نشرت صحيفة "يني شفق" التركية، تقريرا حول اعترافات جديدة أدلى بها أحد عناصر جماعة فتح الله
غولن المعتقلين في
تركيا، وعن علاقته بالجماعة، والتعليمات التي كانوا يتلقونها، وطريقة وصوله إلى الجيش، وتحصله على رتبة عالية داخله.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن بداية الطيار أولوتش حسين مع جماعة غولن كانت منذ الصغر، عندما كان في الصف السابع الأساسي، "ففي هذه السن المبكرة؛ بدأ بالذهاب إلى مراكزهم، والاستماع لدروسهم، للاستفادة من القواعد الخاصة بالمناهج الدراسية".
وقال حسين إن "الإخوة الكبار" المسؤولين عنه؛ وجهوه إلى المدرسة العسكرية، برغم عدم رغبته هو وأهله في ذلك، مشيرا إلى أنه نجح في امتحان الدخول إلى المدارس العسكرية، بعدما أمدته الجماعة بأسئلة الامتحان مسبقا.
وأضاف أن "الجماعة كانت حريصة على السرية التامة، ومن أبرز ما أخبره به أحد المسؤولين عنه؛ هو أن فتح الله غولن يبعث لعناصر الجماعة برسالة يؤكد فيها اهتمامه البالغ بالقوات الجوية، مشددا على ضرورة اتخاذ كافة التدابير الأمنية والسرية"، كاشفا عن أن غولن قال في رسالة له: "لو وجدتموني أسيرا في إحدى مدارسكم الحربية؛ فلا تلقوا علي السلام".
وفي هذا السياق؛ كشفت صحيفة "حرييت" التركية عن
شبكة التنصت التي قامت جماعة غولن بإنشائها، بهدف التجسس على مسؤولين بارزين، مشيرة إلى أن هذه الشبكة قامت بتسجيل مقاطع صوتية لهم، ومشاهد مصورة من منازلهم ومن غرف نومهم.
وذكرت الصحيفة أن عمليات التنصت على المسؤولين السياسيين، كانت قد عرفت رواجا خلال الفترة الفاصلة بين عامي 2008 و2012، لافتة إلى أن لجان التحقيق التركية توصلت في النتائج النهائية؛ إلى أن الجماعة استهدفت من خلال هذه العمليات 29 شخصية بارزة.
وأضافت أن التحقيقات كشفت أن شبكة التجسس قامت أساسا بالتنصت على هذه المجموعة، وزرعت كاميرات تصوير في منازلهم وفي غرف نومهم، مبينة أن "هذه العصابة عملت على نشر هذه التسجيلات وتسريبها إلى مواقع الإنترنت، ما دفع بالعديد من السياسيين إلى تقديم استقالاتهم، واعتزال الحياة السياسية".
وأشارت الصحيفة إلى أن أبرز هؤلاء السياسيين كان رئيس حزب الشعب الجمهوري، دينيز بايقال، الذي اضطر إلى تقديم استقالته في أيار/ مايو 2010، بعد نشر تسجيلات وأشرطة مصورة له من غرفة نومه.
وكشفت النيابة العامة التركية في أنقرة، عن أن عملية التنصت وتسجيلات الفيديو لهذه الشخصيات؛ شارك فيها 89 عنصرا من عناصر شرطة الاستخبارات التابعين لجماعة غولن، بالإضافة إلى 10 عناصر آخرين، مؤكدة أن هناك 36 عنصرا من هذه العصابة في حالة فرار من العدالة، بينما ألقي القبض على 53 منهم.
وقالت الصحيفة إن عمل "العصابة" كان يتمثل في تحديد ساعات دخول وخروج المستهدفين إلى منازلهم، وكانوا يقومون بدخول المنازل والشقق الخاصة بهم باستخدام أدوات خاصة؛ لتثبيت أجهزة التنصت.
وأوضحت أن من بين المستهدفين لهذه "العصابة"؛ رئيس الجمهورية رجب طيب
أردوغان، والنائب السابق عن حزب الحركة القومية، وزير الداخلية السابق بشير أتالاي، وقائد جيش منطقة إيجة السابق الجنرال المتقاعد خورشيت تولون، ومسؤولين آخرون، من بينهم مدراء مراكز شرطة، ومدراء أقسام في جهاز الاستخبارات.
