كتاب عربي 21

معادلة جديدة في العلاقات السعودية المصرية

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600
تشهد العلاقات بين اللاعبين الإقليميين في المنطقة تقلبات، في ظل التطورات والأحداث التي تعيد خارطة الاصطفاف والتحالفات، وفقا للتحديات والمتغيرات التي تفرض على الأنظمة إعادة النظر في سياساتها ومراجعة حساباتها، للحفاظ على أمنها ومصالحها. ومهما كانت تاريخية ومتينة، فإن جميع العلاقات الثنائية تأخذ نصيبها من هذه التقلبات ولو بأشكال مختلفة ونسب متفاوتة. 

المملكة العربية السعودية ومصر من أهم اللاعبين في المنطقة، وعلاقاتهما ليست بمعزل عن تأثير اختلاف المواقف ووجهات النظر في المستجدات. وهناك معادلة جديدة بدأت تتشكل في الآونة الأخيرة بين الرياض والقاهرة، وسط أسئلة يطرحها المراقبون، لفهم حاضر العلاقات السعودية المصرية واستشراف مستقبلها.

مواقف مصر من أهم الملفات الإقليمية، كالملف السوري والملف العراقي وحتى الملف اليمني، تثير في بعض الأحيان انزعاج السعوديين الذين يريدون أن يروا القاهرة إلى جانب الرياض في تلك الملفات، بدلا من الاصطفاف مع خصوم المملكة، كما حدث في تصويت المندوب المصري في مجلس الأمن لصالح مشروع القرار الروسي بشأن التهدئة في حلب، وتؤدي إلى توجيه السعوديين انتقادات غير مسبوقة إلى مصر السيسي، غير أن الإعلام المصري بضوء أخضر من القيادة المصرية يرد على تلك الانتقادات بشدة وعنف وبذاءة تليق بالانقلابيين.

وفي آخر مثال لردة فعل الإعلام المصري على ما صدر من السعوديين، فقد شن الإعلاميون المصريون هجوما لاذعا على الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني، بعد أن سخر مدني من السيسي في مستهل كلمته في مؤتمر "الإيسيسكو" بتونس، حين أخطأ في اسم الرئيس التونسي وقال "الباجي قايد السيسي"، ثم تدارك الخطأ ليوضح أن اسمه "السبسي"، ووصف ما قام به بــأنه "خطأ فاحش"، وأضاف موجها حديثه للسبسي: "أنا متأكد بأن ثلاجتكم فيها أكثر من الماء، فخامة الرئيس". 

الانقلابيون المصريون اعتبروا مزحة مدني إساءة لمصر ورئيسها، وأثاروا ضجة كبيرة، ما دفع مدني إلى إصدار بيان يعتذر فيه، ويؤكد أن ما قاله كان على سبيل المزاح والدعابة، ولم يقصد من خلاله توجيه أي شكل من أشكال الإساءة للقيادة المصرية ممثلة بالسيسي، إلا أن هذا الاعتذار لم يشفِ غيظهم ولم يكن كافيا لتهدئتهم، وبالتالي فإنهم واصلوا تصعيدهم حتى نجحوا في إسقاط مدني من منصبه.

منظمة التعاون الإسلامي أعلنت، مساء الاثنين، استقالة أمينها العام إياد مدني لــ"أسباب صحية"، إلا أن الجميع يعرف أن هذه الاستقالة جاءت بسبب ضغوط مارستها مصر، وربما شاركت فيها دول أخرى، بعد تعليق مدني الساخر على "ثلاجة السيسي".

هذه الاستقالة أو الإقالة المقنَّعة عزَّزت المعادلة الجديدة التي بدأت تفرض نفسها منذ فترة على العلاقات السعودية المصرية، وهي باختصار شديد أن تشن وسائل الإعلام المصرية المحسوبة على الانقلابيين هجوما شرسا على السعودية كلما وُجِّهت انتقادات من الرياض إلى القاهرة بسبب مواقفها التي تثير استياء المملكة، وأن يهدد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بالتحالف مع خصوم السعودية، إيران وحلفائها، كلما تلكأت المملكة في الاستجابة لمطالب السيسي، وأن تخضع السعودية في النهاية لابتزاز الانقلابيين، حتى لا ينقلبوا عليها لتصبح مصر السيسي عدوا جديدا للرياض. 

الانقلابيون في مصر يدركون جيدا مدى رغبة الرياض في الحفاظ على علاقاتها مع القاهرة، خوفا من انقلاب السيسي على المملكة، كما انقلب الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، ويرون أن هذا الخوف ورقة فعالة يمسكونها بأيديهم لابتزاز السعودية والضغط عليها، كما أن إجبار مدني على الاعتذار والاستقالة أكَّد لهم بما لا يدع مجالا للشك مدى فعالية هذه الورقة الثمينة، ما يعني أن السعوديين سوف يسمعون من الإعلام المصري الموالي للسيسي في المستقبل كلمات بذيئة وشتائم مماثلة كلما أراد الانقلابيون ابتزاز الرياض.

جرأة الانقلابيين المصريين في التطاول على السعودية ورموزها تعود أيضا إلى قناعتهم بأن مصر ليست بحاجة ماسة إلى المملكة في ظل علاقاتها القوية مع إسرائيل، وأن هناك مساحة واسعة للمناورة في المنطقة ما رضيت عنهم تل أبيب. وبعبارة أخرى، إن ابتعدت السعودية عن مصر فلإن هناك العراق وحتى إيران مستعدة للتقارب مع القاهرة. كما أن الانقلابيين في مصر ينظرون إلى دول الخليج على أنها "بقرة حلوب"، ويعتقدون بأن المساعدات التي تقدمها السعودية واجب عليها و"رد جميل واثنين وثلاثة"، كما قال النائب المصري ضياء الدين داود، ويصرِّحون بأن "الولد هيعيط لأبوه" لو رفعت مصر أيديها، وبالتالي يرون أنفسهم الطرف الأقوى في المعادلة. 

* كاتب تركي
التعليقات (1)
محمد الدمرداش
الخميس، 03-11-2016 08:54 م
معادلات محفوظة ....................... المعادلة الأولى هي الاقتصاد عصب السياسية ؛ المعادلة الثانية هي قوة الجيوش من حيث الكم و النوع و التدريب و العتاد مقياس السيادة ؛ المعادلة الثالثة السياسية هي فعل الممكن في حدود المتاح لتحقيق أكبر مكاسب و تجنب أي مخاسر أن أمكن . المعادلة الرابعة هي العلاقات المصرية السعودية منذ نشأت المملكة العربية السعودية في مد و جزر و محدداتها المصالح ليس إلا . المعادلة الخامسة هي الأعلام المصري هابط دون المستوى بذئ أقرب إلى لغة الحوارى لا يرتقى إلى أسلوب رفيع أو ثقافة معتبرة فانعكاساته في المجتمع المصري سوء أخلاق العامة و تسطح ثقافي . و بعد هذه المعادلات فالسعودية تسبح باقتدار و مصر تغرق في المرار و يكفيك النظر إلى اقتصادها و لن أشير على عموم الحياة السياسية سواء داخلية أو خارجية و لا توعكات الجيش المصري في سيناء و على أبواب القاهرة .