دعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة،
المغرب إلى الإفراج الفوري عن معتقليْن بتهم تشكيل تنظيمات إرهابية، ويتعلق الأمر بكل من عبد القادر بلعيرج، وحمو الحساني، بعد قضائهما أكثر من 10 سنوات رهن الاعتقال.
وطالب الفريق المعني بحالات
الاعتقال التعسفي التابع للأمم المتحدة في تقرير نشره الموقع الرسمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، ليل الخميس، المغرب إضافة إلى 17 دولة مختلفة، بضرورة الإفراج الفوري عن 58 شخصية؛ وذلك لـ"اعتقالهم تعسفيا".
ودعا الفريق الأممي، إلى إطلاق سراح عبدالقادر بلعيرج، في اتهامهما بـ"ارتكاب أعمال إرهابية"، المحكوم عليه بالمؤبد، وحمو الحساني، الصادر بحقه حكم بالإعدام قبل أن تخفض إلى السجن 15 عاما.
أمير خلية بلعيرج
اعتقل عبد القادر بليرج، يوم 18 فبراير 2008 ضمن شبكة "إرهابية" اتهمته السلطات بتزعمها، توبعت بقانون الإرهاب تحمل اسمه، والمدان بالمؤبد.
ووجهت منظمة "الكرامة" الدولية، المستقرة في جنيف السويسرية وتعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، طلبا إلى منظمة
الأمم المتحدة، عبر مجموعة العمل الأممية المعنية بـ"الاعتقال التعسفي"، للضغط على السلطات المغربية من أجل الإفراج الفوري عن بلعيرج وتعويضه عن سنوات الاعتقال.
وتصف المنظمة ذاتها هذا الاعتقال بـ"التعسفي"، مشيرة إلى أن بليرج، 59 سنة، المدان بالمؤبد منذ 2008 بتهم ثقيلة هي "الضلوع في ارتكاب ست جرائم قتل"، و"التخابر مع الأجهزة البلجيكية"، و"قيادة تنظيم إرهابي يُهدد الأمن القومي المغربي والبلجيكي"، تمت إدانته بناء على "تعرضه للاختطاف والتعذيب من طرف السلطات المغربية".
عبد القادر بليرج ألقي القبض عليه يوم 18 يناير 2008 بمراكش، ضمن عملية قالت إنها تمت "خارج القانون دون مبرر أو توجيه تهمة"، مضيفة أنه اختفى عن الأنظار لمدة 28 يوما، "تعرض خلالها للحرمان من مختلف حقوقه، ولتعذيب يحمل آثاره إلى حدود الساعة، ووقع على إثره محضر إدانته".
وتقول رشيدة بليرج، زوجة عبد القادر القاطنة برفقة ابنيهما في بلجيكا، إن اعتقال زوجها هو "سياسي بالدرجة الأولى، ولا صلة له بالتهم الموجهة إليه، خاصة أن أعضاء الخلية ينتمون إلى حزب البديل الحضاري ذي المرجعية الإسلامية"، مشددة على أن عددا من قادة الحزب الذين أدينوا بأحكام ثقيلة في الملف تم الإفراج عنهم بعد عامين من متابعتهم بموجب عفو ملكي، "مقابل الاحتفاظ بعبد القادر و17 آخرين".
ودفعت منظمة "الكرامة" بأن المغرب مطالب بالإفراج الفوري عن بليرج وتعويضه، مستندة في ذلك إلى الفصل 19 والفصل 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، "الضامن للحق في عدم الاعتقال بشكل تعسفي ودون مبرر"، مشددة على أن تحركها يأتي عبر الآلية الأممية "الضامنة لحماية حقوق الإنسان"، فيما أحالت على قرار القضاء البلجيكي بعدم متابعة بليرج في تشرين الأول أكتوبر 2013، المستند إلى الحجج نفسها المقدمة ضده في المغرب.
