وافقت الحكومة السورية السبت على اتفاق
الهدنة الأمريكي الروسي المزمع البدء بتطبيقه اعتبارا من الاثنين في
سوريا، في حين تعاملت معه
المعارضة بحذر مؤكدة أنها لم تتسلم حتى الآن أي نص رسمي للاتفاق.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن "مصادر مطلعة" أن "أحد أهداف الاتفاق الروسي الأمريكي هو التوصل إلى حلول سياسية للأزمة في سورية"، مضيفة أن "الحكومة السورية وافقت على الاتفاق".
وأكدت المصادر أن "الاتفاق بكامله تم بعلم الحكومة السورية ووافقت عليه".
من جهتها، أعلنت الهيئة العليا للمفاوضات التي تضم أبرز مكونات المعارضة والفصائل المقاتلة أنها "لم تتسلم أي نص رسمي عن الاتفاق الأمريكي الروسي، وفي حال استلامه ستجري الهيئة دراسة تفاصيله ومعرفة آليات وضمانات تطبيقه".
وأضافت في تصريح: "قبل إعطاء أي رد رسمي ستجتمع الهيئة مع المكونات السياسية والمدنية وقيادات الجيش الحر والفصائل الثورية للتشاور في هذا الأمر".
وكانت الهيئة تعاملت بحذر مع إعلان الجانبين الأمريكي والروسي للهدنة، وصرحت بسمة قضماني من الهيئة في وقت سابق: "ننتظر أن تقنع روسيا
النظام بضرورة الالتزام بالاتفاق، ولا نتوقع أن يقوم النظام بذلك بملء إرادته".
وأضافت: "نأمل من روسيا أن تنطلق من منطق الحرب إلى منطق الحل السياسي، فنحن لا نعول على النظام إطلاقا بل نعول فقط على روسيا التي في يدها كل الأوراق".
من جهته، حض مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى سوريا السبت المعارضة السورية على قبول اتفاق الهدنة، وقال مايكل راتني في رسالة إلى فصائل المعارضة أن هذا الاتفاق "أفضل وسيلة لدينا لإنقاذ الأرواح".
وأضاف: "نعتقد أن هذه الهدنة لديها الإمكانية لأن تكون أكثر فاعلية من سابقتها، وذلك لأن لديها القدرة على وقف الضربات الجوية السورية ضد المدنيين السوريين وقوات المعارضة".
وتابع: "والشيء الأكثر أهمية هو أننا نود الحصول على تأكيد منكم أنكم مستعدون للالتزام بهذا الاتفاق".
وأعلن وزيرا الخارجية الأمريكي جون كيري والروسي سيرغي لا فروف اللذان يدعم بلداهما أطرافا متحاربين في سوريا مساء الجمعة عن الاتفاق. وقال
لافروف إن موسكو "أطلعت الحكومة السورية عليه، وأن الأخيرة مستعدة لتطبيقه".
وأعرب كيري عن الأمل في أن يتيح الاتفاق "خفض العنف" وفتح الطريق أمام "سلام عن طريق التفاوض وانتقال سياسي في سوريا".
وقف القتال في حلب
يتناول الاتفاق الروسي الأمريكي في إحدى نقاطه مدينة حلب في شمال سوريا التي تشهد وضعا إنسانيا مروعا وتسيطر قوات النظام على أحيائها الغربية في حين يسيطر المعارضون على أحيائها الشرقية التي يحاصرها النظام.
وينص الاتفاق على "نزع الأسلحة" من طريق الكاستيلو شمال حلب التي كانت الفصائل المقاتلة تستخدمها للتموين قبل أن تسيطر عليها قوات النظام.
وقالت المصادر المطلعة لـ"سانا": "سيتم وقف الأعمال القتالية في مدينة حلب لأسباب إنسانية".
