اتخذ عدد من الإعلاميين والسياسيين المصريين المحسوبين على التيار القومي والعروبي والناصري، الموالين في الوقت نفسه لرئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، مواقف متفاوتة فيما يخص سلوك مصر المراوغ تجاه قرار
مجلس الأمن بالوقف الفوري للاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الجمعة، بعد تقدم مصر بالمشروع ثم طلبها إرجاء التصويت عليه ثم سحبه، لتتقدم أربع دول به، ويتم تمريره، مساء الجمعة، بإجماع 14 صوتا، بينها مصر، مقابل الامتناع الأمريكي.
وكان جاذبا للنظر تجاهل عدد من هؤلاء القوميين والعروبيين، الموالين للسيسي، التعليق على المسلك المصري، رافعين شعار : "لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم"، وأبرزهم عمرو موسى، وأحمد المسلماني، ومصطفى
بكري، في مواقف مالت، في الوقت نفسه، إلى تأييد المسلك المصري، في وقت وقف فيه بعضهم كمصطفى الفقي موقفا ناعما، بينما هاجمه بشكل واضح كل من: حمدين
صباحي، وعبدالله السناوي، وعبدالحليم قنديل.
صباحي: الخزي والعار لسلطة كامب ديفيد
وجاء الموقف الأقوى من المرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، إذ ردَّ بقوة على المسلك المصري، عبر تدوينة نشرها، في صفحته بموقع "فيسبوك"، بعنوان: "يا من تحبون مصر وتغيرون على مصر".
وقال فيها: "قرار حكام مصر يهين مصر، ويتنكر لقيم مصر، ويبخس قيمة مصر، وينحدر بمكانة مصر، ويضر أمن مصر، ويهمش دور مصر. وتخلى حكامنا عن كرامة مصر قبل أن يتخلوا عن فلسطين حين تراجعوا عن عرض قرار إدانة
الاستيطان الصهيوني على أرضنا المحتلة".
وأضاف صباحي: "تخلى حكام كامب ديفيد دعاة السلام الدافئ لكن ضمير العالم لم يتراجع؛ تبنت فنزويلا والسنغال وماليزيا ونيوزيلندا القرار العادل الذي باعه حكامنا الراضخين لمذلة التبعية، وصدر قرار مجلس الأمن بالإجماع عدا الولايات المتحدة الأمريكية التي امتنعت عن التصويت بإدانة دولة الاحتلال والاستيطان العدوانية العنصرية. ولا يشفع لسلطة كامب ديفيد تصويتها للقرار بعد تخليها المخزي عنه".
وأردف: "الخزي والعار للصغار الذين يحكمون مصر، ولا يعرفون قيمتها، ولا يرتفعون لمقامها العالي العزيز".
وتابع: "النصر لفلسطين العربية الصامدة المقاومة، والشكر والاحترام والتقدير والامتنان للدول الأربع مستقلة الإرادة والقرار".
واختتم تدوينته بقوله: "عاش ضمير الإنسانية ضد العدوان والعنصرية ومذلة التبعية".
بكري يدافع عن السيسي: موقف ثابت وواضح
وفي مقابل صباحي، دافع عضو مجلس نواب ما بعد الانقلاب، مصطفى بكري، عن المسلك المصري في مجلس الأمن. وقال في تصريحات، نقلتها صحيفة "الوطن" إن موقف مصر من قضية الاستيطان ثابت وواضح ولا لبس فيه، فمصر ضده بشكل كامل، ومع قضية الفلسطينية، وحل مشكلة الشعب الفلسطيني، ولا يوجد شيء يمكن به النيل من ثوابت الموقف المصري، وهذا هو ما أكد عليه الرئيس السيسي في أكثر من مرة.
وأضاف بكري أن الشعب المصري والقيادة السياسية ضد الاستيطان الإسرائيلي والاحتلال الغاشم، ومصر لن توافق على أي شيء يضر الفلسطينيين، متابعا أن القضية تحتاج لحل شامل لأنها أصبحت في أوضاع صعبة، وهو ما تقوم مصر، وفق وصفه.
وكان بكري شارك في حفل ختام معسكر حزب "مستقبل وطن"، الموالي للسيسي، ببورسعيد، مساء الجمعة، وامتدح الأخير بالقول إنه يعرف كل المؤامرات التي تحاك ضد مصر، وبرغم ذلك يفتتح كل يوم مشروعا جديدا لمواجهة تلك المؤامرات، متابعا: "كل يوم السيسي بيجيبنا علشان نفتح مشروع جديد"، بحسب صحيفة "اليوم السابع".
