أصدرت "وزارة التربية التركية" قرارا يقضي بحصر تسجيل الطلاب السوريين الجدد في الصف الأول، في المدارس التركية، على أن يطبق القرار مع بداية العام الدراسي المقبل، وذلك ضمن خطتها لدمج الطلاب السوريين بأقرانهم الأتراك، فيما خيرت طلاب الصف الخامس والتاسع بين التسجيل في المدارس التركية، أو مواصلة تعليمهم في مراكز التعليم المؤقتة السورية.
وأثار هذا القرار قلق العديد من الأهالي خوفا من "تتريك" السوريين، بحسب نشطاء، على الرغم من تطمينات المسؤولين الأتراك والسوريين للأهالي، مبررين هذا القرار بأن "شهادة مراكز التعليم السورية المؤقتة غير معترف بها دوليا".
وقال نقيب المعلمين السوريين حسن طيفور في حديثه لـ "
عربي 21"، إن هذا القرار هو واحد من جملة قرارات لاحقة ستمهد لإنهاء العمل بـ"التعليم المؤقت"، خلال الثلاث سنوات القادمة، موضحا، نقلا عن لسان مسؤولين أتراك، "أن التعليم بالمراكز المؤقتة غير معترف به دوليا باستثناء
تركيا، ولهذا تسعى الحكومة التركية إلى تأطير عمل هذه المدارس، وتحويلها إلى مراكز تعليم دائمة بشهادات معترف بها".
لكنه عبّر عن خوفه الشديد من عدم تعلم الطلاب في الصف الأول للغة العربية، مشيرا إلى أن الصف الأول والثاني بمثابة حجر الأساس لتعليم الطلاب اللغة العربية، مستطردا: "هذا لا يعني أن النقابة ضد تعلم
الطلبة السوريين للغة التركية".
واستطرد قائلاً: "فضلاً عن ذلك سيفاقم التسجيل بالمدارس التركية من المشاكل النفسية للطالب السوري، وخصوصاً أنه سيكون في مجتمع غريب عنه تماما، بلغة مختلفة عن لغته أيضاً".
كما عبر طيفور عن قلقه أيضا من غياب تدريس مادتي التربية الإسلامية والتاريخ العربي في المدارس التركية، مبينا أنه "رغم تجاوب المسؤولين الأتراك مع مطالبنا، إلا أن القرار الأخير الذي يخص طلاب الصف الأول لم يأخذ بالحسبان مخاوفنا كسوريين، فنحن نريد العودة إلى بلادنا بجيل سوري الانتماء".
من جهته، أكد عضو هيئة الوفد المكلف بمتابعة أمور الملف التعليمي السوري مع الجانب التركي، عامر النمر، أن تعليم اللغة العربية لطلاب الصف الأول سيكون بمعدل خمس إلى سبع ساعات أسبوعياً، معتبرا قرار دمج الطلاب السوريين مع الأتراك بـ"الايجابي"، حيث من المتوقع أن تتضاعف أعداد الطلبة السوريين في المدارس التركية ذات القدرة الاستيعابية غير المحدودة، بخلاف المدارس السورية، علاوة على الاعتراف بالشهادات العلمية.
بدوره، وصف مدير مدرسة سورية في مدينة "كيليس" الحدودية القرار الأخير بالـ "المجحف"، موضحا: "نستطيع أن نصنف السوريين الذين يقيمون في تركيا بأنهم من فئة من يطمحون للعودة إلى
سوريا، ولو كانوا غير ذلك لكانوا قد اختاروا الهجرة إلى بلدان اللجوء الأوروبية التي تقدم لهم مزايا أفضل".
وأضاف أنه "في حال تم التوصل إلى حل، فكيف سيواصل الطالب السوري تعليمه في بلاده باللغة العربية، وهو الذي سيتعلم هنا باللغة التركية؟".
وروى مدير المدرسة تجربته مع طالب سوري في الصف الثالث وهو يحمل الجنسية التركية بحكم أصوله "التركية"، قائلا: "كان أهل الطالب قد قاموا بنقله إلى مدرسة تركية بداية العام الدراسي الماضي، لكن سرعان ما عادوا به إلى المدرسة السورية التي يتولى إدارتها، بسبب تعرضه للضرب المبرح من أقرانه الأتراك، علماً أنه يجيد اللغة التركية".
وأشار إلى أن هذا القرار سيؤدي بالضرورة إلى خسارة الكثير من المعلمين السوريين لفرص عملهم، موضحا: "في المدرسة التي أعمل بها لدينا خمس صفوف أي خمس وظائف، ناهيك عن وجود حوالي 230 مدرسة سورية في تركيا"، متسائلاً: "إلى أين سيذهب هؤلاء؟".
يذكر أنه وبحسب أرقام شبه رسمية، فإن عدد الطلبة السوريين الذين توجهوا إلى المدارس مع بداية العام الدراسي الماضي، بلغ نحو 370 ألف طالب وطالبة من مختلف المراحل.