تراجع رئيس الوزراء
العراقي، حيدر
العبادي، عن إشراك قوات الحشد الشعبي في استعادة
تلعفر من سيطرة تنظيم الدولة، غرب الموصل، وذلك وفق ما صرح به نائب عراقي.
وبحسب ما نقلته شبكة "رووداو" الكردية، فإن المتحدث باسم مجلس أعيان تلعفر، النائب عز الدين الدولة، كشف أن العبادي أمر بعدم إشراك الحشد الشعبي في العملية العسكرية على قضاء تلعفر شمال العراق.
من جهتها، أرجعت مصادر عراقية سبب هذه التوجيهات الجديدة إلى ضغوط مارستها أنقرة على القيادة العراقية، خشية قيام القوات الشيعية بعملية تطهير على أساس طائفي في المنطقة ذات الأغلبية التركمانية.
بدورها، أوردت صحيفة "ديلي صباح" التركية الخبر ذاته، مشيرة إلى أن قرار العبادي جاء بضغوط من أنقرة.
وجاءت تصريحات العبادي عقب لقائه شيوخ ووجهاء قضاء تلعفر، داعيا إلى أهمية الوحدة والابتعاد عن الخلافات والصراعات السياسية وقت الحرب.
ونقلت الصحيفة أيضا تصريحات النائب عز الدين الدولة، التي أشار فيها إلى أن العبادي قرر إرسال الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب لاستعادة تلعفر، بدلا من قوات الحشد الشعبي التي كانت تحشد قواتها على أطراف القضاء، استعدادا لدخوله.
من جانبه، أكد نائب محافظ نينوى، حسن العلاف، لـ"
عربي21"، الأحد، تصريحات العبادي، وقال إن الضغوط التركية جاءت بأثر غير مباشر، وإنه يعتقد بأن ما دفع العبادي للتراجع عن إشراك الحشد الشعبي في استعادة تلعفر، هي أسباب عسكرية أكثر منها سياسية.
وأوضح أن مشاركة الحشد الشعبي في هذه المعركة إنما هو بدور مساند، ورأى أن التراجع هو "لانكفاء الحاجة لمشاركة هذه القوات إلى جانب القوات الأخرى النظامية"، ولكنه استدرك بأن رئيس الوزراء العراقي علل هذه التصريحات أيضا بأنه لا يريد أن تتحول المعركة إلى "معركة طائفية".
وكان التوتر بين بغداد وأنقرة تصاعد إلى حد تهديد الأخيرة بالدخول البري لمنع الحشد الشعبي من المشاركة في العملية العسكرية، الأمر الذي فسره عضو البرلمان عن تحالف القوى، مشعان الجبوري، بالقول: "إن
تركيا تعتقد بأن دخول الحشد الشيعي إلى تلعفر ليس بهدف التحرير وإنما الانتقام، وهو ما سيحصل، لأنه وكما هو معروف، فإن التركمان الشيعة كانوا قد هجروا من تلعفر خلال السنوات الماضية".
يشار إلى أن الحشد الشعبي متهم من قبل منظمات حقوقية محلية ودولية بارتكاب تجاوزات واسعة لحقوق الإنسان وانتهاكات على أسس طائفية، ترقى إلى تطهير عرقي بحق السنة، في المدن العراقية المحررة من سيطرة تنظيم الدولة، وفق حقوقيين.
من جانبه، نشر الباحث والخبير في القانون الدولي العام والعلاقات الدولية، الدكتور سمير صالحة، مقالا له أشار فيه إلى أن التوتر التركي-العراقي إنما هو توتر تركي-إيراني غير معلن، لكنّه يتفاعل ويتشعّب على الأرض في التعامل مع ملفات إقليمية عدة أبرزُها الملفّان السوري والعراقي.
وأضاف أن خيار التدخل العسكري التركي هو أحد الخيارات المحتملة لدى تركيا، وهذا ما تعرفه بغداد التي قال رئيس وزرائها حيدر العبادي إنّ بلاده لا تريد المواجهة العسكرية مع تركيا، لكنّها ستكون جاهزة لها أيضا.
وبحسب صالحة، فإن العبادي يقصد هنا أن دخول تركيا عسكريا إلى العراق يعني أن إيران هي التي ستردّ قبل بغداد نفسِها.
وتابع بأن ما يقوله العبادي يطغى عليه النفس الإيراني أكثر مما يتقدمه النفَس القومي العربي، لكن الذي ستقدم عليه إيران بهذا الخصوص هو العامل المؤثر في تحديد مسار التطورات.
ولفت في مقاله إلى أن ما يقلق تركيا مصدره الحشد الشعبي، الذي أعلنَ أنّه سينتقل إلى سوريا في المرحلة اللاحقة للتنسيق مع النظام في سوريا، في محاربة تنظيم الدولة.
وتساءل قائلا: "هل يحتاج النظام السوري إلى دعمِ الحشد الشعبي لمحاربة داعش؟ أم إنّها استراتيجية إيرانية جديدة لدمجِ ملفات سوريا والعراق ووضعِها في سلّة واحدة، للمساومة حولها مع اللاعبين الإقليميين والدوليين لاحقا؟".