توحي أجواء المحللين الروس بصفقة روسية - تركية أتاحت لأنقرة دخول سوريا وتحرير حدودها من جيوب "داعش"، مقابل تغيير بدأت تظهر ملامحه في موقف السلطات التركية من الرئيس السوري بشار الأسد.
وفي الجانب التركي، تواصل القوات التركية التي دخلت سوريا لتحرير جرابلس الحدودية من "داعش" تقدمها جنوباً، وباتت بحسب تقارير إعلامية على مسافة 11 كيلومتراً شمال منبج التي حررتها "وحدات حماية الشعب" الكردية من هذا التنظيم في آب الماضي. وهي في انتظار انسحاب هذه الوحدات من المدينة إلى شرق الفرات "في أسرع وقت" لفتح ممر للمقاتلين السوريين إلى شمال حلب.
ينذر هذا التقدم التركي بمواجهة بين تركيا والأكراد في مدينة الباب، وهو ما يضعف أكثر موقف الولايات المتحدة التي أربكها اندفاع تركي وضع وكلاءها بعضهم في مواجهة البعض في شمال سوريا، وشتت ولو مؤقتاً جهودها لتحرير الرقة، عاصمة الخلافة المفترضة.
ما كان واضحاً منذ البداية أنه لولا المصالحة الروسية - التركية لما كانت العملية في سوريا من أساسها ممكنة. لكنّ تقارير روسية تذهب أبعد، متذرعة بأن موسكو على رغم تحفظها عن التوغل التركي في روسيا لم توجه انتقادات قاسية إلى أنقرة، وبدت متفهمة لعملية تركية محدودة في شمال سوريا.
ولم يجد رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط المعاصر في بطرسبرج غومر إيساييف محاذير في القول إن ثمة نوعاً من التنسيق بين روسيا وتركيا، وإن يكن يرى أن عملية "درع الفرات" لن تغير ميزان القوى بين روسيا وأميركا في سوريا.
ومن السيناريوات الروسية أيضاً أن روسيا وتركيا توصلتا إلى اتفاقات في شأن الأماكن التي يمكن أن تدخلها تركيا وحلفاءها وعدد الجنود الأتراك المشاركين في العملية. ويورد البعض مدينة الباب هدفاً رئيسياً لتركيا، ويقولون إن الأمر أكثر تعقيداً في حماه، وإن لا حدود محددة فيها. ومن الفرضيات المتداولة أيضاً احتمال حصول عملية عسكرية مشتركة روسية - تركية - سورية ضد "داعش".
منطقياً، يصعب تصور حصول أردوغان من"صديقه العزيز" على ضوء أخضر لزيادة نفوذه في المنطقة لوجه الله. لكنّ التصور يصير ضرباً من المجازفة عندما نفكر في احتمال حصول لقاء ثلاثي لبوتين وأردوغان والأسد لأسباب عدة ليس أقلها تركي داخلي. ومع أن تركيا باتت للمرة الأولى منذ خمس سنوات أكثر استعداداً لاعتبار الحكومة السورية الحالية، بمن فيها الأسد، جزءاً من مرحلة انتقالية، يمكن القول، أقله حتى الآن، إن بوتين وأردوغان قررا الاتفاق على أوباما، خصمهما المشترك، أكثر من اتفاقهما على لقاء يجمع الأسد وأردوغان.