لم يكتف بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية،
تواضروس الثاني، بإصدار المقر البابوي لكنيسته بالولايات المتحدة بيانا لدعم
زيارة رئيس الانقلاب، عبد الفتاح
السيسي، المرتقبة إلى نيويورك الأحد المقبل، ولا بتوجيهه وفدا كنسيا رفيع المستوى للولايات المتحدة لحشد مسيحييها المصريين لاستقبال السيسي لدى إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإنما تجاوز ذلك إلى مطالبة المسيحيين المصريين صراحة بالصلاة من أجل مؤازرة السيسي في زيارته للأمم المتحدة.
وأكد البابا، خلال عظته الأسبوعية بكنيسة العذراء مريم ببرج العرب، مساء الأربعاء، أهمية تواجد مصر في هذه المنظمة العالمية، مطالبا المصريين في كل مكان بمؤازرة السيسي في "زياراته التاريخية".
ومتناقضا مع ما يقوم به، أشار البابا إلى أن المؤسسة الوحيدة التي ظلت مستقلة هي الكنيسة القبطية خلال فترات استعمار مصر منذ دخول المسيحية في القرن الأول الميلادي. وأضاف أن كنيسة مصر صامدة ومستقلة. وقال: "ده فخر لينا كمصريين، وفخر لمصر كبلد".
وقال: "نصلي من أجل نجاح زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي المقبلة للأمم المتحدة".
وأضاف: "الرئيس السيسي يشرف البلاد، ويفرحنا أمام العالم"، وأشاد بزيارته الأخيرة للصين، ووصفها بأنها "تشريف وتكريم لمصر ولمكانتها وسط شعوب العالم".
دعم كنسي مصري من أمريكا للزيارة
وكانت الكنيسة الأرثوذكسية، في
الولايات المتحدة، أصدرت مساء الأحد، بالتعاون مع إيبارشية نيويورك، بيانا دعت فيه أقباط الولايات المتحدة للتواجد أمام مقر الأمم المتحدة بنيويورك صباح الثلاثاء 20 أيلول/ سبتمبر الجاري، لدعم السيسي إبان إلقاء كلمة مصر أمام الجمعية العامة.
وأكد البابا، أنه "على كهنة أمريكا حشد وتشجيع الشعب على التواجد أمام مبنى الأمم المتحدة صباح الثلاثاء لاستقبال الرئيس، في ظل توفير وسيلة انتقال من كل كنيسة للذهاب والعودة، وتأييد فخامة الرئيس الذي يعمل بلا كلل من أجل مصر"، بحسب البيان المذيل بتوقيع الأنبا ديفيد، أسقف نيويورك ونيو إنجلاند، والأنبا كاراس الأسقف العام والنائب الباباوي في أمريكا الشمالية، ومجمع كهنة المقر الباباوي، ومجمع كهنة نيويورك ونيو إنجلاند.
وقال البيان: "سيقوم رئيس جمهورية مصر العربية السيد عبد الفتاح السيسي بزيارة منطقة نيويورك لإلقاء كلمة مصر في الأمم المتحدة، لذلك يجب على جميع المصريين المخلصين لبلادهم المصرية الترحيب به وتدعيمه في كل عمل يعمله من أجل خير مصر".
وأضاف البيان: "إن قداسة البابا تواضروس مهتم اهتماما كبيرا بنجاح هذه الزيارة، وقد قام بانتداب نيافة الأنبا يؤانس، أسقف أسيوط، ونيافة الأنبا بيمن، أسقف نقادة وقوص، للإعداد لهذه الزيارة المهمة. كما أرسل رسالة يحثنا فيها على عمل كل شيء ممكن لإنجاح هذه الزيارة، مما يعود بالخير على مصر، وكل المصريين الذين هم إخوتنا".
وتابع البيان: "نحن أيضا، إكليروسا وشعبا، نرجو أن تأتي هذه الزيارة بالثمار المرجوة منها لصالح مصرنا الحبيبة، وتأييد فخامة الرئيس الذي يعمل بلا كلل من أجل مصلحة مصر".
وفد كنسي يسبق السيسي إلى نيويورك
ومن القاهرة، توجه، الثلاثاء، وفد كنسي رفيع المستوى يضم الأنبا يؤانس، أسقف أسيوط، والأنبا بيمن، أسقف قوص ونقادة، في زيارة للولايات المتحدة تستغرق أسبوعا، يلتقون خلالها بالأقباط في ولايتي نيوجيرسي ونيويورك، وتتخللها زيارة خاطفة لكندا، للحشد لاستقبال السيسي أثناء إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال الأنبا يؤانس، بحسب تصريحات نقلتها صحيفة "المصري اليوم"، الثلاثاء، إن الزيارة بتكليف من البابا تواضروس، "وهو تكليف أسعدني"، مضيفا أنه يجب أن يلقى الرئيس أفضل استقبال بما يليق بمكانته المرموقة في قلوب المصريين، لأن ما فعله في السنوات الماضية سوف يكتبه التاريخ بحروف من ذهب، على حد قوله.
