انتشر بمواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام المصرية كافة، في الساعات القليلة الماضية، مقطع فيديو لسائق "توك توك" بسيط، لكن نشطاء اعتبروه يلخص الحال بمصر حاليا، تحت حكم عبد الفتاح السيسي، على الرغم من أن حديث السائق المؤثر، لم يستمر سوى ثلاث دقائق فقط.
والمثير، وفق معلقين، أن السائق لم يذكر السيسي، ولو بكلمة، وبالرغم من ذلك فإن كل كلمة كان ينطق بها كانت تحمل إدانة كاملة لنظام حكمه، في وقت عرج فيه بذكاء على عهد الرئيس محمد مرسي، وكيف أن الأحوال المعيشية كانت أفضل بكثير في عهده، وذلك دون أن ينطق باسمه أيضا.
ووفق المقطع، جاء حديث السائق عفويا، وغير متكلف أو مفتعل أو مصطنع أو حتى متحامل أو مسيس، إذ التزم فيه السائق بالحجة والمنطق، مستندا إلى خلفية عميقة من امتدادات مصر في التاريخ والجغرافيا، مع جرأة وشجاعة وبراءة متناهية.
وجاء بث المقطع المؤثر، في تقرير مصور من الشارع، ضمن فقرات برنامج "واحد من الناس"، مع الإعلامي عمرو الليثي، عبر فضائية "الحياة"، مساء الأربعاء، وحقق، بمفرده، مشاهدات تجاوزت 4.5 مليون مشاهدة على موقع "يوتيوب"، بخلاف عشرات الآلاف من المشاهدات للمقطع نفسه، بعناوين أخرى.
وظهر الليثي في الحلقة، وهو يرصد شكاوى الناس في الشارع، فكان حواره لنحو ثلاث دقائق مع سائق "توك توك"، تناول فيه الأوضاع الراهنة بمصر من وجهة نظر تحليلية مقارنة.
هكذا جاء الحديث
وبدا أن لقاء الليثي مع مواطن، غير معروف الاسم، جاء بشكل عرضي، وغير مقصود، ضمن رصده شكاوى المواطنين من غلاء الأسعار، واختفاء السكر، إذ استوقفه الليثي، وسأله سؤاله المعتاد: "تشتكي من إيه"، فرد السائق: "سأسألك سؤالا واحدا بس".
وأبدى تعجبه من تدهور أحوال مصر قائلا: "دولة لها برلمان، ولها مؤسسات عسكرية، ومؤسسات أمنية، خارجية وداخلية، ولها 20 وزارة (عددها الحقيقي 33 وزارة).. حالها يبقى بالوضع ده، والشكل ده.. إزاي؟".
وتابع المواطن حديثه: "بالله عليك.. قبل ما يحصل انتخابات لرئيس الجمهورية، كان عندنا سكر يكفينا، وكان عندنا أرز بنصدره.. راح ده كله فين؟ هو إيه اللي حصل؟ عايزين نفهم".
ومنتقدا الأداء الإعلامي لوسائل الإعلام المصرية قال: "نتفرج على التليفزيون نلاقي مصر فيينا.. ننزل في الشارع نلاقيها بنت عم الصومال".
وتابع: بالله عليك.. إيه اللي حصل؟ وإيه الحل؟".
واستنكر المواطن احتفالية البرلمان المصري بمرور 150 عاما على إنشائه، في شرم الشيخ، في الأسبوع الماضي، التي تكلفت ملايين عدة من الجنيهات، قائلا: "بيحتفلوا وجايبين 38 وفدا يصرفون عليهم 25 مليون جنيه، والمواطن الفقير مش لاقي كيلو أرز.. هل ده يرضي ربنا؟".
ومشيرا إلى مسؤولية السلطات الحاكمة عن تأزم الأوضاع قال بانفعال: "ربنا هيجيب الناس دي (يقصد المسؤولين) يوم القيامة.. يسألهم: أين ملوك الأرض وحكامها؟ لمن الملك اليوم؟".
