قال دبلوماسي غربي لرويترز إن تحقيقا دوليا حدد هوية سربين من طائرات الهليكوبتر التابعة للقوات الجوية السورية ووحدتين عسكريتين أخريين، يحملها المسؤولية عن هجمات بغاز الكلور على المدنيين.
وأضاف الدبلوماسي أن النتائج التي توصلت إليها
الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، تستند إلى معلومات لمخابرات غربية وإقليمية.
وقال الدبلوماسي إنهما "السربان 255 و253 بالكتيبة 63 بالفرقة 22 بقوات الحكومة السورية".
وقد يعزز تحميل وحدات معينة في الجيش المسؤولية عن هجمات، مسعى لبعض الأعضاء الغربيين في مجلس الأمن لاستجابة قوية تركز على العقوبات والمحاسبة بعد تحديد المسؤولية.
ونفت حكومة الرئيس بشار الأسد استخدام الغاز السام في ساحات القتال، وقالت إنها ستتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بشأن اتهامات بأنها استخدمت الغاز السام ضد مناطق تسيطر عليها المعارضة في أثناء الحرب الأهلية السورية.
وردا على النتائج الجديدة، قال مصدر عسكري سوري لرويترز: "الدولة السورية ...ونحن الجيش العربي السوري قلنا أكثر من مرة، إن الجيش لم ولن يستخدم أي أسلحة محظورة وبخاصة الأسلحة الكيماوية أو السامة".
وتابع المصدر، "هذه القضية خالية تماما من الحقيقة. نعتبر الأمم المتحدة أداة في يد بعض الدول التي تدعم الإرهاب". مضيفا أن الأمم المتحدة لم تستجب لطلبات
سوريا للتحقيق في استخدام المعارضة لأسلحة كيماوية.
ومن المقرر أن تقدم لجنة
تحقيق مشتركة من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية تحقق في تقارير بشأن هجمات بين 11 نيسان/ أبريل 2014 و21 آب/ أغسطس 2015 رابع تقرير لها إلى مجلس الأمن الأسبوع المقبل. وأنحى التقرير الثالث الذي صدر في آب/ أغسطس باللائمة على قوات الحكومة السورية في هجومين بغاز الكلور وعلى تنظيم الدولة عن استخدام غاز الخردل.
ولم يتضح ما إذا كان التقرير الرابع سينحي باللائمة على أفراد. وركز التحقيق على تسع هجمات في سبع مناطق سورية، حيث خلص تحقيق منفصل لبعثة لتقصي الحقائق تابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيمائية إلى أن من المرجح استخدام أسلحة كيماوية.
وتضمنت ثمانيا من الهجمات التي جرى التحقيق فيها استخداما مشتبها به لغاز الكلور. وذكرت لجنة التحقيق أنها لم تتمكن بعد من الوصول إلى نتيجة في ست حالات، بيد أنها قالت إن ثلاثا من هذه الحالات استدعت المزيد من التحقيقات.
وقال الدبلوماسي: "ما لا يقل عن حالتين أخريين كانتا بالكلور ومن تنفيذ القوات الجوية السورية. لا دليل على أن أي جماعة معارضة استخدمت الكلور."
ووافقت سوريا على تدمير 1300 طن من الأسلحة الكيمائية المعلنة في 2013 بموجب اتفاق توسطت فيه موسكو الداعم الدولي الرئيسي لدمشق، وواشنطن التي تساند المعارضة المسلحة السورية.
وفي تقرير سري منفصل اطلعت عليه رويترز، خلص مفتشو منظمة حظر الأسلحة الكيمائية في تموز/ يوليو بعد 16 زيارة لدمشق منذ نيسان/ أبريل 2014 إلى أن سوريا فشلت في التفسير "علميا أو تقنيا" اكتشاف مفتشيها لعناصر محظورة منها غازا السارين والأعصاب.
وكان أحدث استخدام مشتبه به لغاز الكلور الأسبوع الماضي، عندما قال عمال إنقاذ وجماعة مراقبة إنه كانت هناك عشرات الحالات من الاختناق في ضاحية تسيطر عليها المعارضة في مدينة حلب.
