هل سيؤدي اغتيال "كمال" لتسوية الخلاف بين قادة الإخوان؟

شكل اغتيال القيادي بجماعة الإخوان المسلمين محمد كمال، بدم بارد، صدمة كبيرة لمعارضي الانقلاب، كونه الحادث الأول من نوعه الذي يتم فيه اغتيال عضو في مكتب إرشاد الجماعة منذ عقود، وهو الأمر الذي قد يشكل نقطة تحول في ردم هوة الخلاف بين فريقي جماعة الإخوان. 

وكانت قوات الأمن قد قتلت "كمال" ومرافقا له بدم بارد يوم الاثنين الماضي، بعد ضبطهما في إحدى الشقق بالقاهرة، وأعلنت أنها اضطرت لقتلهما بعدما أطلقا النار على الشرطة.

وأصبح محمد كمال القائد الفعلي للإخوان المسلمين عقب فض اعتصام رابعة العدوية واعتقال محمد بديع المرشد العام للجماعة، حيث ترأس ما عرف بـ"مكتب إدارة الأزمة" الذي تشكل في شباط/ فبراير 2014.

وظل "كمال" يقوم بأعمال المرشد، كما قاد ما اعتبره البعض "التيار الثوري" داخل الجماعة، إلى أن دخل في صراع مع القيادات التاريخية وعلى رأسها محمود عزت نائب المرشد، وأمين عام الجماعة محمود حسين، بسبب الخلاف على استراتيجية مواجهة الانقلاب العسكري في مصر.

الجماعة تشيد بكمال وتصفه "بالشهيد" 

وعلى الرغم من الخلافات التي تشهدها جماعة الإخوان والتي كان كمال طرفا فيها، إلا أن الجماعة "القيادة التاريخية" أصدرت بيانا ترحمت فيه على "محمد كمال" بعد مقتله، ووصفته بالشهيد البطل، وأكدت الاستمرار على دربه من أجل تحرير الأوطان وتمكين الدين والقصاص للشهداء والمعتقلين والمصابين.

من جهته، أدان نائب المرشد العام للإخوان إبراهيم منير، عملية الاغتيال، ووصفها بأنها استمرار لنهج "الاستئصال الذي يتبعه نظام الانقلاب"، بحسب تصريحات لوكالة قدس برس.

وكان لافتا أن منير الذي ينتمي لجبهة "القيادات التاريخية" وصف محمد كمال بـأنه "عضو مكتب الإرشاد"، في بادرة اعتبرها البعض دلالة على محاولة ردم الخلافات بين شقي الصراع فيها.

يذكر أن شخصيات معارضة للانقلاب طالبت الإخوان بتوحيد صفوفهم بعد اغتيال كمال. وقال وزير الدولة لشؤون المجالس النيابية الأسبق محده محسوب، في تغريدة في حسابه على "تويتر": "يجب أن يكون استشهاد كمال وصحبه دافعا لإنهاء الإخوان انقسامهم فورًا وينضموا هم وباقي القوى والأحزاب لمعسكر مطالب الشعب: عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".

خلاف وانسحاب من الجنازة

وخلافا لأجواء التهدئة التي ساهمت في خلقها بيانات الجماعة والمتحدثين المنتمين لجبهة القيادات التاريخية؛ فقد مثل انسحاب الأمين العام للجماعة محمود حسين، من صلاة الغائب التي أقيمت لكمال في إسطنبول، صدمة لكثيرين من شباب الجماعة.

وبعد أداء صلاة الغائب على محمد كمال يوم الأربعاء، فقد انسحب محمود حسين غاضبا من الجنازة اعتراضا على تقديم أحمد عبد الرحمن، لإلقاء كلمة بوصفه مسؤول الإخوان بالخارج، وهو منصب تعترض عليه جبهة "عزت".

واستنكر كثير من الإخوان هذا التصرف من جانب حسين، وقالوا إنه لم يراع خصوصية الموقف وانصرف من جنازة يحضرها المئات من قيادات وأعضاء الجماعة في الخارج والمتعاطفين معهم من المصريين والعرب والأتراك، وانتقد آخرون جبهة "كمال" لاستغلالها الجنازة في تثبيت موقفها وتقديم عبد الرحمن بصفة مثيرة للجدل والخلاف، دون مراعاة لهيبة الموت.

وقال حسام المتيم: "هذا الموقف في صلاة الغائب يؤكد أن الفرقة تامة بين الجبهتين وأن الدماء التي سالت لم تؤلف القلوب بل زادت الشرخ بينهما".
 
من جهته، قال محمد الصنهاوي: "انصراف محمود حسين من جنازة محمد كمال من ناحية وحرص مقدم الكلمات على تقديم أحمد عبد الرحمن، باعتباره المتحدث باسم الإخوان في الخارج نكاية بجبهة (عزت)، هو أمر شديد البؤس".

وعلق أحمد ممدوح بقوله: "مات محمد كمال شهيدا، وتأكد للجميع أنه كان زاهدا في المناصب محترما للشورى مدافعا عن الحق وردع الظالمين، فهل يمكن أن يطالب قواعد الإخوان بتفعيل مبدأ المحاسبة والشفافية لتصحيح مسار الجماعة؟".

الاغتيال الأول منذ عقود

وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اغتيال أحد أعضاء مكتب إرشاد الإخوان منذ مقتل مؤسس الجماعة "حسن البنا" قبل نحو سبعين عاما.

ويقول مراقبون، إن اغتيال الأمن لقيادات اللجنة الإدارية العليا السابقة للجماعة، التي يعتقد أنها وراء تأسيس اللجان النوعية بالجماعة والمعارضة لجبهة "عزت" يؤكد رغبة النظام في ترويض الإخوان وإدخالها في حظيرته مجددا واللعب بحسب قواعد يرسمها للجماعة.

وكان الأمن قد قتل عام 2015 مجموعة من قيادات الإخوان التابعين للجنة الإدارية العليا أثناء تواجدهم بمدينة 6 أكتوبر، منهم: أمين عام الجماعة عبد الفتاح إبراهيم، ومسؤول المنوفية جمال خليفة، ومسؤول القليوبية طاهر إسماعيل، ومسؤول البر هشام خفاجي، ومسؤول اللجنة القانونية ناصر الحافي.