اعتبر معهد واشنطن للدراسات أن الوضع الاقتصادي
المصري ما زال سيئا ولم يغادر مرحلة الخطر، رغم كل الإصلاحات الشكلية التي قام بها.
وأشار إلى أنه بينما تراجعت تدفقات الدخل من الاستثمار الأجنبي والمساعدات من دول الخليج والسياحة، وضعت الحكومة ضوابط شديدة على رأس المال، فتسببت بحدوث نقص خطير جدا في السلع، لدرجة أن الحكومة المصرية داهمت مخزون السكر في شركة "بيبسي" وشركة الصناعات الغذائية المحلية "إيديتا".
وبين أنه في الوقت نفسه، برزت علامات جديدة من الاستياء الشعبي في تشرين الأول/ أكتوبر؛ فقد انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي شريط مصور لسائق "توكتوك" يشتكي من ظروف البلاد. وعندما زار رئيس الوزراء بلدة رأس غارب على البحر الأحمر بعد حدوث فيضان في المنطقة، احتج السكان على استجابة الحكومة البطيئة، وانتقدوا القوات العسكرية المصرية من على شاشات التلفاز.
ولفت إلى أن أكثر ما أثار قلق الحكومة هو أن جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاءها دعوا إلى "ثورة الفقراء" في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر، وتوقع الكثيرون قيام أعمال عنف، وادّعت الحكومة أنها أغلقت معملا لصنع القنابل وأوقفت عددا من المتشددين، في حين أن أحد الأشخاص، الذي أعلن أنه من قادة التظاهرات، تعهّد بقطع يد أي شخص يعتدي على المتظاهرين.
وقال إنه "كما حدث عدة مرات خلال السنوات الثلاث الماضية، لم تتحقق نبوءات يوم الحساب، ومضى الحادي عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر من دون وقوع أي تظاهرات تُذكَر، إلا أن مصر لم تخرج بعد من دائرة الخطر؛ فبينما اتخذت الحكومة خطوات مهمة لمعالجة العجز في رؤوس الأموال في الأسابيع الماضية، تعلم القاهرة أن هذه الخطوات تؤدي إلى المعاناة من ألم وخيم، وقد تثير بالتالي اضطرابات في البلاد".
وقال إنه بعد سنوات من سحب احتياطياتها النقدية لحماية الجنيه، قامت الحكومة المصرية أخيرا في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر برفع القيود على العملة، وعوّمت الجنيه. وفي حين تسببت هذه الخطوة بتراجع قيمة الجنيه الرسمية إلى النصف تقريبا، وحفزت حدوث ارتفاع فوري في الأسعار، إلا أنها مهّدت الطريق إلى موافقة "صندوق النقد الدولي" على منح قرض حيوي إلى مصر بقيمة 12 مليار دولار بعد أسبوع من ذلك، وتسليم 2.75 مليار دولار منه على الفور.
وبحسب ما ذكر المعهد، فإنه "نظرا إلى الوضع السياسي غير المستقرّ في السنوات الست الماضية، فقد فضل الرأي العام داخل مصر (الذي روجت له وسائل الإعلام المصرية كثيرا) منح الحكومة المصرية مزيدا من الوقت لوضع الاقتصاد على المسار الصحيح، بدلا من النزول إلى الشوارع؛ إذ يخشى الكثير من المصريين من أن يؤدي ذلك إلى وقوع المزيد من الفوضى التي لن تتسبب سوى بتحويل الوضع الصعب للغاية إلى أسوأ".
وفي هذا المعنى، اعتُبر قرض "صندوق النقد الدولي" في مصر خطوة في الاتجاه الصحيح، ويبدو أنه قوّض الأساس المنطقي لاحتجاجات 11 تشرين الثاني/ نوفمبر، على الأقل في الوقت الراهن.
وأكد معهد واشنطن للدراسات أنه من غير المرجح أن تكون الخطوات الاقتصادية الملحوظة التي تقوم بها مصر مقرونة بالإصلاحات السياسية. غير أن القانون الجديد بشأن المنظمات غير الحكومية، الذي يسعى إلى فرض رقابة حكومية مباشرة على جميع المنظمات غير الحكومية ويعاقب المخالفين بالسجن من عام إلى خمسة أعوام، ربما يدل على أن البيئة السياسية ستصبح أكثر تقييدا.