كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" النقاب عن أسرار تجنيد المخابرات السوفييتية لعدد من
الجواسيس داخل
إسرائيل خلال فترة الستينيات من القرن المنصرم.
وقالت الصحيفة إن الضابط الروسي فاسيل ميتروكين قام بتخبئة أرشيف جهاز الـ"كي جي بي" (المخابرات السوفييتية) في علب الحليب ودفنها بالتراب في قبو بيته الصيفي، لكنه في بداية التسعينيات أجرى اتصالا مع الغرب، وفي حملة سرية طار هو وعائلته مع أواني الحليب المحملة بالأسرار إلى بريطانيا.
وأحدثت الوثائق التي جلبها بحسب الصحيفة، هزة أرضية استخبارية في دول عديدة. فقد ألقي القبض على جواسيس في إنجلترا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وغيرها، وتلقت الاستخبارات الروسية إحدى الضربات الأقسى في تاريخها. والتقديرات هي أن الوثائق في أواني الحليب كشفت حتى الآن نحو ألف عميل في أرجاء العالم.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحد أهم أهداف جهاز الاستخبارات الروسي كان الأحزاب السياسية في إسرائيل في بداية الخمسينيات. وشرع الروس في حملة واسعة النطاق تحت الاسم السري "ترست"، للتسلل إلى حزب "مبام". وبحسب وثائق ميتروكين فقد كان لهم نجاح لا بأس به.
وأوضحت أن ما لا يقل عن ثلاثة نواب يوجدون في الوثائق كعملاء، أحدهم يسمى بالاسم السري "غرانت" ويزعم هناك أنه "يسكن في كيبوتس شوفال قرب بئر السبع".
وكتب في وثائق ميتروكين أن هذا كان الشاعر والسياسي الكبير النائب أليعيزر غرانوت، الذي كان عضوا في لجنة الخارجية والأمن وزعيما لحزب "مبام" وفقا للصحيفة.
وتقول الوثائق إن غرانوت جند في الفترة التي سبقت حرب الأيام الستة على أيدي رجل الـ "كي جي بي" الكبير يوري كوتوف، والعلاقة معه انقطعت مع إخلاء السفارة في 1967. وروى دان غرانوت، نجل النائب أليعيزر غرانوت معقبا، أنه كطفل كان شاهدا للقاءات ليلية تعقد مع كوتوف الذي كان يصل في سيارة دبلوماسية "وكان يجلب معه الفودكا فاخرة والنقانق الهنغارية الفاخرة".
وأضاف أن المخابرات الروسية لم يقتصر عملها على السياسة فحسب، بل إنه نجح في أن يجند أيضا العميل "بوكر" الذي كان مهندسا كبيرا في المشروع القطري للمياه، والذي كان يعتبر سرا كتوما في إسرائيل.
وأشارت إلى أن أحد العملاء الذي كان يحمل اسم "جيمي" وعين في منصب سري في الصناعة الجوية، هو لواء في الهندسة، وعالج في حينه موضوع التخطيط لطائرة "هلافي" إلى جانب عميل آخر كان يعمل في صيانة دبابة "ميركافا"، ويبلغ لمسؤوليه في المخابرات عن المدرعة الإسرائيلية.
وقالت الصحيفة إن قائمة الجواسيس والعملاء للـ"كي جي بي" والتي ستصدر يوم الجمعة القادم، تضم أيضا بعضا من رجال الإعلام، ورجل استخبارات خفي على نحو خاص حصل على الاسم السري "ميلنكا" هو بحسب الوثائق عمل في قسم التجسس المضاد لجهاز الشاباك الإسرائيلي.
ولكن فوق كل هذا، فقد كان تجنيد أحدهم مختلفا وخاصا. فقد نجح الروس في تجنيد لواء في الجيش الإسرائيلي من بين أعضاء هيئة الأركان العامة. ففي العام 1993، حين وصلت وثائق ميتروكين إلى لندن، فقد نقلت الاستخبارات البريطانية اسم اللواء والمادة ذات الصلة للشاباك في إسرائيل.
ويقول رجل الاستخبارات القديم: "في الشاباك لم يكشفوا لي عن اسم اللواء، ولكني فهمت منهم كم كانت الصدمة كبيرة عندما تلقوا المعلومات من البريطانيين. وفي ضوء حالة اللواء الصحية. وبرأيي أيضا بسبب الحرج الذي كان سيلحق بالجيش ودولة إسرائيل كلها إذا ما علم بالقصة، فقد تقرر عدم العمل ضده وعدم تقديمه إلى المحاكمة. وبحسب علمي فقد توفي بعد وقت قصير من ذلك".