خرجت علينا وزارة الدخلية
المصرية ببيان زعمت فيه إحباطها لمخطط إخوانى يهدف لخلق مناخ تشاؤمى فى البلاد بدعوى فشل الدولة فى تنفيذ خطط التنمية، مؤكدة أن الأدوات التي يستخدمها المخطط فرد خرطوش محلى الصنع و70 ألف دولار و106ألف جنيه. وأشارت وزارة الداخلية في بيانها أن المخطط ينفذه 17 شخصا ويستهدف إفشال جهود التنمية والنيل من مقدرات الدولة واستنزاف مواردها وضرب الاقتصاد المصرى. من خلال اختلاق وإثارة الأزمات وتصعيد أزمة ارتفاع سعر الدولار، وترويج ونشر الشائعات، وتقديم بلاغات وهمية، وتصعيد المطالب الفئوية لبعض العاملين بالمؤسسات المختلفة.
وهذا البيان يعكس الاسطوانة المشروخة والشماعة المكسورة التي ما زالت تعلق عليها الحكومة خيبتها وفشلها ممثلا في الإخوان المسلمين وبات يقينا لكل متابع أنه ينطبق على هذا السلوك الحكومي الذي جمع بين السخرية والمهزلة المثل العربي الشهير: رمتني بدائها وانسلت.
لقد حاولت الحكومة من قبل الصاق ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري برجل الأعمال حسن مالك وخرجت وقتها الصحف الإنقلابية لتعلن في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2015 بأنه تم ضرب الدولار بالسوق السوداء ضربة قوية بعد القبض على حسن مالك، وذكرت تلك الصحف أن سعر بيع الدولار انخفض عشرين قرشا حيث وصل إلى 8.40 جنيه، ولو قارنا هذا السعر بما هو عليه اليوم لتبين أن سعر الدولار زاد بنحو 4.47 جنيه ، بنسبة انخفاض للجنيه المصري 53% حيث يبلغ سعر الدولار حاليا 12.87 جنيه.
إن سياسة الإلهاء والاستغفال وتزييف الحقائق لن تجدي نفعا، في ظل حكومة ليس في ذهنها أصلا تنمية، وإن سمعت عنها فإن الحول التنموي هو منهجها. إن الأرقام الرسمية وسلوك الحكومة الإنقلابية هي من جعلت التشاؤم يعشش في كل ربوع مصر، وليس ببعيد عنا ما أصدره البنك المركزي منذ أيام من بيان صحفي بشأن ميزان المدفوعات المصري المقارن بين العام المالي 2014/2015 والعام المالي 2015/2016 حيث انخفضت الصادرات السلعية بنسبة 15.9% في العام الأخير مقارنة بالعام السابق لتحقق مبلغ 18.7 مليار دولار وبنسبة انخفاض 30.7% عن العام المالي 2012/2013 (فترة حكم الرئيس مرسي). كما انخفضت تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 12.6? في العام الأخير مقارنة بالعام السابق لتحقق مبلغ 16.8 مليار دولار وبنسبة انخفاض 8.7? عن العام المالي 2012/2013 . كما انخفضت إيرادات قناة السويس بنسبة 4.5? في العام الأخير مقارنة بالعام السابق لتحقق مبلغ 5.1 مليار دولار وتقريبا قيمتها في العام الأخير هي نفسها عن العام المالي 2012/2013. كما انخفضت الإيرادات السياحية بنسبة48.9? في العام الأخير مقارنة بالعام السابق لتحقق مبلغ 3.8 مليار دولار وبنسبة انخفاض 61.2? عن العام المالي 2012/2013، كما ارتفعت مدفوعات السفر للخارج بنسبة 22.6? في العام الأخير مقارنة بالعام السابق لتحقق مبلغ 4.1 مليار دولار وبنسبة ارتفاع 41.4? عن العام المالي 2012/2013 وبذلك حقق صافي الميزان السياحي عجز في عام 2015/2016 مبلغ 323.5 مليون دولار لأول مرة في تاريخه.
إن ما ورد ببيان وزارة الداخلية المصرية يطرح العديد من التساؤلات: كيف ستقيس النيابة في تلك التهمة المناخ التشاؤمي؟! وهل وفرت الحكومة التفاؤل للناس حتي يبتسموا؟! وهل الإخوان هم من قتلوا السياح المكسكيين والطالب الإيطالي ريجيني وفجروا الطائرة الروسية والطائرة المصرية ومن ثم هم من دمروا السياحة؟! وهل الإخوان هم من منعوا السفن من عبور قناة السويس وتحكموا في التجارة الدولية وأنفقوا أكثر من 8 مليار دولار في تغريعة فنكوشية؟! وهل الإخوان هم من رووا المحاصيل الزراعية بمياه المجاري فامتنعت الدول عن استيرادها؟! وهل الإخوان هم من منعوا المصريين بالخارج من تحويل أموالهم بالدولار أم النظام العسكري السائد في كل شيء وما يقرره من سياسة بوليسية لسعر الصرف؟! وهل الإخوان هم من طلبوا أن يأحذوا ما بقي ما في جيوب الناس من فكة بعد فشل تسول السيسي من الرز الخليجي؟!.
إن الناظر لختام بيان وزارة الداخلية يكشف بجلاء عن المعالجة الأمنية للاقتصاد التي لا تنفك عن النظام الإنقلابي الاستبدادي حيث أكدت الوزارة عزمها الشديد على المضى قدماً فى أداء واجبها لحماية المقدرات الاقتصادية للبلاد. علما بأن حماية المقدرات الاقتصادية التي انهارت في مصر والنهوض بالاقتصاد لا يحتاج سياسة أمنية بقدر احتياجه لسياسة اقتصادية قوامها الحرية والعدل ليتحقق الاستقرار وتنتعش الصادرات ويتم الإحلال محل الواردات وما يترتب على ذلك من تشغيل للعمالة وزيادة للدخول وتوفير للعملة الصعبة. ووقتها يمكن أن يعرف المصريون مفهوم التفاؤل واقعا عمليا لا كلاما إنشائيا.