أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، الأحد، موقفها الرسمي من إعلان قيادات إخوانية في مقدمتهم المراقب العام السابق للجماعة، سالم الفلاحات، تقديمهم إخطارا لدى مديرية شؤون الأحزاب في الأردن لتأسيس حزب سياسي جديد.
وبحسب البيان الصحفي الذي وصل "
عربي21"، نسخة منه، فإن الجماعة نفت أي صلة لها بالحزب الجديد تحت مسمى "
الشراكة والإنقاذ".
وقالت الجماعة في البيان الذي صدر عن مكتبها الإعلامي، إن "مؤسسات الجماعة وأطرها التنظيمية لم تتخذ قرارا بالموافقة على المشاركة في تأسيس هذا الحزب أو الانضمام إليه".
وأكدت على "ضرورة الالتزام بالمؤسسية في الجماعة، والقرارات الصادرة عن مؤسساتها التنظيمية والشورية، وعدم انتساب أعضاء الجماعة إلى هذا الحزب دون قرار رسمي".
من جهته، أوضح المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان في الأردن، بادي الرفايعة، لـ"
عربي21"، أن إنشاء أي حزب سياسي جديد من أعضاء الجماعة، أمر خاضع للوائح الداخلية التي تنص على عدم تأسيس أي حزب سياسي دون علم المكتب التنفيذي، وموافقة شورى الجماعة.
وبحسب البيان الذي صدر عن الجماعة، فإنه سيتم إحالة هذا الأمر على الأطر القيادية والتنظيمية المختصة داخل الجماعة لدراستها واتخاذ الإجراءات والقرارات المناسبة بهذا الشأن.
وبيّن الرفايعة أن شورى الجماعة ستناقش الأمر، وتصدر قرارا به، ولكنه نفى أن تكون خطوة إجراء الحزب انشقاقا جديدا في الجماعة، وقال إن "الإخوة الذين أعلنوا إنشاء الحزب الجديد، حريصون على الجماعة وعضويتهم فيها، وليس لديهم نية بالانشقاق عن الجماعة، بحسب ما أعلنوه".
ووصف خطوة إنشاء الحزب بأنها "اجتهاد سياسي، من أشخاص لا يريدون أي سوء بالجماعة".
ولكنه أوضح أن الأطر التنظيمية في جماعة الإخوان هي من تحسم الأمر، وأن الجماعة ستتعامل وفقا للوائحها الداخلية.
وأكد الرفايعة أن "الجماعة دعت أفرادها إلى عدم الانضمام في الحزب، والالتزام بالمؤسسية، والقرارات الصادرة عن مؤسساتها التنظيمية والشورية، وعدم انتساب أعضاء الجماعة إلى هذا الحزب دون قرار رسمي".
واعترف بأن الجماعة تعاني من أزمة داخلية، ما أدى إلى خروج عدد "محدود" من أعضائها، وذهب آخرون إلى الخروج عن أطرها التنظيمية، جراء "خلافات على العمل السياسي"، وفق قوله.
وأضاف أن سبب ذلك كله "خلافات بين الإخوة في قيادة الجماعة"، واصفا الأمر بأنه طبيعي، جراء ما تتعرض له الجماعة من ضغوطات على الصعيد المحلي والإقليمي.
وقال: "كل من ينضم إلى الحزب الجديد من أعضاء الجماعة، عليه أن يعلم بأن هناك إجراءات تنظيمية معروفة ستتخذ بحقه".
الفلاحات يوضح
في المقابل، وافق سالم الفلاحات ما ذكره بيان جماعة الإخوان، موضحا أن "الحزب الجديد ليس له أي صلة فعلا بالجماعة، وأنه لم يتقدم أحد بشكل رسمي داخل الجماعة بإنشاء حزب منبثق عنها".
وأوضح الفلاحات الذي يعد أبرز مؤسسي حزب "الشراكة والإنقاذ" الجديد، في حديثه لـ"
عربي21"، أن الحزب يعمل تحت مظلة أوسع من الجماعة، وأنه يهدف إلى أن يلتقي جميع الوطنيين في الأردن ضمن أطر واسعة، في حزب أردني برامجي تشاركي لا تحكمه الإيدلوجيا، يكون صاحب مشروع سياسي.