وتابع: "نسأل الله أن يبارك في كل مجهوداته من أجل خير كل فرد في مصر بصلوات قداسة البابا المعظم البابا تواضروس الثاني".
وبالتوازي مع أوجه الدعم الكنسي السابقة لزيارة السيسي، كشف مصدر كنسي، بحسب "المصري اليوم"، أن أساقفة الولايات المتحدة طالبوا الأقباط بحسن استقبال السيسي خلال زيارته للولايات المتحدة.
وعن اعتراض البعض على دعوة الكنيسة للحشد واستقبال السيسي، أكد المصدر ذاته أنه دور وطني وواجب على كل مصري مقيم في الخارج، مشددا على أنه يجب أن يظهر التفاف المصريين حول رئيسهم ودعمه، بحسب الصحيفة.
ارتباط بين دعم السيسي وإقراره "بناء الكنائس"
وفي كشف كنسي نادر للارتباط بين موقف الكنيسة الداعم لزيارة السيسي لأمريكا ووقوفه وراء خروج قانون "تنظيم بناء الكنائس" للنور، أعرب مطران البحيرة والخمس مدن الغربية بمصر، الأنبا باخوميوس، عن شكره للبابا تواضروس على "إنجاز" قانون بناء الكنائس.
وقال باخوميوس، في كلمة له قبل العظة الأسبوعية للبابا، الأربعاء، إن "البابا تواضروس أنجز قانون بناء وترميم الكنائس، وربنا أعطى له نعمة، وألغى الخط الهمايوني دون أن يصطدم بأحد في الدولة".
كما أعرب باخوميوس عن شكره للبابا لأنه كون علاقات طيبة مع رؤساء العالم.
وقال: "هذا إنجاز كبير جدا، بالإضافة إلى العلاقات المسكونية الجيدة خاصة مع بابا روما، ومجلس كنائس الشرق الأوسط"، على حد وصفه.
دعم مسيحي للدور السياسي للكنيسة.. واجب وطني
إلى ذلك، تلقى البابا تواضروس وقيادات الكنيسة الأرثوذكسية في مصر دعما قويا من سياسيين ونوابا وإعلاميين مسيحيين، لدورها السياسي المتعاظم في مصر.
ورفض رئيس تحرير جريدة "المشاهير"، ناجي وليم، التشكيك في قيام الكنيسة بالحشد لاستقبال السيسي بالولايات المتحدة. ووصف الرافضين لدور الكنيسة في هذا التوقيت بـ"أدعياء السبوبة". وقال إنهم ممنوعون مِن دخول مصر.
وشدد على أن الكنيسة يستحيل أن تنسحب من دورها الوطني، خاصة أنها تقوم بدور مؤثر في إبراز الشكل الحضاري لمصر في الخارج، وهي بمثابة سفارات شعبية تسهم في تحسين صورة مصر الخارجية، على حد زعمه.
كما قال عضو "تنسيقية المواطنة"، المفكر والكاتب المسيحي كمال زاخر: "إن التنسيقية تدعم الرئيس في زيارته، وتدعو المصريين الوطنيين بالخارج لدعمه في مهمته الوطنية بأمريكا".
وشدد زاخر على ضرورة أن "نقف مع كل المصريين صفا واحدا في مواجهة كل الأخطار التي تتهدد الوطن، كما نرفض محاولات القوى المناوئة لثورة 30 يونيو، للنيل من كرامة مصر وجهود الرئيس في تأكيد دور مصر الدولي"، بحسب وصفه.
من جهته، اعتبر الكاتب الصحفي المسيحي جرجس بشرى أن مساندة السيسي أثناء زيارته لأمريكا واجب وطني، بحسب زعمه.
وقال: "على كل القيادات الدينية "إسلامية كانت أم مسيحية" أن يدعموا هذه الزيارة، لأن الرئيس يمثل مصر، ولا يمثل نفسه أو حكومته، فهو رمز للدولة المصرية العظيمة، وأيضا لأن جماعة الإخوان على مستوى العالم تحشد بكل قوة لإفشال الزيارة، وتشويه الرئيس الذي يمثل رمزا للدولة، وهو ما يستوجب أن يكون هناك حشد كبير مواز يمثل كل مكونات الشعب المصري من مسلمين وأقباط أمام المنظمة الأممية لدعم الدولة المصرية وجيشها الوطني المستهدف بشدة الآن"، وفق قوله.
