يقترب الموظفون
التونسيون من تحمل فاتورة اقتراض الحكومة التونسية من صندوق
النقد الدولي، إذ يمارس الصندوق ضغوطه من أجل تحديد عدد الموظفين في القطاع العام بحد أقصى لا يتجاوز الـ500 ألف موظف، والسعي نحو تخفيض إجمالي الأجور على المستوى المحلي بنحو 12 في المائة، حتى يتمكن الصندوق من مواصلة ضخ التمويلات إلى الاقتصاد التونسي الذي يعاني من التباطؤ وتراجع الصادرات.
وقالت مصادر مطلعة في وزارة
المالية التونسية، إن الحكومة ستجد نفسها في مواجهة منظمات التمويل الدولية نتيجة الكم الهائل من الانتدابات التي عرفها القطاع العام خلال السنوات الماضية، وعدم التزام الحكومة التونسية بما تعهدت به سابقا، خاصة مع صندوق النقد الدولي، بشأن تخفيض عدد العاملين في القطاع العام، وتخفيض عبء الأجور المؤثر على مجمل التوازنات المالية.
ووفقا لصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، فإن تونس تنتظر إفراج صندوق النقد الدولي عن القسط الأول من قرض مالي مخصص لها خلال سنة 2016، مقدر بنحو 5.319 مليون دولار، إلا أن كل المفوضات التي أجرتها الهياكل الحكومية التونسية لم تؤت أُكلها حتى الآن، بعدما أشارت مصادر من وزارة المالية التونسية إلى تعطل هذا القرض.
ويعود هذا التأخير إلى عدم قدرة تونس على الالتزام بتعهداتها، وأبرزها الحفاظ على مستوى الأجور في حدود 3.13 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مع توقعات ببلوغها 9.14 في المائة، ما جعل صندوق النقد الدولي يدق ناقوس الخطر، علاوة على عدم استكمال تونس عمليات الإصلاح المالي والهيكلي للاقتصاد التونسي.
وتتوقع الدوائر الاقتصادية الرسمية أن يكون عجز الميزانية نهاية السنة الحالية 2016، متراوحا بين 5.2 و9.2 مليار دينار تونسي (ما بين 25.1 و45.1 مليار دولار)، أي في حدود 5.6 في المائة من الميزانية. وتشكو ميزانية 2016 من نقص في الموارد لا يقل عن مليار دينار تونسي (نحو 500 مليون دولار) وهو ما جعل نسبة عجز الميزانية لا تقل عن 9.3 في المائة في الوقت الحالي.
ويحتاج الاقتصاد التونسي حلولا عاجلة بدءا بقانون مالي تكميلي ينتظر أن تعرضه حكومة يوسف الشاهد في القريب العاجل على البرلمان التونسي، بالإضافة إلى الإسراع في التسوية في الأملاك والشركات المصادرة وتسوية الأوضاع في بعض المؤسسات العاجزة ماليا، باستثناء المؤسسات الحيوية على غرار شركة الكهرباء والغاز وشركة استغلال وتوزيع المياه.
وقُدرت نسبة عجز المالية العمومية مع نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي بـ2.2 مليار دينار تونسي (نحو 1.1 مليار دولار) وهو رقم قياسي لم تصله تونس خلال العشرية الأخيرة إلا خلال هذه الفترة من التباطؤ الاقتصادي العميق.
ووفق المعطيات الرسمية التي قدمتها وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة ومقاومة الفساد، فإن عدد العاملين في القطاع العام، ارتفع بعد سنة 2011 إلى حد بات يستنزف النصيب الأكبر من الديون الخارجية التي يوجه أغلبها لتوفير أجور الموظفين والاستجابة للطلبات المالية الملحة والمتواصلة المتعلقة بالزيادة في الأجور.
وقُدر عدد موظفي القطاع العام بنحو 630 ألف موظف، إلا أن بعض هياكل المجتمع المدني التونسي المتابعة للانتدابات المتكررة تقول إن العدد يفوق الـ650 ألف موظف، الرقم الذي يفوق طاقة بلد لا يزيد عدد سكانه عن 11 مليون نسمة.
وعبر صندوق النقد الدولي عن استيائه تجاه الانتدابات العشوائية التي أثرت على الوضع الاقتصادي في تونس وانتقد هذه الحالة، بالإشارة إلى أنه غير مستعد لمواصلة توجيه القروض لدفع أجور الموظفين عوضا عن استثمارها في مشاريع التنمية.
وفي هذا الشأن، قال مراد الحطاب الخبير الاقتصادي التونسي إن تونس مجبرة خلال المرحلة المقبلة على تسريح عشرات الآلاف من الموظفين وتطهير مؤسسات القطاع العام وفق "قاعدة العشرينات الثلاث" على حد تعبيره، أي تسريح 20 في المائة من موظفي القطاع العام بهدف تخفيض نسبة 20 في المائة من الأجور.
وهذا ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تقليص 20 في المائة من نسبة الإنفاق العام، وهذا الأمر من أهم مطالب صندوق النقد الدولي لمواصلة التعاون مع تونس، وضخ المزيد من القروض لتمويل الاقتصاد التونسي الذي هو في حاجة أكيدة للسيولة المالية.