وبموجب الاتفاق واستنادا إلى تصريحات الوزيرين الأمريكي والروسي، يمتنع النظام السوري عن القيام بأي أعمال قتالية في المناطق التي تتواجد فيها المعارضة المعتدلة والتي سيتم تحديدها بدقة وفصلها عن المناطق التي تتواجد فيها جبهة فتح الشام، أو جبهة النصرة سابقا قبل أن تعلن فك ارتباطها بتنظيم القاعدة.
كما ينص على وقف كل عمليات القصف الجوي التي يقوم بها النظام في مناطق أساسية سيتم تحديدها، وخصوصا وقف القصف بالبراميل المتفجرة واستهداف المدنيين.
وعلى المعارضة أن تنضم إلى اتفاق وقف الأعمال القتالية، فيما يمتنع الطرفان عن شن هجمات وعن محاولة إحراز تقدم على الأرض.
ومن أبرز النقاط إدخال مساعدات إنسانية إلى المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها، بما فيها حلب.
وبعد مرور سبعة أيام على تطبيق وقف الأعمال القتالية وتكثيف إيصال المساعدات، تبدأ الولايات المتحدة بالتنسيق مع الروس تنفيذ ضربات جوية مشتركة ضد جبهة فتح الشام وتنظيم الدولة.
وتسعى القوتان العظميان إلى إحياء خطة للسلام أقرتها الأسرة الدولية في نهاية 2015 وتشمل وقفا دائما لإطلاق النار وتقديم مساعدات إنسانية وإقرار عملية انتقال سياسي بين النظام السوري والمعارضة.
ورحب بالاتفاق كل من بريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي وتركيا التي بدأت تدخلا عسكريا غير مسبوق في سوريا منذ أواخر آب/أغسطس ضد المقاتلين الأكراد وتنظيم الدولة.
ضربات مشتركة قريبا
وقال لا فروف إن الاتفاق "يسمح بإقامة تنسيق فعال لمكافحة الإرهاب".
ورد كيري بأن الولايات المتحدة ستوافق في حال استمرت الهدنة "لمدة أسبوع" على التعاون مع الجيش الروسي.
ويتعين على روسيا ممارسة ضغوط على النظام السوري بينما على واشنطن إقناع من تسميها "المعارضة المعتدلة" بفك ارتباطها بالمجموعات الجهادية التي تتحالف معها في محافظتي حلب وإدلب (شمال غرب)، وفي مقدمتها جبهة فتح الشام، أي جبهة النصرة قبل أن تعلن فك ارتباطها بتنظيم القاعدة والتي لا تزال موسكو وواشنطن تعتبرها "إرهابية".
وعلق الباحث في معهد الشرق الأوسط للأبحاث تشارلز ليستر على الاتفاق بالقول: "أحد الأسئلة المهمة هو كيف ستحدد الولايات المتحدة وروسيا المناطق التي تعتبر فيها المعارضة بعيدة بشكل كاف عن جبهة فتح الشام، جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، والمناطق التي تعتبر قريبة جدا فيها من فتح الشام وتشكل بالتالي أهدافا مشروعة".
في هذا الصدد، أعلن لا فروف تشكيل "مركز مشترك" روسي أمريكي لتنسيق الضربات "سيضم عسكريين وممثلين عن أجهزة الاستخبارات الروسية والأمريكية بقضايا عملية: التمييز بين الإرهابيين والمعارضة المعتدلة".
وشددت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في بيان أن التعهدات المدرجة في الاتفاق "يجب أن تحترم بالكامل قبل أي تعاون عسكري محتمل" مع الروس.
الوضع الميداني
قتل 24 شخصا السبت في غارات جوية على سوق ومناطق في مدينة إدلب التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة شمال غرب سوريا، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ولم تتضح على الفور الجهة التي شنت الغارات التي أصابت كذلك أحياء في إدلب وأدت إلى إصابة 90 شخصا آخرين، بحسب المرصد.
ولم يؤكد المصدر عدد المدنيين من القتلى وقال إن جثثهم "تفحمت" نتيجة القصف.