شنت قوات حكومة الوفاق الوطني في
ليبيا، الأحد، هجوما كبيرا على
تنظيم الدولة في محاولة لطرده من معقليه المتبقيين في
سرت ضمن "المرحلة الأخيرة" من عملية استعادة المدينة المتوسطية.
وقتل أكثر من ثلاثين وجرح قرابة مائة وثمانين من قوات عملية
البنيان المرصوص الأحد التابعة لحكومة الوفاق الوطني في اشتباكات مع تنظيم الدولة في مدينة سرت وسط ليبيا.
وجاء ذلك عقب تقدم قوات البنيان باتجاه الحيين رقم واحد وثلاثة، اللذان يعدان آخر معاقل التنظيم بالمدينة، وتنفيذ مسلحي داعش أربع هجمات بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون.
وقالت غرفة عمليات البنيان المرصوص إن طائرات أمريكية دمرت سيارتين مفخختين لمسلحي التنظيم قبل وصولهما لقوات البنيان على مشارف الحيين الأول والثالث.
وتمكنت القوات الحكومية في بداية هجومها الذي يشارك فيه نحو ألف مقاتل من التوغل في الحيين الرقم 1 شمالا والرقم 3 شرقا معتمدة على المدفعية الثقيلة، فيما رد التنظيم بنيران القناصة والسيارات المفخخة ما أدى إلى مقتل أكثر من 30 وإصابة قرابة 180 من المقاتلين الحكوميين.
وقال رضا عيسى المتحدث باسم عملية "البنيان المرصوص" إن "المرحلة الأخيرة من معركة سرت بدأت"، مشيرا إلى أن "نحو ألف مقاتل" من القوات الحكومية يشاركون في هذا الهجوم. وأضاف "توغلت قواتنا في المعقلين الأخيرين لداعش في سرت، في الحي رقم 1 والحي رقم 3".
وشوهدت مجموعة من الدبابات والمدافع الثقيلة تطلق قذائفها باتجاه مواقع لتنظيم الدولة في الحي الرقم واحد، فيما غطى سماء المدينة دخان كثيف نتيجة الاشتباكات التي ألحقت أضرارا بالغة ببعض المنازل.
فيما بقيت جثتان تعودان إلى مقاتلين جهاديين على الأرض في منطقة اشتباك، كان المقاتلون الحكوميون يجلون قتلاهم وجرحاهم من قلب المعارك التي تحولت حرب شوارع ضارية، قبل أن يتم نقلهم عبر سيارات إسعاف إلى مستشفى ميداني قريب.
منذ صباح الخميس، ساد هدوء حذر جبهات القتال في سرت بينما كانت القوات الحكومية تحشد قواتها عند مداخل الحيين الرقم 1 والرقم 3 في المدينة التي خضعت لسيطرة تنظيم الدولة منذ حزيران/يونيو 2015 حتى انطلاق عملية "البنيان المرصوص" في 12 أيار/ مايو.
وشوهدت السبت مجموعة من الدبابات تتقدم بين الأبنية السكنية باتجاه مداخل الحي الرقم 1 قبل أن تتمركز في مواقع خصصت لها ويقوم مقاتلون بتجهيزها بالقذائف قرب مجموعة من السيارات الرباعية الدفع التي نصبت عليها أسلحة رشاشة.
وعلى أسطح المنازل المطلة على هذا الحي حيث طليت الجدران برايات تنظيم الدولة، انتشر قناصة من القوات الحكومية يراقبون تحركات عناصر التنظيم وقد جلس بعضهم خلف قطع من القماش الملون وحملوا مناظير.
وقال المقاتل أسامة محمد مصباح لفرانس برس "نحن الآن ننظف أسلحتنا و(...) ونجهزها لمرحلة الحسم بعون الله"، مضيفا "إن شاء الله ربي يمكننا منهم".
إلى جانبه، جلس المقاتل علي مخلوف على الأرض في مقر تابع للقوات الحكومية قرب الحي الرقم 1 بين مجموعة أخرى من المقاتلين الذين فككوا أسلحتهم الرشاشة ووضعوها في أوعية بلاستيكية زرقاء أمامهم.
وأوضح مخلوف وهو يحمل قطعا من سلاح رشاش بيده ويمسحها بقطعة قماش صغيرة "أنظف سلاحي وهو من نوع كلاشنيكوف. التحرير بات قريبا بإذن الله والمعركة الأخيرة أيضا".
وكانت القوات الحكومية حققت في معارك خاضتها مع عناصر تنظيم الدولة الاثنين والأربعاء تقدما في حملتها الهادفة إلى استعادة سرت، مسقط رأس معمر القذافي.
ويخشى المقاتلون الحكوميون نيران قناصة تنظيم الدولة والسيارات المفخخة والألغام التي خبأها عناصره بين الأشجار وخلف أبواب المنازل والتي تسببت بمقتل العدد الأكبر من المقاتلين الذين سقط منهم أكثر من 370 وأصيب أكثر من ألفين بجروح منذ بدء عملية "البنيان المرصوص".
وقال المقاتل علي فرج بن سعيد "أسلحة داعش هي المفخخات. هم يعتمدون على الألغام و(...) الأحزمة الناسفة. نتوقع أن يرتدي أغلبية عناصر تنظيم الدولة أحزمة ناسفة ويقوموا بتفجير أنفسهم".
والأحد، أعلن المركز الإعلامي لعملية "البنيان المرصوص" على صفحته على فيسبوك أن تنظيم الدولة شن ستة هجمات خمسة منها بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون وواحدة عبر انتحاري يرتدي حزاما ناسفا، من دون أن يوضح ما إذا تمكن المهاجمون من تفجير أنفسهم.
وقال المركز "انتحار جماعي لعصابة داعش التي أرسلت اليوم خمس سيارات مفخخة وانتحاريا ترجل بحزام ناسف، في محاولة يائسة لعرقلة قواتنا المتقدمة".
ويلقى مقاتلو الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي مساندة من الطائرات الاميركية التي شنت منذ الأول من آب/ أغسطس بطلب من هذه الحكومة عشرات الغارات مستهدفة مواقع للجهاديين في سرت.
وقال المركز الإعلامي لعملية "البنيان المرصوص" إن هجوم الأحد جاء "بعد ليلة من الغارات الجوية لطيران الدعم الدولي"، في إشارة إلى الضربات الجوية الأمريكية.
ويأمل المقاتلون الحكوميون بان يكون هذا الهجوم الأخير في حملة استعادة سرت. وقال المقاتل مصطفى عياد "نحن مرابطون في جبهة سرت ولعلها تكون اللحظات الأخيرة لحسم المعركة ضد (...) داعش. نسال الله تعالى أن يكتب لنا النصر".
يشار إلى أن مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني أصدر قرارا في مايو/أيار الماضي بإنشاء غرفة عمليات لمقاتلة تنظيم الدولة في المنطقة ما بين سرت ومصراتة.