مواجهة محتملة
تحظر معاهدة حظر الأسلحة الكيمائية الموقعة عام 1997 التي انضمت إليها سوريا في 2013 استخدام
غاز الكلور كسلاح.
ويتحول غاز الكلور حال استنشاقه إلى حامض الهيدروكلوريك في الرئتين، ويمكن أن يقتل من خلال حرق الرئتين وإغراق الضحايا في السوائل الجسدية الناجمة عن ذلك.
وقد تهيئ النتائج الجديدة التي تنحي باللائمة في استخدام ذلك الغاز السام على وحدات عسكرية محددة، الساحة لمواجهة في مجلس الأمن بين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى.
وتتمتع بكين وموسكو بحق النقض بصفتهما عضوين دائمين في مجلس الأمن، وحّمتا الحكومة السورية من اتخاذ إجراءات ضدها بعرقلة العديد من القرارات، ومنها محاولة لإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وسوريا ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية؛ لذلك لم يحل مجلس الأمن أي من قضايا جرائم الحرب ضد المشتبه بهم إلى المحكمة في لاهاي.
ويساور بعض الدبلوماسيين الغربيين القلق من أن مجلس الأمن قد يرد بضعف على الهجمات بأسلحة كيماوية جرى الإبلاغ عنها، أو من أن القضية قد تهمش بسبب هشاشة اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا اتفقت عليه موسكو وواشنطن.
وقال دبلوماسي كبير في مجلس الأمن شريطة عدم الكشف عن هويته: "نحن لا نريد أن تأخذ العملية السياسية في سوريا تقرير (الأمم المتحدة/منظمة حظر الأسلحة الكيمائية) رهينة".
وقال دبلوماسي كبير ثان في مجلس الأمن: "من الطبيعي عندما يتعلق الأمر بالسياسة السورية أنه عندما نسير في هذا المسار الأمريكي الروسي، فإما أنه لا يحدث شيء بسبب عدم قدرتهما على الاتفاق ...أو إذا خرج شيء فإنه يميل إلى أن يكون بنكهة روسية".
وأضاف المبعوث: "كلا النتيجتين غير جيدة".
وقال دبلوماسيون إن محققي الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيمائية، قد يطلبون المزيد من الوقت لإنهاء تقريرهما الرابع، وفي هذه الحالة فإن مجلس الأمن قد يجدد التفويض للجنة التحقيق لفترة قصيرة.
وقالت سمانثا باور السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة أمس الخميس، إن من المهم لمعدي التقرير أن "يذهبوا بعيدا قدر استطاعتهم" لتحديد الأفراد والكيانات المشاركة في الهجمات. وأضافت أن الولايات المتحدة تعتزم "أن تضغط من أجل أن نستخلص من المجلس أكبر قدر ممكن" من الاستجابة.
وأضافت باور "نحن على اتصال وثيق بأعضاء المجلس الآخرين بشأن الشكل الذي ستكون عليه تلك الاستجابة، كما نحتفظ بالقدرة على أخذ ما ورد في التقرير والتصرف أحاديا ومع أطراف أخرى، لكي لا تواجه الأطراف الواردة أسماؤها عواقب حقيقية".
كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال في بادئ الأمر، إن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا سيمثل تجاوزا "لخط أحمر"، لكنه لم ينفذ ما هدد به من غارات جوية بعد هجوم بغاز السارين في آب/ أغسطس 2013 أودى بحياة ما يصل إلى 1400 شخص في ضاحية الغوطة في دمشق.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو يوم الثلاثاء، إنه سيقاتل بشدة من أجل فرض عقوبات على المسؤولين عن الهجمات بغاز الكلور التي يجري التحقيق فيها. وقال دبلوماسي فرنسي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه، إن باريس تعمل على "وضع ملامح القرار الذي سيكون مرضيا لنا".
وأضاف الدبلوماسي الفرنسي: "الموقف الأمريكي ليس حازما بشأن هذه القضية كموقفنا. ما هو على المحك يتجاوز بكثير الصراع السوري. إنه يتعلق بعدم جعل استخدام الأسلحة الكيماوية شيئا تافها".