نشرت صحيفة "إندبندنت" تفريرا، تقول فيه إن الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، يعلم بأن التسريبات المحرجة هي عبارة عن شارع ذي اتجاهين.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الصراعات الداخلية بين المقربين من بوتين تسببت بسلسلة من التسريبات في الأشهر القليلة الماضية، ألقت الضوء على تعاملات خاصة في قصر الكرملين، بالطريقة ذاتها التي عانت فيها
هيلاري كلينتون من نشر آلاف رسائل البريد الإلكتروني، نتيجة لما تقول أمريكا أنها القرصنة الروسية لحملتها الانتخابية.
وتبين الصحيفة أنه في الوقت الذي يتجهز فيه الكرملين لآخر انتخاب لبوتين خلال 18 شهرا، برز المحارب ضد الابتزاز أليكسي نافالني، بصفته قناة يسرب من خلالها كل من الفصائل المتناحرة الحريصة على الحفاظ على إقطاعياتها، مستدركة بأنه رغم عدم ظهور ما يدين بوتين، إلا أن بعض المعلومات التي مررت سرا، وبعض الدراسات التي أجراها نافالني وفريقه المكون من 30 شخصا، كشفت النقاب عن بذخ بعض المقربين جدا من بوتين، بما في ذلك بيت فاخر لرئيس وزرائه، وعقود مع الجيش لطباخه الشخصي، وسفر على طائرات خاصة لكلاب العرض التي يمكلها مسؤول كبير.
وينقل التقرير عن منتقدي نافالني، قولهم إنه مجرد بيدق في لعبة أكبر، مستدركا بأن المحامي البالغ من العمر 40 عاما، يقول إنه ليس من المهم من أين يأتي التسريب ما دام يفضح النظام الرسمي، و"كلما زاد الصراع (داخل النظام) كان أفضل"، وقال نافالني في مكتب مؤسسته الممولة من خلال التبرعات العامة في موسكو: "بدأ كل منهم بنهش الآخر".
وتذكر الصحيفة أن آخر موجة من الاحتراب الداخلي كانت خلال الصيف، على أكبر مبيع للأصول في العام، وهو حصة مسيطرة في شركة "باشنفت"، منتج النفط الخام، الذي تصل مبيعاته السنوية إلى 10 مليارات دولار، لافتة إلى أن إيغور سيتشين، الذي يدير شركة "روزنيفت"، وعمل مع بوتين منذ تسعينيات القرن الماضي، استطاع أن يحصل على الحصة لأشهر، لكن بعد صراع شديد مع رئيس الوزراء دميتري مدفيدف، والنائب الأول لرئيس الوزراء إيغور شوفالوف، وكلاهما أراد أن يحظر على "روزنيفت" شراء الحصة.
ويلفت التقرير إلى أنه عندما اشتد الجدل في تموز/ يوليو، قام نافالني بنشر تحقيقات على موقعه، قال فيها إن شوفالوف حصل على 10 شقق متجاورة في ناطحة سحاب مرغوبة في موسكو، وصرف ملايين الدولارات لنقل كلابه حول أوروبا في طائرات خاصة، مشيرا إلى أن زوجة شوفالوف قالت إن الكورغيز "الكلاب الويلزية قصيرة القامة" –وهو الصنف المفضل عند الملكة إليزابيث الثانية– تشارك في عروض في الخارج؛ "للدفاع عن شرف
روسيا".
وتفيد الصحيفة بأنه تبعت ذلك تقارير في الصحف، تكشف عن استخدام زوجة سيتشين ليخوت فاخرة، وعن بنائه لفيلا تقدر قيمتها بـ60 مليون دولار في منطقة راقية، بالقرب من موسكو، وكسب سيتشين قضية تعدي على خصوصيته في قصة الفيلا.
وينوه التقرير إلى أن نافالني كشف عن أن ميدفيدف يبني بيتا فاخرا من أموال جمعية خيرية تابعة لصديقه الملياردير، مستدركا بأن المتحدثة باسم رئاسة الوزراء ناتاليا تيماكوفا، قالت إن العقار المذكور تملكه الدولة.
وتورد الصحيفة أنه "حتى عندما لا يكون الكشف خاصا به، إلا أن نافالني يعمل كمكبر للصوت، ويوصله إلى 1.68 مليون متابع على (تويتر)".
