لم تتوقف عمليات الضرب (تحت الطاولة) بين بعض
الصحفيين ومقدمي البرامج التلفزيونية في
مصر من جهة، ورجال الأعمال والمسؤولين من جهة أخرى، تحت مزاعم كشف عمليات فساد، في حين أنها عمليات ابتزاز مكتملة الأركان، وفق عدد من الإعلاميين والصحفيين المتخصصين.
وكشف مصدر إعلامي لـ"
عربي21" أن "ما يتم طرحه في الصحف والإعلام حول فساد هذا المسؤول أو ذاك الوزير، أو غيره من رجال المال والسلطة، ما هي إلا حلقة من حلقات الابتزاز التي تمارس بشكل أو بآخر إما بإيعاز أجهزة بالدولة أو مالكي الصحف والقنوات الفضائية".
وشدد على أنه "إذا كان الوزراء في حكومة السيسي، والمسؤولين، ورجال الأعمال متهمون بالفساد؛ فإن إعلاميي وصحفيي السيسي يتاجرون بقضايا الفساد؛ ولذلك لجأ بعض رجال الأعمال لإطلاق قنوات فضائية، وصحف خاصة، وتسخير إعلاميين، وصحفيين للدفاع عنهم، أو حتى النيل من خصومهم، وبعضهم منخرط في العمل السياسي، كمقدمي بعض البرامج في قناة صدى البلد، أو النهار، أو سي بي سي، وغيرها".
فساد المال والإعلام
من جهته؛ قال الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة سابقا، قطب العربي، لـ"عربي21": إن "الحديث عن فساد المسؤولين عبر فضائيات الأذرع الإعلامية حاليا بهدف التخلص منهم كما حدث مع وزير التموين خالد حنفي، وإن كان صحيحا، إلا أنه قول حق أريد به باطل بهدف إخلاء المكان لشخص آخر (لواء جيش) ".
وأضاف: "إعلاميو النظام يفتحون قضايا الفساد بناء على تعليمات جهات سيادية، وهي تدرك مدى فسادهم هم الآخرين، لكنها تستخدمهم للتخلص من أشخاص وإحلال آخرين محلهم".
واستدرك قائلا: "لم ينس جيلنا التمويلات التي وردت لمصطفى بكري (صحفي وإعلامي موال لنظام السيسي) سواء من طاغية ليبيا معمر القذافي، أو الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وتاليا من النظام الأسدي في سوريا، وهناك قضية محفوظة في أدراج النيابة منذ عهد مبارك حول تلك التمويلات".
وكشف أن "الكثير من إعلامي السيسي فسدة، ويخالفون القانون عبر جلب إعلانات لصحفهم وقنواتهم بطريق ابتزاز رجال الأعمال، وتهديدهم بنشر فضائحهم حال امتناعهم عن نشر تلك الإعلانات"، مشيرا إلى أن "فساد بعض الصحفيين والإعلاميين يفسر هجومهم ومدحهم لبعض رجال الأعمال".
إدارة الفساد الإعلامي
أما الباحث في المرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، فقال لـ"عربي21"، إن "الإعلام المصري يتعامل مع قضايا الفساد باعتبارها صفقات ربحية من خلال مسارين، أولهما المسار الإعلاني، عبر الحملات الإعلانية التي يوظفها ملاك تلك القنوات لجلب مزيد من الأموال والمعلنين، وثانيهما كوسيلة ابتزاز للوزراء والمسؤولين للحصول على امتيازات وتخصيص أراض وتسهيلات بنكية".
وأضاف: "وقد عرف مصطفى بكري بأنه أحد أبرز المختصين في هذا الأمر، حيث عرف إبان حكم مبارك أنه كان أحد أدوات صفوت الشريف (وزير الإعلام الأسبق) في تصفية حساباته مع خصومه، عبر جريدة الأسبوع التي تصدت لقضايا الفساد في الصحف القومية، بعد أن خرج قياداتها عن طوع الشريف وأصبحوا يتعاملون مع الرئاسة مباشرة".
وأكد أن "الخريطة الإعلامية المصرية بالأساس تقوم على استثمار أموال قذرة مجهولة المصدر من عدد من رجال الأعمال المقربين من الأجهزة الأمنية، لغسيل سمعتهم أو استغلالها للضغط على أطراف في النظام، كما أثير عن تمويل ممدوح إسماعيل صاحب عبارة الموت لصحيفة اليوم السابع بهدف غسيل سمعته وتقديمه مجددا للرأي العام".
فساد قديم جديد
أما المتحدث الرسمي لجبهة الضمير، عمرو عبد الهادي، فقال لـ"عربي21": "ما يحدث من ابتزاز في الإعلام والصحافة باسم كشف الفساد، متعارف عليه منذ عهد مبارك، فكانت تجمعات الإعلاميين أسبوعيا تخصص لقيادة هجمة على وزير أو مسؤول، وحينما ينتهي الإبراشي يبدأ سعد، وحينما ينتهي سعد يبدأ القرموطي، فهم فاسدون يستعملون فاسدا لجلب مفسدة لهم".
وأكد أن هناك "عددا كبيرا من الإعلاميين والصحفيين تورطوا في الاستيلاء على أراض وشركات وإعلانات، دون وجه حق"، مشيرا إلى أن "أمثال مصطفى بكري وأحمد موسى، هم عملاء أمنيون قولا واحدا، يستخدمهم النظام من أجل تبييض وجهه، ليس إلا".
واعتبر أن المتاجرة بالفساد "هو أشد أنواع الفساد، وأن النظام يسمح بتكاثر المفسدين، ومن ثم الإيقاع بهم في لحظة ما من خلال أذرعه الإعلامية والصحفية، وعادة ما يلجأ النظام إلى التخلص من مسؤول أو وزير بعد تحميله أوزار خطايا الحكومة".