وأشار إلى الناس اللي مش لاقية، والناس التعبانة"، في مقابل اللي: "طالعين في التليفزيون.. مصر بتنهض، ومصر بتروح، ومصر بتيجي.. وعمالة ترمي الفلوس في مشاريع قومية ما لهاش لازمة.. وإحنا التعليم عندنا متدني لأسوأ مما تتخيل".
وتساءل مندهشا: "إزاي يبقى عندي بني آدم مش متعلم، وجائع، وصحته تعبانة، واعمل له مشاريع قومية زي دي.. هيدخلني بها (لم يحدد من؟) في الحيطة".
واعتبر سائق "التوك توك" أن هناك "ثلاث حاجات" علشان البلد دي تنهض: تعليم، وصحة، وزراعة"، مردفا: "لو المواطن لقي الثلاث حاجات دي.. أقسم لكم بالله: ما يقدر عليه غير ربنا".
وعاقدا مقارنة تاريخية قال: "إحنا من مئة سنة بس.. اليابان جاءت تدرس النهضة المصرية.. حرام مصر يتعمل فيها كده".
وتابع باكيا: "بالله عليك.. دي مصر.. دي مصر.. دي مصر يا جدعان اللي كانت مسلفة بريطانيا، ثاني دولة في العالم، وعملت أول خط سكة حديد.. يبقى حالها كده؟".
وتابع: "مصر.. اللي الاحتياطي النقدي بتاعها كان أكبر احتياطي نقدي في العالم.. وصل الحال بها لكده؟".
واستطرد: "مصر اللي كانت تحت إمرتها تشاد والسودان والسعودية.. دول الخليج تسخر اليوم وتقول: بصوا لأدوارنا، وبصوا إحنا بنيدكوا، ونعمل لكم.. اللي كان تشريفا لنا من سبعين سنة كانت كسوة الكعبة بتطلع من مصر؟".
وتساءل: "هل هذا يليق بمصر، هل هذا يليق بمكانة مصر؟".
وأردف متسائلا وسط دموعه: "ما فيش حد قلبه على مصر، وبيحب مصر، يقول: لا.. حرام ما يرضيش ربنا.. شوية تجار ضحكوا على الناس بحجة الوطنية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وعهودهم بعيدة كل البعد عن الديمقراطية والعدالة".
واختتم سائق "التوك توك" حديثه المؤثر قائلا: "حرام .. ما يرضيش ربنا.. والله ما يرضي ربنا.. بس أرجو منك بالله عليك ما تقطع حرف من اللي أنا باقوله".
فكان رد الليثي عليه: "هاذيع لك كل كلمة قلتها".
إعجاب النشطاء وتعليقاتهم
أعرب مئات النشطاء عن تعاطفهم مع السائق، وإعجابهم به، وبفصاحته، وشجاعته، مؤكدين أنه لخص الأحوال في مصر الآن بدون رتوش.
وعلق "حسام مؤمن" تعليقا مطولا قال فيه: "إذا كنت وطنيا فالسيسي تخلى عن مياه النيل وتيران وصنافير.. وإذا كنت ليبراليا فالسيسي سحق الحريات وخنق الجمعيات الحقوقية.. وإن كنت إخوانيا فالسيسي قتل الإخوان وسجنهم وشردهم.. وإن كنت سلفيا فالسيسي منع النقاب في الجامعات ومنع السلفين من الخطابة".
واستطرد مؤمن: "وإن كنت يساريا فالسيسي ضرب العدالة الاجتماعية في مقتل، وجعل الثروة في يد قلة من كبار الجنرالات.. وإن كنت قوميا فالسيسي تخلى عن فلسطين وسحب مصر من محيطها العربي.. وإن كنت رجل أعمال فالسيسي احتكر السوق لضباط الجيش.. وإن كنت فقيرا فالسيسي يدفعك كل يوم للانتحار.. وإن كنت إنسانا فالسيسي سحق كل معاني الانسانية.. أما إن كنت صهيونيا فأنت الذي قصده السيسي بقوله: "انتو مش عارفين إن انتو نور عينينا ولا إيه؟".
