تواصل السلطات المصرية الاستخفاف بالرأي العام المصري والدولي فيما يخص مجلس النواب المصري، الذي قامت جهات سيادية باختيار المرشحين لعضويته، مما أصاب المواطنين بخيبة أمل بدأت خلال عملية الاختيار، وظهور أحزاب ليست لها قواعد شعبية ممولة علانية من قبل رجال أعمال، وتقسيم المقاعد بين تلك الأحزاب والإعلان عن فوز أشخاص غير معروفين بدوائرهم الانتخابية، لتكون الأغلبية لتكتل تم إعداده من رجال النظام من رجال جيش وشرطة قدامى ورجال أعمال وأسرهم، تحت مسمى ائتلاف في حب مصر.
وسادت جلسات
البرلمان المشادات بين الأعضاء وتبادل الشتائم، وتم منع إذاعة الجلسات علانية، وتقوم الفضائيات الموالية للنظام بالهجوم على من لا يسير على الخط المرسوم، إلى حد عرض شرائط جنسية.
وطرد رئيس المجلس عددا من الأعضاء لمجرد اعتراضهم على تأخير إعضاء الكلمة لهم، وكذلك التحويل للجنة القيم، ومنع التحدث لوسائل الإعلام بأي انتقاد لأداء المجلس أو رئيسه، ومنع التحدث عن السياسة النقدية، وعدم تفعيل أبرز أداة برلمانية وهي الاستجواب رغم تقديم الأعضاء 12 استجوابا لوزراء التعليم والصحة والتموين، لكنه لم يتم عرض أي منها، والتحايل على النصوص الدستورية مثلما حدث مع النسبة التي أوجب الدستور تخصيصها لموازنة الصحة والتعليم.
وكان من المفترض أن يعتمد البرلمان
القوانين السابق إصدارها قبل تشكيله وعددها 435 قانونا، وتم بالفعل إقرارها بشكل سريع فيما عدا قانون يخص الموظفين العاملين بالدولة، قام بعضهم بتنظيم تظاهرة للاحتجاح عليه، وكان توقيت إقرار كل تلك القوانين قبل ذكرى 25 يناير 2016، فرأى النظام تأجيل إقرار القانون الخاص بالموظفين حتى تمر المناسبة، وهو ما تم بعد ذلك.
وقد تأكد الكثيرون أن دورهم يقتصر على الموافقة على ما يرد من الحكومة من قوانين، إلى حد تصريح وزير شؤون المجالس النيابية عن موافقة البرلمان على بيان الحكومة قبل عقد الجلسة، وتصريحه بأن المجلس سيوافق على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر
السعودية، وكان حضور الحكومة للجلسات أكبر شاهد على استخفافها به، حيث لم يحضر رئيس الحكومة وأعضاء حكومته سوى 3 جلسات فقط.
وكان رد فعل كثيرين الغياب عن حضور الجلسات، مما أدى إلى تأخير انعقاد الجلسات لأكثر من ساعة وساعتين وثلاثة، ووصل الأمر إلى حد إلغاء الجلسات المسائية خشية قلة الحضور، فمن بين 95 جلسة خلال دور الانعقاء الأول الذي استمر من شهر يناير وحتى سبتمبر، لم يحدث حضور مكثف سوى في 6 جلسات فقط هي: جلسة الانعقاد الأول وأداء القسم وجلسة خطاب الجنرال والجلسة التي حضرها ملك السعودية.
وجلسة الموافقة على بيان الحكومة وجلسة الموافقة على إسقاط عضوية النائب توفيق عكاشه بأوامر عليا، بعد حديثه التلفزيوني عن أنه هو الذي نصح النظام باللجوء الى إسرائيل كي يوافق الرئيس الأمريكي على لقاء الجنرال بأوباما خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتسبب عدم حضور الأعضاء في تأجيل الموافقة على عدة قوانين، إلى جانب عدم إقرار قوانين أخرى عديدة حتم الدستور إقرارها خلال دور الانعقاد الأول.
وكلف البرلمان الموازنة 997 مليون جنيه كرقم غير مسبوق رغم العجز الكبير بالموازنة، ليصل نصيب العضو من موازنة البرلمان مليونا و673 ألف جنيه، في حين كانت موازنة برلمان الإخوان 316 مليون جنيه، وبرلمان 2010 نحو 325 مليونا.
ورغم هذا الأداء المتدني والصورة الشعبية السلبية، لم يخجل النظام وهو يعلن تنظيم احتفال بمناسبة مرور 150 عاما على أول برلمان في مصر عام 1866، ورغم توسيع الدعوة فلم يستجب للدعوة حسب أكثر الأرقام الإعلامية سوى 19 رئيس برلمان وأعضاء في 16 برلمانا بإجمالي 35 برلمانا بالعالم.
وبالنظر إلى الدول التي تم الإعلان عنها نجد: الأردن وجيبوتي والكويت والسودان وكوت ديفوار ونامبيا وتوجو وموريتانيا وقبرص والعراق بالفئة الأولى، وبالفئة الثانية الإمارات والمجر وفلسطين وغانا ومدغشقر وأوغندا وبوركينا فاسو.
وتستغرق
الاحتفالية يومين بفنادق شرم الشيخ، وتتضمن جلسات للبرلمان العربي تستمر يومين وجلسات للبرلمان الأفريقي تستمر عشرة أيام، وتشارك فب التكاليف وزارات: الثقافة التي ستقدم حفلا غنائيا والشباب التي أوفدت 170 شابا لاستقبال الضيوف، والسياحة والاتصالات ومكتبة الإسكندرية وشركة مصر للطيران المتخمة بالخسائر، وهيئة الاستعلامات واتحاد الغرف التجارية.
لتستمر الاحتفالات على حساب احتياجات المواطن البسيط الذي يعاني من نقص السكر، وكثير من أصناف الدواء والمحاليل وسوء حالة الطرق والخدمات، ولتذكر الاحتفالات المصريين والعالم بفضيحة طريقة اختيار الأعضاء ومستوى أدائهم، وتحولهم إلى ما يشبه الختامة للتوقيع على ما يرد من الحكومة من قوانين.