وقال إن دعوة الجماعة أفرادها إلى عدم الانضمام إلى الحزب الجديد "شأنها"، وهي تملك قرارها، مضيفا: "أرجو أن تتعامل الجماعة مع الأمر بحكمة، وأن تحكم على الحزب من خلال عمله ليس إلا".
وأكد أن تأسيس الحزب ليس انشقاقا، وأنه لا يسعى لمنافسه حزب
جبهة العمل الإسلامي، الذي يعد ذراعا سياسية للجماعة.
ولكنه أشار إلى أن حزب الجبهة عرض في تعريفه بأنه حزب مستقل، وليس تابعا لجماعة الإخوان المسلمين، وأن الحزب الجديد "الشراكة والإنقاذ" لا يختلف في كون مستقلا كما الحال لدى حزب الجبهة، مضيفا أنه "إن كانت جبهة العمل حزبا غير مستقل فيجب أن تكون الأمور أكثر وضوحا"، وفق قوله.
وقال إن هذه الخطوة سياسية ولا علاقة لها تنظيميا بدعوة الإخوان، مشيرا لما حصل في تونس على سبيل المثال، من فصل للعمل الدعوي عن السياسي، موضحا أنه يدعو إلى تطبيق ذلك في الأردن، وأن الحزب الجديد يأتي من هذا المنطلق.
ودعا الإسلاميين في الأردن إلى مراجعات فكرية، وعدم إقصاء أحد، ودعا قيادة الجماعة إلى أن تنظر للحزب الجديد بعيدا عن التخندق والتحزب، وقال إن "إنشاء الحزب خطوة تهدف للتعديل الثقافي من خلال العمل الحزبي، ونحن نريد منهجية جديدة لا تقصي أحدا، ومنفتحة على الجميع".
اقرأ أيضا: قيادات بإخوان الأردن نحو تأسيس حزب سياسي.. انشقاق جديد؟
وكان الفلاحات، قدم إخطارا أوليا إلى مديرية شؤون الأحزاب في وزارة الشؤن السياسية والبرلمانية، لتأسيس حزب سياسي جديد.
وتقدم الفلاحات بطلب التأسيس مع 28 آخرين، وذلك بعد استقالة أغلبهم من حزب جبهة العمل الإسلامي، إثر خلافات داخلية، من بينها انتخابات الأمين العام للحزب قبل عامين، التي فاز فيها القيادي في الحزب محمد عواد الزيود، وكان الفلاحات مرشحا ليتولى المنصب حينها.
وكان الفلاحات (62 عاما) قال لـ"
عربي21" إن الحزب الجديد "وطني برامجي وليس بعقائدي".
أزمة الجماعة داخليا
تعاني جماعة الإخوان المسلمين في الأردن من أزمات داخلية متوالية، تمثلت بانشقاقات عدة، إذ سبق وأن أعلن المراقب العام الأسبق عبد المجيد ذنيبات (71 عاما) عن جمعية جماعة الإخوان المسلمين، بديلا للجماعة الأم وقامت الحكومة الأردنية بترخيصها، وهو ما أثار خلافات وانشقاقات كبيرة في الجماعة.
وكانت الجماعة أيضا بقيادة المراقب الحالي همام سعيد (72 عاما) قد قامت بفصل القيادي السابق، الدكتور رحيل غرايبة، إلى جانب آخرين إثر إعلانهم مبادرة "زمزم" التي رأى قادة الجماعة أنها تمثل خطوة انشقاقية، وهو ما رفضه غرايبة ولم يعترف به، وانبثق مؤخرا عن المبادرة حزب جديد بمسمى "زمزم".
وتنص اللوائح الداخلية للجماعة والحزب على فصل الأعضاء الذين يشرعون في تأسيس أحزاب سياسية دون علم المكتب التنفيذي.
اقرأ أيضا: إخوان الأردن يفصلون مراقبهم العام الأسبق وآخرين
ولا يزال الخلاف كبيرا بين جمعية الإخوان التي يرأسها ذنيبات، وجماعة الإخوان قائما، على مبدأ الشرعية، في حين أن الدولة تدعم "الجمعية"، بحجة عدم ترخيص الجماعة الأم.