إن هذا الموقف أساء إلى تاريخ مصر ومواقفها التاريخية من القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الرأي العام المصري يسأل عن أسباب ما حدث، حسبما قال.
واعتبر حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي"، (الذي كان على رأس تظاهرات 30 يونيو، ضد الرئيس محمد مرسي)، التراجع الذي أقدمت عليه مصر، مخزيا ومهينا إلى حد العار، على حد قوله.
وأضاف أن التراجع المصري معناه تحول النظام للسان حال تل أبيب، وأنه لم يعد لديه علاقات تحالف أو صداقة، مع أي طرف من القوى الإقليمية غير تل أبيب.
وخاطب التحالف، السيسي، قائلا: "لا يمكن أن تتحول مصر لخادم لتل أبيب، وتقبل تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية، وتهويد القدس، وبناء الجدار، وطرد أصحاب الأرض، وهي جريمة مكتملة الأركان، لا تغتفر، وسوف نحاسبهم عليها، ويحاسبهم التاريخ"، بحسب البيان.
ومن جهته، قال القيادي بحزب "الكرامة"، أمين إسكندر، إن مصر في عهد السيسي في تعاون استراتيجي عالي المستوى مع دولة الكيان الصهيوني.
وأضاف أن مصالح النظام المصري أصبحت هي مصالح إسرائيل، بينما تآكلت القضية الفلسطينية، وباتت في أدنى مستوى من الاهتمام، وخارج أجندة الدول العربية، بحسب تصريحاته لصحيفة "مصر العربية".
وعلّق رئيس مجلس إدارة مؤسسة "الأهرام"، أحمد النجار، بالقول: "تقديم مشروع قرار لإدانة الاستيطان الاستدماري الصهيوني في الضفة الغربية ثم سحبه.. أساء لمكانة مصر إساءة بالغة".
أما أستاذ العلوم السياسية، مصطفى السيد، فندَّد بموقف مصر. وكتب عبر حسابه بموقع "فيسبوك": "لم تعلن إدارة أوباما موقفها من القرار، وكان من المحتمل ألا تستخدم ضده حق الفيتو".
ومن جهته، قارن الفقيه الدستوري، أحد أشد معارضي الرئيس مرسي والإخوان سابقا، الدكتور نور فرحات، بين موقف الرئيس محمد مرسي، وموقف السيسي.
وكتب فرحات تدوينة قال فيها: "سخرنا سخرية لاذعة من مرسي عندما أرسل خطابا بروتوكوليا يقول فيه "عزيزي بيريز"، واتهمناه بأنه يريد التنازل عن جزء من سيناء وعن حلايب وشلاتين، واليوم تسحب مصر مقترحها بإدانة المستوطنات الإسرائيلية برغم علمها بأن أمريكا لن تستخدم حق الفيتو".
وقال المحامي الحقوقي، خالد علي، إن سحب مصر للقرار قبل أن يتم إعادة طرحه وإقراره هو يوم حزين ومؤلم. وأضاف: "العار كل العار على من وضع مصر وشعبها في هذه الزاوية المخزية"، حسبما قال.
أما مساعد وزير الخارجية الأسبق، معصوم مرزوق، فقال إنه لم يكن يتخيل يوما أن يصل مستوى الدبلوماسية المصرية إلى هذا الحد من التخبط.
وأضاف، في تصريحات صحفية، أن ما حدث من تخبط وتراجع؛ سابقة سيئة وفضيحة دبلوماسية غير مسبوقة.
وتساءل: "كيف ترضخ الإرادة المصرية، لمجرد اتصال من شخص لم يعد بعد رئيسا لبلده؟"، مشيرا إلى ترامب. وشدَّد على أن ما حدث لم يجرؤ رئيس مصري سابق على فعله، أو الإقدام عليه، على حد قوله.
إلى ذلك، تجاهلت الصحف المصرية، الصادرة السبت، الموقف الدبلوماسي المصري من قرار مجلس الأمن، وركزت على دعوة ترامب، للسيسي، لزيارة الولايات المتحدة، في القريب العاجل، وفق قولها.
وكانت وزارة الخارجية المصرية، حاولت، عبر متحدثها الرسمي، أحمد أبو زيد، السبت، تبرير طلب مصر تأجيل التصويت على القرار.
وقال أبو زيد، في مداخلة هاتفية ببرنامج "صباح البلد"، عبر فضائية "صدى البلد"، مساء الجمعة، إن مصر طرحت مشروع
إدانة الاستيطان بالنيابة عن الجانب الفلسطيني"، زاعما أن "مصر سحبت المشروع لأنها لم تكن على ثقة بوجود توافق حوله".
وتتفق تلك التصريحات مع تصريحات سابقة أدلى بها مندوب مصر في الأمم المتحدة، عمرو أبو العطا، إذ قال، وفقا لما نشره موقع شبكة "سي إن إن": "لقد وجدت مصر نفسها مضطرة لسحب مشروع القرار المقدم منها من الناحية الإجرائية على خلفية المزايدات التي تعرضت لها من طرح المشروع بالحبر الأزرق، التي وصلت إلى حد ما يشبه الإنذار من جانب بعض أعضاء المجلس"، وذلك وفق تصريحاته التي أثارت سخرية نشطاء، ومراقبين.