وينقل التقرير عن المتحدث باسم روزنيفت وسيتشين، ميخائيل ليونتييف، قوله: "هذا ما يفعله نافالني – يجمع القمامة"، وقال المتحدث باسم بوتين، ديمتري بيسكوف إن الكرملين "لا رأي له" حول نافالني، في الوقت الذي رفض فيه المتحدث باسم النائب الأول لرئيس الوزراء، شوفالوف، التعليق.
وتقول الصحيفة: "أما بالنسبة لغليب بافلوفسكي، الذي كان مستشارا لبوتين في عقده الأول في السلطة، فإن هذه الفضائح كلها تثبت أن حملة الدولة ضد الفساد هي ليست أكثر من مجرد تحويل للأنظار عن الحدث الرئيسي – حرب البقاء بين المجموعات المتنافسة.. وهي حرب يعد نافالني مفيدا فيها"، وقال بافلوفسكي: "كل شخص في هذه الساحة في حالة صراع".
ويشير التقرير إلى أنه منذ عام 2011، عندما حاول نافالني أن يبني شعبيته، بصفته رجل قانون يملك أسهما في شركات ضخمة تديرها الدولة، مثل "غازبروم" و"ترانزنيفت"، لدخول المعترك السياسي، تم اعتقاله عدة مرات، وتم فرض الإقامة الجبرية عليه لمدة عام، وتمت إدانته بالاحتيال، ويقول إن القضية لفقت له لمنعه من الترشح، كما فعل في عام 2013، عندما تسبب بإعادة الانتخابات لعمدة موسكو ضد المرشح الذي اختاره بوتين بنفسه، والذي هو عمدة موسكو الحالي.
وتنقل الصحيفة عن نافالني، قوله إنه تم حكمه مع وقف التنفيذ، وهو ما أنجاه من السجن، مستدركة بأن أخاه يقضي حكما بالسجن لمدة عامين "رهينة"، بحسب وصفه.
ويذكر التقرير أن المؤيدين في روسيا يعدون نافالني "جوليان
أسانج الروسي"، في إشارة إلى مؤسس ويكليكس، الذي أزعج حملة كلينتون لانتخابات الرئاسة، مستدركا بأن نافالني قال إنه لا علاقة له مع مجموعة محاربة السرية، وإن مؤسسته تعمل بشكل مختلف، حيث تعتمد على ما تحصل من معلومات متوفرة، وأبحاث المواطنين، وليس على معلومات مقرصنة، بالإضافة إلى أنه يرفض اتهامات منتقديه بأنه يعمل لصالح أمريكا، كما ادعى المدير التنفيذي لشركة "ترانسنيفت"، نيكولاي توكاريف عام 2011، بعد أن أنهى نافالني زمالة في جامعة يال، وبعدها ساعد على إنزال عشرات الآلاف إلى شوارع موسكو في أكبر تظاهرات ضد بوتين.
وتكشف الصحيفة عن أنه فيما يتعلق بادعاء أمريكا حول وجود تعاون روسي مع ويكيليكس، الأمر الذي ينكره الكرملين، فإن نافالني يقول إنه قد يكون صحيحا، وقال إنه قبل عدة أشهر كان مثل هذا الادعاء سيظهر على أنه "مؤامرة لا أصل لها.. لكن الآن، ولدى رؤية تزامن تسريبات ويكيليكس مع الدعاية الكاذبة للإعلام الروسي، مثل روسيا اليوم وسبوتنك، فإن هناك أسبابا للافتراض بأن مثل هذا التعاون محتملا".
ويلفت التقرير إلى أن نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن قال في 15 تشرين الأول/ أكتوبر، إن إدارة أوباما سترد على القرصنة الروسية "في الوقت الذي نختاره، وفي الظروف التي سيكون لردنا أعظم تأثير".
وتجد الصحيفة أن مثل هذا التهديد يرفع من احتمال أن تكون لدى أمريكا تفاصيل سرية للتعاملات المالية للدائرة الضيقة حول بوتين، التي قد تتسبب بأضرار سياسية أكثر من أي شيء كشفه نافالني، بحسب ما قاله الخبير في الفساد من مجموعة "إنديم" للأبحاث في موسكو فلاديمير ريمسكي.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول نافالني إنه سعيد لأن يستمر في دوره، بصفته شوكة في خاصرة بوتين.