يشار إلى أنه بتاريخ 18 فبراير 2008، خرج وزير الداخلية وقتها، شكيب بن موسى، في ندوة صحفية أعلن من خلالها تفكيك السلطات المغربية لخلية إرهابية تضم قرابة 30 شخصا ويتزعمها "عبد القادر بليرج". وتمت إدانة بلعيرج، 59 سنة، بالمؤبد، ووجهت تهم ثقيلة هي "الضلوع في ارتكاب ست جرائم قتل"، و"التخابر مع الأجهزة البلجيكية"، و"قيادة تنظيم إرهابي يُهدد الأمن القومي المغربي والبلجيكي".
حمو الحساني
طالبت منظمة "الكرامة" في 15 تموز يوليو 2015 في مذكرة رفعها الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، كان يبلغ من العمر آنذاك 23 سنة ويعمل بائعا متجولا، وحكم عليه بالسجن 15 سنة، إثر محاكمة انتفت منها شروط المحاكمة العادلة، استندت فيها الهيئة القضائية على اعترافاته المنتزعة تحت التعذيب فقط. ولا زال محتجزا إلى اليوم بسجن تيفلت الواقع على بعد 50 كلم شرق الرباط.
وقالت في مذكرتها في 15 كانون الأول ديسمبر 2004 قامت مصالح الأمن المغربية بالقبض على حمو الحساني في عملية اتسمت بالعنف، ثم احتجزته في السر بمكان مجهول، قبل أن توجه له تهمة حيازة الأسلحة رغم غياب الأدلة والبراهين.
وأضافت نقل في 26 ديسمبر 2004 إلى مركز تمارة السري قرب مدينة الرباط، حيث قضى ثمانية أيام ذاق فيها أفاد الحسني أن الضرب والصعق بالكهرباء طال جميع أنحاء جسمه، إضافة إلى تعذيبه بـ "الشيفون".
وتابعت بقي الحساني محتجزا بمعزل عن العالم الخارجي أكثر من عشرة أيام تذوق خلالها كل أنواع التعذيب وسوء المعاملة قبل إحالته في 15 يناير 2005 على الوكيل العام الذي وجه له تهمة المشاركة في جريمة قتل، دون تقديم أية تفاصيل عن الضحية "المزعومة" في الملف. والتمس محاميه من قاضي التحقيق الأمر بفتح تحقيقات إضافية لتحديد هوية الضحية، لكنه تجاهل الطلب منتهكا بذلك حق الدفاع.
وجهت في الأخير لحمو الحساني تهم مختلفة تشمل "القتل مع سبق الإصرار والترصد" و "إخفاء جثة تم التمثيل بها" و "تكوين عصابة لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية" و "ممارسة نشاط في جمعية غير مرخص لها" و "عقد اجتماعا عموميا دون تصريح مسبق".
وقررت محكمة الاستئناف بالرباط في 9 نوفمبر 2005 الحكم عليه بالإعدام لمشاركته في جريمة قتل، مستندة في ذلك على محاضر الشرطة المتضمنة لاعترافاته المنتزعة تحت التعذيب والتهديد. المثير في الأمر أن القضاء برأ وأفرج عن المدعو بنداود الخملي، المتهم الرئيسي في جريمة القتل المزعومة.
بعد مرور تسع سنوات على اعتقاله، وإثر حملة إعلامية واسعة، قامت محكمة الاستئناف بالرباط بمراجعة قضيته، وقررت في نوفمبر 2013 "الأخذ بعين الاعتبار صغر سن المتهم حين وقوع الجريمة المزعومة سنة 1996" وحكمت عليه بالسجن 15 سنة بدل الإعدام. فقام حمو برفع قضيته إلى محكمة النقض التي "قضت برفض الطلب، وأيدت الحكم الصادر عن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالرباط في نوفمبر 2013".
وإلى ذلك أوضح البيان أن
توصية فريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي، اعتمدت على آراء فريق من الخبراء في الأمم المتحدة في جلسة عقدها في مدينة جنيف السويسرية، خلال الفترة من 22 إلى 26 غشت الماضي.
وبحسب موقع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، يتألف الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة من خمسة خبراء مستقلين من مختلف مناطق العالم.
واتهم البيان الدول المذكورة بـ"حرمان المحتجزين الـ 58 من حريتهم بطريقة تعسفية، وتتنافى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان"، وأوصى الفريق الأممي بـ"الإفراج عنهم وبتعويضات عن فترة اعتقالهم".