موسى: "أوباما" اتخذ القرار الصحيح
وتجاهل الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، عمرو موسى، التعليق على موقف السيسي بشكل واضح، لكنه علّق على مسلك الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، قائلا: "أخيرا اتخذ الرئيس أوباما القرار الصحيح بالموافقة على تمرير إصدار قرار مجلس الأمن، بعدم شرعية الاستيطان، وضرورة وقفه".
وأضاف موسى، عبر حسابه بموقع "تويتر": "بالنظر إلى قرار الإدارة الأمريكية الحالية لجأت إسرائيل في خطوة لا سابق لها إلى الإدارة القادمة، لوقف إصدار مجلس الأمن لهذا القرار".
وتابع: "حاول ترامب جهده في ذلك، إلا أن الإدارة الحالية هي صاحبة السطوة السياسية في مجلس الأمن"، مشيرا إلى أنه: "كانت إعادة طرح مشروع القرار الخاص بالاستيطان، والإسراع بالتصويت عليه، وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت إشارة هامة إلى 4 أمور".
ورأى أن هذه الأمور الأربعة هي: "أولا قرار الشرعية الدولية بعدم قانونية المستوطنات بشبه الإجماع، ودون اعتراض"، "ثانيا إعادة إحياء الموقف الدولي السياسي والقانوني ضد الاستيطان"، "ثالثا إعادة الاعتبار لحل الدولتين"، "رابعا رد قوي من أوباما على إهانات نتنياهو المتكررة"، حسبما قال.
واختتم موسى تغريداته بتعليق قال فيه: "أحسنت مصر صنعا بأن صوتت لصالح القرار، وأكدت سياستها الثابتة في معارضة الاستيطان، وهو الموقف الصحيح".
قوميون التزموا بمواقف ناعمة
ومن هؤلاء المفكر "القومي"، الدكتور مصطفى الفقي، الذي قال في تصريحات صحفية لجريدة "العين" الإماراتية إنه يؤيد قرار الخارجية المصرية بتأجيل التصويت على مشروع قرار إدانة الاستيطان بعد تلويح الإدارة الأمريكية باستخدام حق الفيتو ضد المشروع.
وبحسب "العين"، شدَّد الفقي على أن الموقف المصري قومي، ولصالح القضية الفلسطينية، بحسب زعمه.
قوميون انتقدوا وهاجموا
يأتي هذا في وقت حرص فيه قطاع من المحسوبين على التوجه القومي العروبي في مصر، من مؤيدي السيسي، على إدانة المسلك المصري، ومهاجمته بأشد العبارات، مشدَّدين على أنه "عار على مصر".
ووصف عبدالله السناوي، الموقف المصري بـ "غير المفهوم وغير المبرر وغير المقنع"، مضيفا في تصريحات نقلتها صحيفة "الجريدة" الكويتية: "التحرك المصري مخجل، ولا يليق بالدولة المصرية، كان على القاهرة أن تستغل الامتناع الأمريكي عن التصويت ضد القرار، وتحقيق نصر معنوي للقضية الفلسطينية".
وفي السياق نفسه، قال رئيس تحرير صحيفة "صوت الأمة"، عبدالحليم قنديل: "إن الشائع الآن هو أن دونالد ترامب اتصل بالرئيس السيسي، وطلب منه سحب مشروع إدانة الاستيطان الإسرائيلي، وهذا يضع مصر في موقف عار، خاصة أن فلسطين قضية وطنية"، موضحا أن تقديم نيوزيلاندا، وهي الدولة غير مسلمة، مشروع قرار لإدانة الاستيطان، جعل مصر في موقف مخجل.
وأضاف قنديل، في برنامج "آخر الأسبوع"، عبر فضائية "روتانا مصرية"، مساء الجمعة، أن الحديث على تعامل مصر مع قضية فلسطين لكسب تأييد ترامب في قضايا أخرى هو لعب بالنار لأن الشعب المصري هو أكثر الشعوب العربية كراهية لإسرائيل، موضحا أن ترامب أسوأ من أوباما لأنه يؤمن بحل الدولتين.