في ظل الضغط الكبير الذي تعيشه القوى الأمنية ذات الموارد الضعيفة في أفغانستان، بين التصدي للجريمة ومقاومة عمليات حركة طالبان، لم يجد المسؤولون في الشرطة سوى حل واحد لمواجهة ظاهرة
سرقة السيارات، وهو تفريغ
إطارات السيارات المركونة في الشارع من الهواء.
وبعد انتهاء حفل زفاف أقيم في كابول مؤخرا، فوجئ نجيب الله برؤية إطارات سيارته خاوية من الهواء، مع أربع سيارات غيرها. وحاله في ذلك حال كثيرين من سكان المدينة الذين باتوا يتجنبون ركن سياراتهم في الشارع لهذا السبب.
فالعاصمة الأفغانية البالغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، تعيش على وقع العمليات الانتحارية التي ينفذها عناصر "طالبان" بين الحين والآخر.
ويضع هذا الواقع المضطرب القوى الأمنية في ضغط كبير، بحيث تضطر إلى استخدام أساليب فريدة لمكافحة الجرائم البسيطة، ومنها تفريغ إطارات السيارات المركونة في الشوارع بحيث تصعب سرقتها.
ويقول فريدون عبيدي رئيس قسم التحقيقات الجنائية في شرطة كابول: "تطلب الشرطة بكل لياقة من السكان تجنب ركن السيارات في الشارع، لكنهم يتجاهلون ذلك". ويضيف أن "ركن السيارة في الشارع هو دعوة للسرقة، ينبغي على السكان أن يدركوا الطاقة التي نبذلها في ملاحقة الإرهابيين".
طريقة ناجحة
ومنذ مطلع الصيف الماضي، شهدت كابول سلسلة من العمليات الدامية، كان أعنفها عملية أودت في تموز/ يوليو الماضي بعشرات القتلى في تظاهرة للأقلية الشيعية، وواحدة في شهر أيلول/ سبتمبر استهدفت جامعة أمريكية في وسط المدينة وأسفرت عن 41 قتيلا.
وتبنت معظم تلك العمليات حركة طالبان، أما تلك التي استهدفت التظاهرة الشيعية فحملت توقيع تنظيم الدولة.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد السيارات المسروقة بين آذار/ مارس وتموز/ يوليو الماضيين بلغ 300 في كابول وحدها.
ويقول كبير أحمد برماك، قائد الشرطة في المنطقة الحادية عشرة من كابول: "أحيانا ينشط اللصوص في مجموعات وأحيانا يعملون فرادى، وهم يستهدفون السيارات الأسهل".
ويضيف أنهم "يرصدون السيارات المركونة في الشوارع المقفرة في الليل، وأحيانا يفككونها إلى قطع". وإزاء ذلك، عمدت الشرطة إلى تفريغ إطارات السيارات من الهواء لجعلها أصعب على السرقة، وكان الشرطيون يمزقون الإطارات من قبل، إلى أن توصلوا لطريقة أقل ضررا.
ويقول ضابط طلب عدم الكشف عن اسمه: "حين نرى اللصوص يتربصون بالسيارات في الليل، ونرى الناس في المقابل يركنون السيارات بدون حذر، فإننا نقول إن الطريقة الأفضل لحماية السيارات من السرقة هي ثقب الإطارات".
ويؤكد الضابط أن هذه الطريقة أثبتت نجاحها.
تخريب
لكن الكثير من السكان يعربون عن استيائهم من هذه الطريقة التي تجبرهم على دفع المال لإصلاح الإطارات. ويقول إكبار: "هل دور الشرطة هو أن تخدمنا أم تضرنا؟"، وهو يصلح إطارات سيارته في سوق في كابول يطلق عليه اسم "بوش بازار" على اسم الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش.
ويضيف: "هذا ليس من العدل أبدا، يركن المرء سيارته لبضع دقائق ثم يعود ليكتشف أن اللصوص سرقوها أو خربها رجال الشرطة". ويؤكد كثير من الموجودين في ورشة إصلاح الإطارات أن لا خيار أمامهم سوى أن يركنوا سياراتهم في الشارع.
ويقول أحمد صهيب، الذي سرقت سيارته الشهر الماضي: "لا يوجد أماكن كثيرة لركن السيارات سوى في الشارع، وإن سرقت السيارة فإنه يكون من الصعب جدا العثور عليها مجددا".
أما أصحاب ورشات التصليح والعاملون فيها فيرون أن ما تفعله الشرطة يشكل خدمة كبيرة لهم. ويقول عبد الشكور الذي يعمل في واحدة من هذه الورشات: "هكذا يمنعون سرقة السيارات، ويجلبون الرزق لنا".