ناقش
سايمون هندرسون، مدير برنامج الطاقة وسياسة الخليج في "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى"، زيارة ولي ولي العهد
محمد بن سلمان "المؤقتة وغير المتوقعة" إلى العاصمة
الباكستانية إسلام آباد، في 28 آب/ أغسطس الجاري.
وقال هندرسون، في ورقة تحليل سياسات، الاثنين، إن هذه الزيارة التي دامت ثلاث ساعات في طريقه للصين واليابان جاءت ضمن "المساعي المبذولة لتوطيد العلاقات الاقتصادية مع اثنتين من أكبر الدول المستوردة للنفط السعودي".
وأشار هندرسون إلى أن محمد بن سلمان هو المهندس الذي يقف وراء خطة "الرؤية 2030" لتطوير الاقتصاد السعودي، وسوف يمثل بلاده أيضا في القمة الاقتصادية لمجموعة العشرين التي ستعقد في مدينة هانغزو في الصين في 4 و5 أيلول/ سبتمبر المقبل.
وأوضح مدير سياسة الخليج أن باكستان لا تشكل محطة بديهية في الرحلة، فالهند كانت أكثر منطقية لو كانت المناقشات تتمحور حول الأعمال التجارية، مرجحا أن "القضايا الدفاعية، التي قد يكون بعضها مصدر قلق لواشنطن، هي الأكثر احتمالا"، بحسب تعبيره..
ووفقا لـ "وكالة الأنباء
السعودية" الرسمية (واس)، شملت المحادثات التي جرت بين الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء نواز شريف، بمشاركة وزير الدفاع وقائد الجيش الباكستانيين أيضا، "العلاقات الثنائية وأساليب تطويرها في مختلف المجالات"، على الرغم من أنه لم يتم تحديد هذه "المجالات"، إلا أن الوكالة اقتبست عن الأمير -الذي هو أيضا وزير دفاع المملكة- قوله إنّ الزيارة "أكّدت عمق العلاقة الاستراتيجية بين الشعبين".
وأوضح المعهد أن العمليات الخليجية في اليمن تمثل أحد نواحي العلاقة الاستراتيجية، التي التمست حولها الرياض دعما أكبر من باكستان، ولعل المسألة طرحت للبحث مرة أخرى؛ نظرا للجمود المستمر في النزاع بالوكالة الذي تخوضه السعودية ضد إيران، مشيرا إلى رفض إسلام آباد إرسال جنودها لليمن، وتردد المسؤولين الباكستانيين في الانضمام لما أسمته الرياض "التحالف الإقليمي ضد الإرهاب" في الأشهر الأخيرة.
وفي الوقت نفسه، أعربت باكستان علنا عن دعمها للمبادرة الأخيرة، وفي كانون الثاني/ يناير وقعت على اتفاقية ثنائية للتعاون العسكري دون تفاصيل، وتعهّدت بالتحرّك ضد أي خطر يهدد سلامة الأراضي السعودية، ما يرجح -بحسب هندرسون- أن يكون موضوع الترتيب النووي بين البلدين تصدّر القضايا التي تم التباحث حولها خلال الزيارة الأخيرة، مع الإشارة إلى أنه غالبا ما يؤتى على ذكر الترتيب النووي، الذي لم يعلن إطلاقا، حيث تتمكن السعودية بموجبه من استعارة الأسلحة النووية الباكستانية في وقت الأزمات.
تأكيد على التفاهم
وتعدّ المملكة العربية السعودية، إلى جانب ليبيا، من أوائل الداعمين الماليين لتطوير الأسلحة النووية الباكستانية منذ مطلع السبعينيات، ففي عام 1999، زار وزير الدفاع السعودي الراحل الأمير سلطان مصنع تخصيب اليورانيوم الباكستاني في كاهوتا كضيف نواز شريف الذي كان آنذاك أيضا رئيسا للوزراء.
وأشار هندرسون إلى أنه "إذا كانت باكستان وافقت فعلا على نشر صواريخ ذات رؤوس نووية في السعودية في حالات الطوارئ أو لتأمين رادع نووي في وجه إيران، فمن المرجّح أن يكون هذا التفاهم مجرد ترتيب شفهي غامض، وليس معاهدة خطية رسمية"، ما يستدعي ترتيب زيارات دورية رفيعة المستوى من أجل إعادة التأكيد على التفاهم.
ويشار إلى أن الأمير محمد بن سلمان كان زار باكستان في كانون الثاني/ يناير المنصرم، في حين سافر شريف إلى المملكة عدة مرات هذا العام، وكان يرافقه قائد الجيش الباكستاني في بعض الأحيان، وبذلك أتيحت فرصة كبيرة لمناقشة هذه المسألة.
استقالة شريف
وأشار هندرسون إلى أن المشكلات الصحية والعائلية التي واجهها شريف في الآونة الأخيرة -وتحديدا عملية القلب الكبيرة التي خضع لها في أيار/ مايو، والمعلومات التي كشفتها فضيحة "أوراق بنما" عن امتلاك بعض أقاربه حسابات مصرفية مشبوهة- قد تؤدي إلى استقالته.
واستدرك بقوله إن ترسانة باكستان النووية تخضع نظريا لسيطرة مدنية، إلا أن الجيش هو من له العهدة الفعلية للأسلحة وكلمة أساسية في السياسات.
أما على النطاق الأوسع، فلا بد من وضع مساعي الرياض لتعزيز التعاون الدفاعي، وربما أيضا الخيارات النووية مع باكستان، في سياق الدور المتواصل الذي تضطلع به السعودية كزعيمة للعالم الإسلامي، ودولة عربية رائدة، ولاعب أساسي في أسواق الطاقة العالمية، بحسب هندرسون.
وتابع: "المملكة العربية السعودية هي الدولة العربية الوحيدة في منتدى مجموعة العشرين، كما أن ترؤّس الأمير محمد بن سلمان للوفد إلى قمة هانغزو، وهو الذي بلغ لتوّه الواحد والثلاثين من العمر، يجسد مكانته كالوجه الدولي الجديد للرياض، ليحل محل أفراد العائلة المالكة كبار السن والمرضى، أمثال الملك سلمان أو ولي العهد محمد بن نايف".
واختتم مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في المعهد الأمريكي بقوله إنه "إذ يسود الظن بأن الأمير محمد بن سلمان متخوّف بشكل خاص من التهديد الإيراني، يبدو منطقيا من وجهة نظره أن يكون له شريك دفاعي يملك أسلحة نووية، وأن يحظى بإمكانية الوصول إلى الأسلحة النووية نفسها، حتى إذا لم توافق واشنطن"، بحسب تعبيره.