خلفت الأمطار الغزيرة والفيضانات التي شهدتها الأقاليم الصحراوية الجنوبية، وفاة 7 أشخاص، أربعة منهم من أسرة واحدة، كما تسببت السيول في جرف عدد كبير من القنابل العنقودية والألغام الأرضية المضادة للأشخاص والآليات، ونفوق عشرات المواشي.
وتعد هذه المرة الأولى منذ سنوات التي تعرف فيها المنطقة تساقط كميات كبيرة من الأمطار مصحوبة برياح قوية، تسببت في فيضان وديان وأنهار المنطقة أشهرها وادي الساقية الحمراء بين العيون والسمارة.
الضحايا
ارتفع عدد قتلى
الفيضانات إلى سبعة أشخاص بعد التأكد من وجود شخصين مفقودين، بعد وفاة عائلة كاملة مكونة من أربعة أشخاص من قبيلة العروسي.
أدى ارتفاع منسوب واد الساقية الحمراء والفيضانات الناجمة عنه، في وفاة عائلة بكاملها غرقا، فيما سبق لوزارة الداخلية أن أكدت وفاة شخص واحد الاثنين بسبب الفيضانات ذاتها، وذلك بحسب ما أفادت به مصادر محلية من العيون.
وارتفعت المياه إلى حد قنطرة فم الواد أدى إلى انقطاع الطريق الوطنية رقم 1 وتردي خدمات الكهرباء وانقطاع تام للإنترنت والهاتف.
وكشفت المصادر ذاتها، أنه بالإضافة للشخص الذي أعلنت عنه الداخلية، فإن أبا وأما غرقا رفقة ابنتيهما بمياه الفيضانات، التي اجتاحت مناطق بمدينة العيون وخلفت أضرارا مادية وخسائر بشرية.
هذا، وتواردت هذه الأخبار من مصادر مختلفة من مدينة العيون، في انتظار بيان لوزارة الداخلية يؤكد أو ينفي هذه المعلومات بخصوص العدد النهائي لضحايا الفيضانات بالصحراء.
واستقبل مستودع الأموات بمستشفى الحسن بن المهدي بالعيون صباح يوم الثلاثاء 1 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري جثثا لم يتسن التأكد من عددها، ويحاط الموضوع بسرية تامة لم تعرف أسبابها، فيما ربط البعض ذلك بالرغبة في تجنب ردود فعل غاضبة من عائلات الضحايا وبالتالي خروج الأمور عن السيطرة.
الفيضانات
قالت السلطات المحلية لولاية العيون، إن ارتفاع منسوب المجاري المائية المجاورة لسد المسيرة تسبب في إلحاق أضرار ببعض المنازل المتواجدة بالأحياء المحاذية للوادي، حيث تم إخلاؤها وترحيل 54 عائلة وإيواء أفرادها بأماكن آمنة، كما تسببت المياه في قطع الطريق الوطنية رقم 1 والطريق الساحلية الرابطتين بين مدينتي العيون وطرفاية.
وأوضحت وكالة
المغرب العربي للأنباء، في بلاغ لها، أن السلطات المحلية للعيون، أوضحت أن سد المسيرة عرف ارتفاعا هاما بنسبة ملء وصلت إلى 205 ملايين متر مكعب جراء فيضانات وادي الساقية الحمراء الناجمة عن التساقطات المطرية التي عرفتها مؤخرا المناطق الجنوبية للمملكة.
وكان وزير الداخلية، محمد حصاد، انتقل رفقة وزيره المنتدب، الشرقي الضريس، والوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن المكلفة بالماء شرفات أفيلال إلى مدينة العيون، لمدارسة الأوضاع الراهنة للأقليم بسبب الفيضانات التي حلت بالمنطقة، ومعاينة الخسائر التي خلفتها السيول.
الوضع المأساوي
قالت خديجة أبلاضي، فاعلة مدنية من مدينة العيون: "عرفت منطقة الساقية الحمراء ومحور العيون السمارة خلال الفترة الممتدة ما بين 26 تشرين الأول/أكتوبر إلى فاتح تشرين الثاني/نوفمبر تساقطات مطرية ورياحا قوية أسفرت عن قطع الطريق ابتداء من 29 تشرين الأول/أكتوبر ولازالت لحد الساعة.