وأضاف: "أقول للرئيس السيسي: ثق تماما أن مصر وراءك، وتساندك في هذه الزيارة، تكلم بقوة ولا تسكت، فقوتك من قوة مصر وشعبها، ولا تخش نباح الكلاب الضالة، لأن أسود مصر بجانبك" .
وعلى الصعيد نفسه، وصفت عضو مجلس نواب ما بعد الانقلاب، إليزابيث شاكر، دعوة الكنيسة، أقباط المهجر، لدعم السيسي خلال زيارته لنيويورك، بأنها "شيء إيجابي"، مدعية أن "السيسي" يمثل مصر، ودعمه ضرورة لإرسال رسالة إيجابية للعالم عن التلاحم الشعبي مع القيادة، على حد تعبيرها.
وزعمت أن دعوة الكنيسة لحشد أقباط المهجر لدعم الرئيس، ورفضها من قبل التظاهر ضد النظام في أعقاب أحداث المنيا، لا رابط بينهما.
ومتفقا مع الآراء السابقة، قال المحلل السياسي المسيحي، أكرم ألفي، إن زيارة السيسي للولايات المتحدة يسعى فيها لتأكيد الحضور الدولي لمصر على المستوى الإقليمي والدولي، وتأكيد شرعية ثورة 30 يونيو، على حد زعمه.
وأضاف: "قد تسمح هذه الزيارة بلقاء مقتضب مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما وبعض الزعماء الذين لم تسمح الظروف بزيارتهم للقاهرة، وقد تفتح تقاربا بين واشنطن والقاهرة بعد الموقف الأمريكي ضد مصر عقب ثورة 30 يونيو، لاسيما أن الرئيس لم يتلق أي دعوة رسمية حتى الآن لزيارة البيت الأبيض، وأن هذا سيستمر حتى نهاية ولاية أوباما نهاية هذا العام".
وأشار إلى أن الزيارة سيكون بها زخم، ولكن ليس مثل الزيارة الأولى التي شهدت زخما وحضورا كبيرا من الداعمين للدولة المصرية ضد الحشد الإخواني، بحسب وصفه، متوقعا حدوث تجمعات قليلة ما بين مؤيد ومعارض، ولكن الأهم في الزيارة سيكون زخما دبلوماسيا متوقعا وجدول أعمال أكبر للرئيس في لقاءات سياسية تمثل أهمية كبيرة لدعم مصر على المستوى السياسي والاقتصادي، بحسب تعبيره.
وحول الجدل بين المصريين حول تأييد أو رفض الزيارة، قال ألفي: "أعتقد أن الصوت الرافض لزيارة السيسي في أمريكا لن يكون مؤثرا، وأن الكنيسة المصرية ستقوم بدور إيجابي في دعم الرئيس، وهي رسالة وطنية لتأكيد موقفها في دعم الدولة المصرية، وأنها راضية عن قانون بناء الكنائس".
"الأمن والإرهاب" يتصدران أجندة السيسي بأمريكا
ويذكر أن السيسي يشارك، للمرة الثالثة على التوالي في فعاليات الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ اجتماعاتها بمدينة نيويورك، السبت المقبل، تحت عنوان "قمة الأمم المتحدة المعنية باللاجئين والمهاجرين".
وقال مراقبون إن مشاركة مصر في أعمال الأمم المتحدة هذا العام مختلفة عن تلك السابقة، كونها عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي لمدة عامين، تنتهي في العام المقبل.
وقال المتحدث باسم الرئاسة، علاء يوسف، الأربعاء، إنه من المقرر أن يلقي السيسي بيان مصر أمام الجمعية العامة، ويعرض خلاله مجمل تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية بمصر، فضلا عن المواقف المصرية إزاء القضايا الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط.
ومن جهته، يتوجه وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الخميس، إلى نيويورك، للإعداد لمشاركة السيسي في الاجتماعات.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، أحمد أبو زيد، إن الاجتماعات ستبحث قضايا عدة، بينها التحديات الأمنية، وتمدد وانتشار الإرهاب، واحتدام الصراعات والنزاعات، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، وأزمة اللاجئين.
وكشف أن السيسي سيخصص جزءا من وقته في نيويورك لتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، والتفاعل مع مختلف القوى المؤثرة في المجتمع الأمريكي، على حد قوله.