لعبت الدعاية الإعلامية لتنظيم الدولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في سقوط
الموصل، عبر ترهيب
القوات العراقية ورفع معنويات الجهاديين. اليوم، تتواصل معركة الصور وأشرطة الفيديو في ظل احتدام المعركة من أجل استعادة المدينة.
ويقول ضابط في القوات الخاصة العراقية إنه رأى عناصر الشرطة والجنود يفرون قبل سنتين من الموصل حتى قبل وصول الجهاديين إليها، إن "وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي تناقلت سقوط الموصل حتى قبل وقوعه".
واليوم، مع توجه القوات العراقية مجددا إلى الموصل في عملية واسعة انطلقت في 17 تشرين الأول/ أكتوبر، يقول الضابط: "يجب أن نستخدم الوسائل نفسها من أجل تقدم" القوات العراقية.
ومنذ انطلاق العملية التي أطلق عليها اسم "عائدون يا نينوى" وهي الأكبر للقوات العراقية منذ سنوات، تكثف قيادة القوات المركزية إصدار البيانات عن الانتصارات وتقدم القوات لتحرير الموصل.
ونقلت وسائل الإعلام الوطنية خلال الأيام الأولى من المعركة ساعات من مشاهد حية عن القتال على خطوط أمامية بما فيها قناة "رووداو" الكردية التي ركزت على تقدم قوات البشمركة الكردية التي تلعب دورا بارزا في المعركة.
وشاهد مئات الآلاف من متابعي الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي يوميا تحركات القوات الحكومية.
ويقول الباحث فرنسوا برنار هوك من معهد العلاقات الدولية والبحوث الاستراتيجية الذي يتخذ من باريس مقرا: "بالنسبة للأكراد، إنه أمر سياسي". ويتابع: "إنهم يهدفون إلى تعزيز الروح المعنوية من أجل تقديم صورة ايجابية عنهم للغرب".
وعادت قناة "الموصل" المحلية تدريجيا إلى مدينتها، مع مواصلة قوات مكافحة الإرهاب وأخرى من الجيش استعادة السيطرة على أحياء في الجانب الشرقي من المدينة، من سيطرة الجهاديين.
وتعمل قنوات تلفزيونية مختلفة أخرى ووسائل إعلام على نقل مشاهد عن المواجهات التي تقودها قوات عراقية.
إضافة إلى السلاح والذخيرة، بات كل جندي وشرطي يحمل في عدته هاتفا ذكيا وشاحنا موصولا ببطارية عجلة عسكرية.
وتحوي غالبية الهواتف النقالة صور "سلفي" شخصية لأصحابها في مواقع المواجهات وأخرى لجثث مسلحين، وينشر البعض صورهم هذه عبر شبكات التواصل الاجتماعي كلما أتيحت لهم فرصة الاتصال بشبكة الانترنت.
في المقابل، تعد الدعاية إحدى نقاط قوة
تنظيم الدولة ، حسبما يرى هوك.
ويقول الخبير: "إن داعش يتواجد بفاعلية في شبكة التواصل الاجتماعي مستخدما جيلا من 2.0" وكاميرات "غو برو" التي تثبت على أي شيء، على خوذة أو أجهزة تحكم عن بعد تثبت على العجلات.
ويضيف أن كل هذا "يعطي انطباعا بترهيب خالص".
ويشير إلى أن عامة الناس اعتادوا مشاهد الحرب والفظائع التي أصبحت شائعة على مواقع الإنترنت، وبإمكان كل شخص أن "يختار نسخة قصة ثم يحدد من هم الأشرار ومن هم الطيبون".
ويقول هوك المتخصص في وسائل الاتصال: "في الستينيات، ساهم التلفزيون بدخول حرب فيتنام إلى المنازل. اليزم، تدخل الهواتف الذكية الحرب إلى كل جيب".
ونظرا لإدراكهم لأهمية وسائل الاتصال والإنترنت، سعى عناصر تنظيم الدولة الذين سيطروا على الموصل منذ أكثر من عامين، إلى منع السكان من استخدام الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ومشاهدة القنوات الفضائية في دولة "الخلافة" ومارسوا عقوبات بحق من يخالف أوامرهم.
لكن هذا الإدراك ينطبق على الجميع. من هنا، على موقع "تويتر"، يمكن متابعة حساب باسم "عين الموصل" يصف صاحبه نفسه بأنه "مؤرخ مستقل"، ويغرد باللغتين العربية والانكليزية، من دون أن يكشف عن هويته الحقيقية.
ومع التقدم البطيء للقوات العراقية لاستعادة الموصل حيث يعيش مئات الآلاف، يبث تقارير كل ساعة عن التطورات داخل المدينة.
وتتحدث بعض التغريدات عن أسعار كيلو الأرز أو قارورة الغاز في المدينة التي تتناقص فيها المواد الأساسية ويتعرض الجهاديون إلى قصف متواصل.
في بداية كانون الأول/ ديسمبر، نشر صاحب حساب "عين الموصل" تغريدة قال فيها إنه مرغم على مغادرة المدينة، قائلا: "أنا مضطر إلى مغادرة مدينتي الجميلة ولا أدري إن كنت سأعود إليها يوما ما".