وأضافت خديجة أبلاضي في تصريح لـ"
عربي21": "لقد استمر انقطاع الكهرباء والإنترنت لأكثر من ثلاثة أيام وقد عمت الفيضانات جماعة الدشيرة القروية حوالي 13 كلم شمال العيون".
وسجلت خديجة: "أدى زحف السيول بوتيرة متصاعدة إلى حدوث خسائر فادحة بجماعة فم الواد التي تبعد عن العيون بـ15 كلم شملت الضيعات الفلاحية ورؤوس
الماشية من أبقار وماعز وإبل وخسائر بشرية".
وتابعت: "انقطاع الطريق تسبب في عزلة تامة لبعض المداشر، حيث لا أكل ولا شرب لأكثر من ثلاثة أيام، وأيضا انقطاع الكهرباء كما جرفت السيول
الألغام بما يشكل خطرا يتهدد الأرواح البشرية والحيوانية".
وشددت على أن "انقطاع الطريق الوطنية رقم 1 بين طرفاية والعيون تسبب في إتلاف السلع والبضائع التي كانت محمولة عبر الشاحنات بعد عجزها عن الوصول إلى غاياتها".
وأفادت أن "توقف حركة الناقلات والشاحنات خلق موجة من الغضب والاستياء لدى السائقين وأرباب السلع نظرا للخسائر المالية الضخمة، وأيضا عدم تفاعل المسؤولين المحليين أو تأخر تجاوبهم مع تطورات الأحداث".
الجيش والألغام
تعمل وحدات خاصة من الجيش على تفكيك الألغام التي ظهرت في الأيام الأخيرة، والعمل على إبطال مفعولها خوفا من انفجارها في وجه المدنيين الذين يمرون بتلك المناطق التي ضربتها الفيضانات منذ نهاية الأسبوع الماضي.
ودخلت جمعيات تنشط في مجال الدفاع عن ضحايا الألغام بالأقاليم الصحراوية على الخط من خلال محاولة توعية السكان المدنيين بخطورة التوجه إلى المناطق التي توجد بها حقول الألغام، التي تخلف بين الفينة والأخرى عددا من الضحايا.
ووجه الهلال الأحمر نداء إلى السكان بضرورة استعمال الطرق المعبدة فقط وعدم الدخول إلى المناطق التي ضربتها الفيضانات إلى حين تنظيفها من طرف الوحدات الخاصة للجيش، موضحا أن المنطقة كانت معروفة بالرعي وكانت تستعمل في عمليات تربية الماشية من طرف بعض الفلاحين بالمنطقة قبل أن تنتشر بها الألغام.
وناشد الهلال الأحمر بالسمارة المواطنين، وخاصة الذين يزورون واد الساقية الحمراء، لتوخي الحذر الشديد وأخذ الاحتياطات اللازمة من كل الأجسام الغريبة والمشبوهة، كالألغام المنفجرة وغير المنفجرة التي خلفتها السيول، وإبلاغ السلطات عنها من أجل التعامل معها كي لا تشكل خطرا على حياتهم.
الغضب من بطء الدولة
وقالت الفاعلة المدنية خديجة أبلاضي: "نسجل أن تدبير الأزمة وتدبير المخاطر للحد من أخطار الكوارث التي شهدتها جهات
الصحراء أمر غائب بشكل مطلق لدى السلطات والمنتخبين، وحتى لجان اليقظة المفروض فيها أن تتعبأ لمثل هاته الظروف والمحطات نجدها غائبة تماما".
ومضت تقول: "وهنا نتساءل أين العمل الاستباقي في تدبير الأزمات بناء على حجم الخسائر البشرية والمادية التي خلفت حالة من الحزن عند ساكنة الصحراء؟".
وأكدت: "هذا الوضع ساهم في ندرة بعض المواد الغذائية داخل العيون مما دفع ببعض التجار إلى احتكار هاته المواد والعمل على الرفع من أسعارها مما خلق موجة احتقان شديد لدى المواطنين".
وأوضحت أبلاضي: "على العموم نسجل التأخر الذي تعاملت به السلطات المحلية والمنتخبون المحليون الذين يدبرون الشأن المحلي بالمنطقة".