أعلنت "الهيئة الطبية" في بلدة
مضايا، في ريف دمشق، عن انتشار مرض السحايا في البلدة، بسبب
الحصار الخانق المفروض عليها من قبل قوات النظام، وانعدام أبسط مقومات الحياة فيها.
وقال مدير الهيئة، الدكتور محمد يوسف، في حديث خاص لـ"
عربي21"، إن "سبب انتشار السحايا في بلدة مضايا هو سوء التغذية، وانهيار النظام الغذائي داخل الجسم، وبالتالي ضعف مقاومة ومناعة الجسم ضد
الأمراض الالتهابية، ما سهّل دخول جراثيم السحايا وانتشارها في الجسم".
كما تعاني بلدة مضايا من نقص كبير بالأدوية، ما أدى إلى انتشار المرض بشكل أوسع، وترافق ذلك مع صعوبة إجراء التحاليل الطبية.
وأكد مدير "الهيئة الطبية" في مضايا تسجيل 18 حالة بمرض بالسحايا منذ بداية الشهر، معظمهم من الأطفال والنساء.
ونبه يوسف إلى أنه من الممكن انتقال العدوى عن طريق اللمس وخاصة ضمن الأسرة الواحدة، وهذا ما أدى إلى إصابة أحد العاملين في الفريق الطبي.
وحول آلية علاج المرض، أجاب الطبيب محمد يوسف أنه "يتم علاج الحالات بإعطائها المضادات الحيوية ومسكنات الآلام وخافضات الحرارة وبعض السيرومات، وذلك بسبب انعدام الشهية لديهم وللمحافظة على حياتهم قدر المستطاع، ولرفع مقاومة جسم المريض والتخفيف من معاناته، في ظل انعدام الأدوية الخاصة والمستلزمات الطبية اللازمة داخل النقاط الطبية التي تغيب فيها التحاليل التي تكشف هذا المرض".
وأشار إلى أن وفدا من الهلال الأحمر السوري دخل إلى مضايا برفقة أربعة أطباء لدراسة أوضاع المرضى، وتم الكشف عن وجود خمس حالات التهاب سحايا سريريا، فيما تم التشكيك بوجود 10 حالات أخرى بسبب غياب التحاليل الطبية، التي تؤكد وجود هذا المرض. وقال: "أخذنا وعودا من الهلال الأحمر بنقل المرضى سريعا إلى المشافي الخاصة في دمشق، وننتظر الرد، لكن لا مستجيب".
من جهته، قال الناشط الميداني في المدينة "حسام مضايا": "يُمنع إخراج أي شخص من مضايا بسبب الحصار المفروض عليها من قبل قوات النظام ومليشيا حزب الله اللبناني، لربط ملف البلدة بملف كفريا والفوعة التي يقطنهما الشيعة شمال
سوريا، والمحاصرتين من قبل قوى المعارضة، وعليه فإن خروج أي حالة طبية من مضايا يستوجب خروج حالة طبية من الفوعة، والعكس صحيح"، كما قال.
وأضاف الناشط الميداني: "اليوم نعيش الكارثة التي مرت بها البلدة نهاية العام الماضي مجددا، حيث لم يدخل للبلدة مساعدات غذائية منذ أكثر من أربعة أشهر، في ظل تراجع المستوى الصحي والطبي للسكان لعدم حصولهم على الغذاء".
ويرى حسام أن التجاهل الدولي لقضية مضايا هو كتجاهلها لقضية السوريين ومعاناتهم بشكل عام، لافتا إلى أن المعضلة الأساسية في قضية مضايا هي أنها مرهونة باتفاق المدن الأربعة (كفريا، الفوعة، مضايا، الزبداني)، وعليه فإن حجة الأمم المتحدة دائما جاهزة فيما يتعلق بالمساعدات الغذائية أو الدوائية أو إخراج المرضى من مضايا.
وختم قائلا: "أوجه نداء لكل حر وقف مع قضية مضايا سابقا، وأقول له إن مأساة مضايا لا تزال قائمة، فهي لا تنتهي بمجرد دخول المساعدات الإنسانية إليها، بل هي قضية شعب سلبت منه حريته وأبسط مقومات الحياة، ومضايا ليست كما يتوارد للإعلام هي ليست جائعة بل مجوعة والفرق كبير"، وفق تعبيره.
ويقطن في بلدة مضايا نحو 40 ألف مدني، منهم 16 ألف نازح من سكان بقين والغوطة والزبداني، تحاصرهم عناصر حزب الله وقوات النظام السوري منذ سنة وثلاثة أشهر. ويحيط بالبلدة أكثر من 69 آلاف لغم، ولم تدخل إليها مساعدات الأمم المتحدة سوى مرة واحدة وعلى دفعات، وكانت آخر دفعة منذ 100 يوم. وبهذا تحولت مضايا إلى رمز لمعاناة المدنيين بعد وفاة أكثر من 60 شخصا بينهم أطفال جراء الجوع وسوء التغذية.