#أنا_خريج_توكتوك
وعبر وسم "#أنا_خريج_توكتوك" الذي اكتسح مواقع التواصل قال الصحفي أحمد خطاب: "تخيلوا واحد بالإخلاص والثقافة دي يسوق توكتوك وواحد زي بلحة بسوق مصر ..المنطق بيشد ف شعره".
وأضاف: "بعد كلام سواق التوكتوك المفروض السيسي بجيشه بكل لواءاته بكل خبراؤهم الاستراتيجيين يشتغلوا حمير على عربيات كارو".
لسانه لسان كل المصريين
وقال هشام سلامة: "سائق التوك توك المحترم لخص حالنا وقال اللي محدش يقدر يقوله".
وأضاف محمود حمدي: "الرجل دا قال كل شيء .. كلامه أفضل من ألف خطيب قال كل اللي في نفس الناس .. بس يا ترى لسه عايش".
تصريحاته أفضل من خطابات السيسي
وأشاد النشطاء بكلمات المواطن ووصفوها بأنها أفضل من خطابات قائد الانقلاب؛ فقال الناشط بيشوي ميلاد عبر"تويتر": "3دقائق أهم من 300 خطاب للسيسي".
وغرد كريم محمد: "الراجل قال كل مشاكل البلد في 3 دقايق بطريقة مفيش حد سياسي أو إعلامي كبير يقدر يقولها".
وأردف عمرو أحمد: "انت اختصرت كل اللي جوايا في 3 دقايق لميت البلد كلها، غيرك طلع في 100 خطاب مفهمناش إلا إنه بيشحت عشان جيشه وقضاته وأتباعه".
يذكر أن "عربي21" لا يمكنها التأكد من صحة المعلومات الواردة في مواقع التواصل الاجتماعي من مصدر مستقل.
8 نقاط توضح لماذا هذا الاكتساح؟
وتساءل عدد من الصحفيين البارزين عن سبب اكتساح هذا المقطع لأوساط التواصل الاجتماعي خلال 12 ساعة فقط، فقال الصحفي مصطفى الحسيني: "في رأيي الفيديو ده عمل شوية حاجات انبسطنا بيها كلنا: إنه كسر حاجز أنه مينفعش يتذاع على قناة مصرية في الوقت الحالي انتقاد صريح للسيسي ونظامه وحكم العسكر اللي بقاله 60 سنة بيحكم مصر".
وأضاف: "أنه جه على لسان واحد غلبان عادي جدا سواق توكتوك مش مثقف ولا سياسي ولا شيخ ولا قسيس ولا حد ممكن تتوقع منه كلام بالجرأة والواقعية دي".
وتابع: "أنه بجد طلع من قلبه وكان واضح انفعال الراجل وهو بيتكلم لدرجة إن أي مُشاهد بيتفرج عليه بيتفاعل معاه وبيحس إنه هو اللي بيتكلم".
وأردف: "الراجل فصيح وكلامه مرتب وسريع وده اللي خلى عمرو الليثي يسأله بعد شوية صغيرين "إنت خريج إيه؟!" والراجل بسرعة بديهة رد وقال "#انا_خريج_توكتوك" !! اللي هو مش مهم أنا مين ولا تعليمي إيه، المهم تسمع أنا هقول إيه وتذيعه".
وقال الحسيني: "الراجل رد على سؤال "بتشتكي من إيه ؟!" بإجابة واعية جدا وأحال كل الأمور إلى أصل المشكلة وده كان رد حلو فعلا وغير متوقع، لأنه كان ممكن يرد ويقول أي كلام من عينة "الزيت والسكر وارتفاع الأسعار يا باشا" لكنه عارف القصة بدأت إزاي وفاهم أصل المشكلة فين؟! وعلشان كدة لما قال "هسألك سؤال واحد بس دولة ليها برلمان وليها مؤسسات عسكرية ومؤسسات أمنية خارجية وداخلية وليها 20 وزارة حالها يبقى بالوضع ده والشكل ده إزاي؟!" كان واضح إنه فاهم وواعي".
