تفاقمت في
مصر ظاهرة جديدة على المجتمع بعد انقلاب تموز/ يوليو 2013، وهي
هجرة الأطفال إلى أوروبا وخاصة
إيطاليا دون أقاربهم، بحثا عن حياة أفضل.
ويدفع آباء مصريون آلاف الدولارات لسماسرة الهجرة غير الشرعية لتهريب أبنائهم الأطفال إلى إيطاليا، في رحلات محفوفة بالمخاطر عبر قوارب متهالكة تحمل مئات المهاجرين.
وتشير التقديرات الرسمية الإيطالية إلى وجود أكثر من 2500 طفل مصري مهاجر في البلاد، إلا أن منظمات دولية ترجح أن تكون الأعداد الحقيقية أكبر من هذا بكثير.
القانون يساعدهم
ويهاجر آلاف الأطفال المصريين إلى إيطاليا مستفيدين من قانون حماية الطفل في إيطاليا الذي يمنح الأطفال المهاجرين حق الإقامة في البلاد، ولا يسمح بترحيلهم إلا إذا طلبوا هم ذلك.
وقالت وزارة الخارجية المصرية، إن الكثير من الأطفال يتوجهون إلى إيطاليا لأن القانون الإيطالي يبقي عليهم في مراكز إيواء ويتم منحهم الجنسية الإيطالية بعد فترة.
وبحسب تقارير صحفية، فإن قلة من الأطفال المهاجرين يسعفهم الحظ ويتمكنون من البقاء في مراكز إيواء الأطفال التي تديرها الحكومة الإيطالية، لكن غالبيتهم يواجهون الحياة القاسية ويعملون في الأسواق ومحطات القطارات.
وتقول وزارة العمل الإيطالية، إن قرابة الأربعة آلاف طفل مصري اختفوا من مؤسسات الرعاية الحكومية وانخرطوا في الحياة بالمدن الكبرى.
اعتداءات وحشية واستغلال جنسي
ويتعرض الأطفال المصريون لاعتداءات بدنية وسوء معاملة في إيطاليا، كان آخرها إصابة ثلاثة منهم بجروح بالغة الأسبوع الماضي، في اعتداء عنيف من شبان إيطاليين أثناء وجودهم بالقرب من مركز رعاية الأطفال المهاجرين الذي يقيمون فيه بمدينة كاتانيا.
وقال نائل الشافعي، الاستشاري بهيئة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية، إن آلاف الأطفال المصريين يتعرضون للاستغلال الجنسي في إيطاليا.
وأضاف الشافعي، عبر "فيسبوك"، إن "تجارة الاستغلال الجنسي لآلاف الأطفال المصريين الذكور المهاجرين لإيطاليا، الذين تتراوح أعمارهم بين 8 أعوام و17 عاما، تلقى رواجا كبيرا في إيطاليا"، مشيرا إلى أن ما يقارب التسعين محضر استغلال جنسي يتم تسجيلها يوميا في إيطاليا.
وكانت شبكة "سي إن إن " الإخبارية الأمريكية قد نشرت تقريرا عن تجارة الأطفال المصريين في إيطاليا، وكشفت فيه أن الآلاف منهم يعملون في الدعارة والتسول وبيع المخدرات، سعيا وراء الأموال.
وأشار التقرير إلى أن أقارب الأطفال لا يهتمون سوى بالأموال القليلة التي يرسلها أبناؤهم من إيطاليا، ولا يبالون بالمخاطر التي يتعرضون لها.
ثلثا المهاجرين من الأطفال
وقالت منظمة الهجرة الدولية، إن عدد الأطفال المصريين المهاجرين إلى إيطاليا في شهر نيسان/ أبريل الماضي فقط بلغ 634 طفلا، ووصفت الوضع بأنه خطير للغاية".
وعلى الرغم من أن المصريين ليسوا الجالية الأكثر عددا بين المهاجرين غير الشرعيين في أوروبا، فإن الأطفال والقصر غير المصحوبين بذويهم الذين سافروا إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط يمثلون الجزء الأكبر مقارنة بباقي الجنسيات.
وقال عمرو طه، رئيس مكتب المنظمة الدولية للهجرة في شمال أفريقيا، في بيان له، إن الأطفال المصريين يهربون من بلادهم لانعدام فرص الحصول على تعليم جيد أو عمل مناسب، لافتا إلى أن المنظمة تناقش أوضاع هؤلاء الأطفال مع المؤسسات المصرية المعنية لتحسين أوضاعهم.
وسجلت مصر أعلى نسبة لهجرة الأطفال بمفردهم من بين كل دول الشرق الأوسط، ففي عام مثل الأطفال نسبة 28 بالمائة من المصريين المهاجرين إلى إيطاليا، وظلت النسبة تتصاعد حتى وصلت معدلات هجرة الأطفال من دون مرافق في 2014 إلى 50 بالمائة من المهاجرين المصريين، وصولا إلى 67 بالمائة من إجمالي عدد المصريين المهاجرين عام 2015.
وفي آب/ أغسطس من العام الماضي، تم إنقاذ مركب يحمل على متنه 240 مهاجرا غير شرعي منهم 183 مصريا غالبيتهم العظمى من الأطفال، قبل غرقهم قبالة جزيرة كريت اليونانية أثناء هجرتهم إلى إيطاليا.
الحكومة تتنصل من المسؤولية
وتنصلت الحكومة المصرية من المسؤولية عن هذه الظاهرة، وحملت أهالي الأطفال المسؤولية واتهمتهم بالطمع والسعي وراء المال.
وكانت نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة، قد زارت الأطفال المصريين المتواجدين في بعض مراكز الإيواء الإيطالية للتعرف على دوافعهم للهجرة بشكل غير شرعي، لكن الوزيرة ألقت بالمسؤولية على أهالي الأطفال، وقالت إن الأطفال يتواصلون معهم ويبلغونهم برغبتهم في العودة إلى مصر، إلا أن الأهالي يرفضون طمعا في الأموال التي سيرسلونها إليهم.
وكان طفل مصري يبلغ من العمر 13 عاما قد وضع الحكومة المصرية في حرج بالغ الأسبوع الماضي، حينما هاجر إلى إيطاليا بحثا عن علاج لشقيقه الأصغر المريض بالسرطان، وأعلنت إيطاليا توفير الرعاية له وتكفلت بنقل شقيقه المريض إلى روما لعلاجه في أفضل مستشفياتها.
واكتفت الحكومة المصرية بالقول إنها لم تتلق أي طلب لعلاج شقيق الطفل المصري، وأنه لو كان توجه إلى أحد المستشفيات المصرية لكان كفى نفسه مشقة الهجرة، قبل أن تؤكد أن أسرة الطفل رفضت العلاج على نفقة الدولة بمصر وفضلت العلاج في إيطاليا.