قالت مجلة "جون أفريك" إن رئيس
التونسي الباجي قايد السبسي بصدد تكوين
جبهة سياسية جديدة، تضم أحزابا وشخصيات سياسية "ذات مرجعية ديمقراطية حداثية"، قصد منافسة حركة النهضة الإسلامية في الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
وتابعت المجلة في تقرير خبري نشرته، الثلاثاء، وترجمته "عربي21" أن قايد السبسي تأكد من تفكك حركة نداء تونس، حزبه الذي أسسه في 16 يونيو 2012، وهو ما جعله يقترح على المعارض لنظام بن علي السابق وإبان حكم "الترويكا" السياسي أحمد نجيب الشابي الالتحاق بقيادة الجبهة الجديدة.
وتابعت المجلّة في تقريرها، الذي نسبت ما جاء فيه إلى مصادر من القصر الرئاسي، أن السبسي يهدف إلى الدخول بجبهة قوية تنافس حركة النهضة، خاصة في الانتخابات البلدية القادمة المزمع إجراؤها في 2018، فيما أكدت أن الأخير حسم أمره بعدم الترشّح للانتخابات الرئاسية 2019.
النظام العالمي
ولم يستغرب الباحث والمحلّل السياسي نبيل المناعي مما جاء في التقرير، مضيفا أنّ تكوين جبهة سياسية منافسة للنهضة مسألة أكبر من السبسي ومن كل السياسيين، "بل تتجاوز كل الأحزاب السياسية في تونس، لأنّ هذا الأمر لا تحدّده الدول أو السياسيين بل يخضع للنظام العالمي الذي يتجاوز أمريكا وأقوى الدول نفسها"، كما قال.
وأوضح المناعي في تصريح لـ"عربي21" أنّ "النظام العالمي" خضعت له أوروبا وأمريكا، "فهي رغم عراقة التجربة الديمقراطية فيها فإنّ الحياة السياسية فيها تقوم إلى اليوم على جبهتين فاعلتين متنافستين فقط، في الحياة السياسية"، بحسب تعبيره.
وأضاف المناعي أن المشهد السياسي في تونس يسير اليوم باتجاه إيجاد توازن معقول، على غرار النمط السياسي في دول الغرب، مستدلا بما قاله له أحد السياسيين الفرنسيين في إحدى المناسبات "أنتم تعيشون اليوم قصتنا وتاريخنا بحذافيره".
وقال المناعي "إن من أبرز أسس النظام العالمي قطع الأحزاب القوية مع "الانتشار الشعبي"، على غرار حركة النهضة، والخضوع إلى الضوابط الهيكلية المقـنّنة، التي برأيي تحدّ من انتشار الأحزاب في أوساط الشعب".
الشرط العالمي
وأكد أن حركة النهضة قبلت بهذا "الشرط العالمي" منذ عودة نشاطها في تونس بعد ثورة 14 يناير 2011، مشيرا إلى أنّ الأمر تجسّد على أرض الواقع في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في تشرين الأول 2011، حيث تحصّلت على عدد من الأصوات أكبر بكثير مما تمّ الإعلان عنه حينها".
وواصل بقوله "لاحظوا أن النهضة سارت في طريق عدم الحصول على الأغلبية في الانتخابات التشريعية عام 2014، ولم تدعم الرئيس السابق منصف المرزوقي في الانتخابات الرئاسية، رغم أنّه كان حليفها خلال فترة حكم الترويكا، وفسحت المجال للباجي قايد السبسي للفوز، رغم أنّه كان وحزبه من أشد معارضيها ومنافس لها"، بحسب قوله.
وختم المناعي بقوله "الدول كالإنسان يحتاج إلى ساقين كي يستطيع السير فيرتكز على اليمنى ليحرك اليسرى وهكذا، ونحن سائرون نحو صناعة استقرار سياسي يرتكز على جبهتين قويتين على غرار ما هو موجود في الدول الغربية مع بعض الاختلافات البسيطة"، وفق تعبيره.
بديل لنداء تونس
ويرى مراقبون أنّ الرئيس السبسي داهية سياسي بامتياز وهو فاعل أساسي في المشهد السياسي الحالي، حيث لا يصعب عليه إيجاد بديل لحزبه "نداء تونس" الذي انقسم وأنهكته الخلافات ما يحتّم عليه تأسيس جبهة أو حزب جديد على أنقاضه.
وأكد موقع "سكوب أنفو"، الثلاثاء، أنّه رغم تكذيب مستشاري السبسي، فإنّ الأخير شرع فعلا في تأسيس حزبه الجديد الذي "سيخاط على مقاس يوسف الشاهد (رئيس الحكومة الحالي) الخليفة المنتظر للسبسي حسب مخططه".
وأضاف الموقع أنّ السبسي "خطط لذلك منذ أشهر وأنه بدأ فعليا في التنفيذ عندما رفع يده عن الحبيب الصيد وقرر تكوين حكومة وحدة وطنية، وهم اسم الحزب الجديد".
وتابع "كما أنه حاول تفتيت بعض الأحزاب تدريجيا من خلال الإصرار على إشراك شخصيات في الحوار أو في التركيبة الحكومية وهي عملية اختراق لحزب "المسار" اليساري من خلال أمينه العام سمير الطيب (وزير الفلاحة) واتحاد الشغل بعبيد البريكي ومحمد الطرابلسي (وزيرا الوظيفة والشؤون الاجتماعية)، وبعض الأحزاب الأخرى، على غرار الوزراء إياد الدهماني ومهدي بن غربية ومبروك كرشيد، إلى جانب استمالة منجي الرحوي لضرب الجبهة الشعبية".
يشار إلى أن حركة النهضة استعادت موقعها ككتلة أولى في البرلمان التونسي بـ69 نائبا بعد أن كان متساوية في العدد مع نداء تونس (68 نائبا) الفائز في انتخابات 2014 بـ86 مقعدا قبل انشقاق العشرات منهم والتحاقهم بحركة "مشروع تونس" الذي أسّسه محسن مرزوق، الأمين العام السابق للنداء ومدير حملة السبسي في الرئاسية.