وأضاف: "الراجل نسف فكرة إن الإعلام شوه عقل المصريين البسطاء بالكامل لما قال بسخرية واضحة "نتفرج على التليفزيون نلاقي مصر فيينا ننزل في الشارع نلاقيها بنت عم الصومال!! بالله عليك قولي إيه اللي حصل؟ وإيه الحل؟" وقال كمان "قبل ما يحصل انتخابات لرئيس الجمهورية كان عندنا سكر يكفينا وكان عندنا رز وكنا بنصدره، إيه اللي حصل راح فين، وجه منين، عايزين نفهم؟".
وأردف: "الراجل هاجم مشروع الفنكوش بتاع تفريعة قناة السويس بمنتهى حرقة الدم ... يعني الراجل مش بس فاهم إنه مشروع فنكوش ده قارنه كمان بإنه كان ممكن نستفيد بالفلوس دي في النهضة بالبنية التحتية للتعليم المصري ودي نقطة عجبت ناس كتير".
وتابع: "كان فيه نظرية دايما بنرددها في قطاعات المثقفين بتقول "إن الشعب المصري البسيط لا تنقصه المعلومة لكن ينقصه الوعي" الراجل ده بشكل كبير أثبت إنه فيه شرائح من المصريين البسطاء عندهم المعلومة وعندهم الوعي الناتج عن تحليل واستنتاج ما بعد المعلومة، يمكن الشرائح دي مش كتيرة ولا منتشرة قدامنا لكن الراجل ده وأكيد فيه آلاف زيه نموذج واضح ينفع نشتغل عليه علشان نستنسخ منه عشرات الآلاف من النماذج القادرة على صناعة كوادر ورموز في #معركة_الوعي الشعبي".
"ثورة الغلابة".. هل هي قادمة؟
ويذكر أن هناك دعوات واسعة في مصر للنزول في مظاهرات حاشدة تحت عنوان "ثورة الغلابة"، يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل (11/11 الساعة 11)، ضد تدهور الأوضاع المعيشية لملايين المصريين تحت حكم السيسي.
وسادت أجواء من الرعب في أوساط الإعلاميين الموالين لعبدالفتاح السيسي من تلك الدعوات.
وزعم أحمد موسى، في برنامجه "على مسؤوليتي"، عبر فضائية "صدى البلد"، مساء الأربعاء، أن هناك دعوات لعملاء أمريكا وقطر والطابور الخامس وجماعة الإخوان لإحداث فوضى يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر، وإعادة مصر إلى الوراء.
وادعى موسى أن الدعوات للنزول يوم 11 نوفمبر الهدف منها الفوضى والتخريب، وأنه سيتحدث ويوعي المواطنين طوال هذه الأيام لتوضيح المؤامرات والمخططات التي يسعى لتنفيذها الإخوان والمتآمرون على الوطن والمصريين"، وفق زعمه.
ودعا موسى المصريين إلى عدم التعاطف مع تلك "الدعوات الهدامة"، التي تسعى إلى عودة عقارب الساعة إلى الوراء، مؤكدا أنه سيفضح كل من يعمل ضد الوطن، على حد وصفه.
بدوره قام الاعلامي عمرو الليثي بحذف الفيديو الخاص بـ«سائق التوك توك» من على صفحته على «فيسبوك» بزعم رغبة قناة الحياة كون حقوق الملكية تتبع لها.
وأضاف «الليثي» عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، صباح اليوم الخميس: "لمن يتساءل عن أسباب حذف الفيديو الخاص بسائق التوك توك، أوضح أن ذلك تم بناءً على رغبة موقع قناة الحياة، التي تمتلك حقوق الملكية للفيديو".
وأشار إلى أنه "تم رفع رفع فيديو آخر يتضمن الزيارة إلى السوق، واللقاء مع الأهالي، ومنهم سائق التوك توك".