وبينت صحيفة "حرييت" أن العصابة بدأت عملياتها من خلال التنصت على الشخصيات المستهدفة، مضيفة أن "التحقيقات أثبتت أن فترة التجسس تراوحت بين عام وثلاثة أعوام، وكان الهدف من هذه العمليات هو البحث في تفاصيل الحياة الخاصة لهذه الشخصيات، وابتزازهم في مرحلة لاحقة".
وبينت الصحيفة أن العصابة استهدفت 12 مرشحا من حزب الحركة القومية، قبل أيام من انتخابات عام 2011، "حيث قدم تسعة مرشحين منهم استقالتهم من الحزب، أبرزهم رئيس الحزب بهجتلي، وذلك بعد نشر فيديوهات لهم قبل ثلاثة أسابيع من موعد الانتخابات".
وكشفت النيابة أيضا؛ أن بعض عناصر الشرطة دخلوا إلى بيوت هؤلاء المسؤولين بأمر من القضاء بزعم القيام بتفتيشها، وذلك بعد اختلاق اتهامات مزيفة تتعلق بشبهات لها علاقة بالإرهاب أو الفساد، إلا أن الهدف من اقتحام هذه المنازل كان يتمثل في زرع أجهزة تنصت، وكاميرات تسجيل فيديو، حيث تم إخفاؤها في مقابس الكهرباء، وخلف شاشات التلفاز، أو داخلها.
وأوردت الصحيفة أن لجان التحقيق استطاعت التوصل إلى هذه الشبكة، والإيقاع بالعصابة خطوة بخطوة، من خلال العثور على الأدوات التي استخدموها في دخول المنازل، ومن ثم بدأت بملاحقتهم واحدا تلو الآخر، وتتبع التسجيلات الصوتية ومصادرها، كما أنها "استطاعت الوصول إلى عناصر الشرطة الذين عملوا في هذه المهمة؛ من خلال تتبع إشارات خطوط هواتفهم التي تواجدت في بيوت الأشخاص المستهدفين عند زرعهم لأجهزة التنصت".
وأضافت أن التحقيقات التي استمرت على مدار أكثر من عام؛ توصلت إلى أن رجالات الشرطة المشاركين في شبكة التنصت كانوا يجتمعون في أحد منازلهم؛ من أجل تبادل المعلومات والتسجيلات التي تحصلوا عليها.
وكشفت الصحيفة أنه "تمت ترقية وترفيع رجال شرطة شاركوا في هذه المهمة، بسبب ما حققوه من إنجازات تخدم مصلحة جماعة غولن".
وقالت إن التحقيقات كشفت أن من بين عناصر هذه الشبكة؛ 15 مدير مركز شرطة، وخمسة مدراء عامين للشرطة، و14 مفوضا، ومراقبين، واثنين من رجال الشرطة، كما أن جميع هؤلاء المذكورين هم فارون من العدالة، وتتوزع أماكن عملهم في أنقرة وإسطنبول، وقد عملوا في أقسام الشرطة الاستخباراتية.
وذكرت الصحيفة التركية أن أبرز أربعة قادة في هذه العصابة؛ هم: مدير الدائرة التقنية السابق في قسم الاستخبارات علي أوزدوغان، ومساعد مدير الدائرة التقنية سيدات زاوار، ورئيس دائرة الاستخبارات السابق أنس تشيجي، وشرطي عامل في الدائرة الحادية عشرة في قسم الاستخبارات، وهو إلكار أوستا.
وأكدت أن هذه الأسماء هي التي قامت بدور فاعل وبارز في عمليات تسجيل الفيديو، كما أنها ساهمت في زراعة أجهزة التنصت في مكتب أردوغان عندما كان رئيسا للوزراء.
وفي الختام؛ قالت "حرييت" إن الشرطة ألقت القبض على اثنين منهم، بينما فر علي أوزدوغان وإلكار أوستا إلى رومانيا، وقامت الحكومة التركية بطلب إعادتهم وتسليمهم من قبل السلطات الرومانية.