سيطرت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية، الاثنين، على الحي رقم واحد، أحد آخر معقلين لتنظيم الدولة في سرت، لينحصر بذلك تواجد التنظيم في المدينة المتوسطية -التي شكلت قاعدة خلفية له على مدى عام- في أجزاء من حي آخر في شرقها.
وأعلنت القوات الحكومية سيطرتها على الحي بعد هجوم جديد شنته مساء الاثنين، وقتل فيه عشرة من عناصرها، وذلك غداة يوم دام قتل وأصيب فيه العشرات من مقاتليها في مواجهات شرسة مكنتها من اقتحام آخر مناطق سيطرة مسلحي
تنظيم الدولة في سرت (450 كلم شرق طرابلس).
وقال المركز الإعلامي للعملية العسكرية الحكومية الخاصة باستعادة سرت من أيدي تنظيم الدولة على صفحته على موقع فيسبوك: "قواتنا تستكمل تطهير بقية جيوب الدواعش في الحي رقم 1، وتعلن تحريره بالكامل".
وأكد رضا عيسى، المتحدث باسم هذه القوات، أن "قواتنا حررته، والثمن كان غاليا، لكنهم حرروه".
وكان نحو ألف مقاتل من القوات الحكومية شنوا الأحد هجوما على المعقلين الأخيرين لتنظيم الدولة في سرت، الحي رقم 1 في شمال المدينة، والحي رقم 3 في شرقها، تمكنوا خلاله من انتزاع السيطرة على غالبية الحي رقم 1، وعلى "أكثر من نصف" الحي رقم 3، بحسب بيان للقوات الحكومية.
ومساء الاثنين، شنت القوات الحكومية هجوما جديدا ضد مواقع تنظيم الدولة في الحي رقم 1، مدعومة بالدبابات والمدفعية الثقيلة، بحسب ما أكد عيسى، وقتل في هذا الهجوم عشرة على الأقل من المقاتلين الحكوميين، وأصيب 12 بجروح، وفقا لمصادر طبية.
وقبيل مهاجمة مواقع تنظيم الدولة، عملت القوات الحكومية على تحصين المكاسب الميدانية التي حققتها في هجوم الأحد، حيث قامت بتمشيط المناطق التي انتزعتها من عناصر التنظيم، وأعادت التمركز فيها.
ومع استعادة القوات الحكومية للحي رقم 1، يكون تنظيم الدولة قد خسر أحد آخر معاقله، لينحصر بذلك تواجده في المدينة المتوسطية التي سيطر عليها بالكامل في حزيران/ يونيو 2015 بأجزاء من الحي رقم 3 في شرقها.
وكانت قوات الحكومة أكدت في بيان، الاثنين، أنها باتت تحاصر عناصر التنظيم "في أقل من كيلومترين مربعين".
"يوم دموي"
وخسرت القوات الحكومية في معارك الأحد 38 من عناصرها، بينما أصيب 185 عنصرا آخر بجروح، وفقا لمصادر طبية، ليرتفع عدد المقاتلين الحكوميين الذين سقطوا في المعارك مع مسلحي التنظيم منذ انطلاق عملية "البنيان المرصوص" في 12 أيار/ مايو إلى أكثر من 400، والجرحى إلى نحو 2500.
وفي مواجهة الهجوم على معقليه الأخيرين، قام تنظيم الدولة بتنفيذ سلسلة من الهجمات الانتحارية الأحد، بينها محاولة تفجير 12 سيارة مفخخة يقودها انتحاريون، بحسب بيان قوات حكومة الوفاق.
ولم تتوفر إحصائية عن أعداد قتلى تنظيم الدولة.
وفي ظل العدد الكبير من الجرحى، دعا المستشفى الميداني في سرت على صفحته على موقع فيسبوك إلى التبرع بالدم، معلنا أن عدد وحدات الدم التي أعطيت للمصابين الأحد بلغت نحو 70 وحدة.
وفي مستشفى مصراتة، اكتظت الاثنين الغرف بالمصابين من مقاتلي قوات حكومة الوفاق، بعدما كان المستشفى اضطر الأحد إلى تحويل صالة الاستقبال الرئيسية عند مدخل المبنى إلى غرفة طوارئ ثانية.
وقال الطبيب أكرم جمعة: "كان يوما دمويا، استقبلنا فيه عشرات الجرحى"، مضيفا: "أجريت عشرات العمليات الجراحية التي تواصلت حتى الصباح، وبعضها مستمر حتى الآن".
من جهته، قال الممرض محمد القويد "إنه شعور سيئ جدا؛ لأننا لا نملك الإمكانيات، وليست هناك غرف كافية؛ لذا فقد اضطررنا في بعض الحالات إلى وضع خمسة أو ستة مقاتلين معا في غرفة واحدة".
مسجد الزرقاوي
ومن بين المعالم التي استعادتها القوات الحكومية، الأحد، مسجد قرطبة في الحي رقم 3، الذي أطلق عليه تنظيم الدولة اسم أبي مصعب الزرقاوي، بعيد سيطرته على المدينة المتوسطية في حزيران/ يونيو 2015.
والزرقاوي الذي قتل في غارة أمريكية في العراق في العام 2006 ينظر إليه على أنه أحد أبرز مؤسسي تنظيم الدولة.
وذكرت القوات الحكومية في بيانها أن التنظيم أحرق مكتبة المسجد في بداية سيطرته على سرت، وقتل فيه شيخا، واستخدم ساحته في "عمليات تنكيل وإعدام عدد من أهالي سرت على يد العصابة الظالمة".
ونشر المركز الإعلامي لعملية "البنيان المرصوص" على صفحته على موقع فيسبوك صورة للمسجد وقد طليت أبوابه الثلاثة باللون الأسود، وعلقت فوقها لافتة كبيرة سوداء كتب عليها "مسجد الشيخ أبي مصعب الزرقاوي تقبله الله".
كما نشر المركز صورا لأسلحة قال إنه عثر عليها خلال المعارك، بينها قذائف صاروخية، وصور لجثث أشخاص مسلحين قال إنها تعود إلى عناصر لتنظيم الدولة.
ويلقى مقاتلو الحكومة مساندة من الطائرات الأمريكية، التي شنت منذ الأول من آب/ أغسطس -بطلب من هذه الحكومة- عشرات الغارات، مستهدفة مواقع للمسلحين في سرت.
وبحسب بيان للقوات الحكومية الاثنين، نفذت الطائرات الأمريكية -إضافة إلى طائرات ليبية الأحد- "العديد من الغارات "التي أسهمت في تقدم قواتنا".