أثارت الخطة الجديدة لتسوية النزاع باليمن التي أفصح عنها وزير الخارجية الأمريكي،
جون كيري، الخميس، موجة من الانتقادات أبداها سياسيون واعتبروها لا تمثل إطارا للحل بل شكلت خطوطا لدعم الحوثيين عبر سلسلة كبيرة من التنازلات التي قدمتها لصالحهم في الوقت الذي تجاهلت فيه سلطات الرئيس الشرعي، عبد ربه منصور هادي.
الخطة التي أعلن عنها كيري في مؤتمر صحفي جمعه مع نظيره السعودي،
عادل الجبير، شملت تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الحوثيون وتسليم السلاح الذي بحوزتهم إلى طرف ثالث وصفه بـ "المحايد"، وهي أبرز النقاط التي خرج بها الاجتماع الرباعي الذي ضم وزراء خارجية "السعودية، والإمارات، والمملكة المتحدة، وأمريكا" وبحضور المبعوث الدولي إلى
اليمن، إسماعيل ولد الشيخ.
اقرأ أيضا: مبادرة أمريكية للحل باليمن تتيح مشاركة المخلوع صالح بالسلطة
تواطؤ مع الحوثي
وفي هذا الإطار، اعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، عبد الباقي شمسان، أن الخطة التي خرج بها الاجتماع الرباعي بالمملكة، تشير إلى حجم الضغط الدولي لإيجاد تسوية هشة تكرس الاحتراب وتزيد من احتقان المواقف إلى جانب تجاهلها العدالة الانتقالية وشروط هندسة السلام، حسب قوله.
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21" أن خطة كيري قدمت كثيرا من التنازلات لصالح المتمردين الحوثيين، في الوقت الذي تمارس فيه ضغوطا شديدة على الحكومة الشرعية.
وأوضح شمسان أن هناك تواطؤا دوليا واضحا مع الحوثيين، يترافق مع جهود حثيثة تعمل على إحلالهم في الحقل السياسي كأطراف فاعلة ومؤثرة تمهيدا لتمكينهم من صناعة القرار السياسي في المستقبل.
وأشار إلى أن الحديث عن "تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتسليم السلاح إلى طرف محايد"، يلبي مطالب جماعة الحوثيين وحليفهم المخلوع علي عبد الله صالح، ولا علاقة لهذه الأجندة بالسلطة الشرعية وبالانقلاب عليها وعلى المواثيق الدولية والمبادرة الخليجية.
ولفت أستاذ علم الاجتماع السياسي إلى أنه في حال تم القبول بهذه الخطة وتم التوقيع عليها، فإن الرئيس هادي سيصبح غير شرعي، وسيبقى رئيسا صوريا لفترة محددة، وبالتالي يتم إقصاؤه، الأمر الذي يلبي مطلب الحوثيين الذي جرى طرحه في مشاورات الكويت.
وانتقد الدلال الذي أبداه الوزير الأمريكي مع الحوثيين، في قوله إن هذه التسوية "تتوقف على تفاعلهم معها". محذرا من ذهاب البلاد نحو السيناريو العراقي بناء على هذه الخطة.
وقال الأكاديمي اليمني إن توجيه كيري الحديث عن الحوثيين دون المخلوع صالح، يشير إلى أن الرجل لم يعد لاعبا رئيسيا عقب انتهاء دوره في وضع الجماعة بواجهة المشهد حسب الرغبة الدولية التي تسعى إلى "إحلالها في المشهد كجماعة شيعية واستدعائها ليس كيانا منظما بل كميليشا في مواجهة التيارات السنية"، على حد وصفه.
وعبر عن اعتقاده بأن أي تسوية لا يتم صياغتها وفقا لأدبيات وتراكم الخبرات الدولية للسلام، فإن الأمور ذاهبة نحو الاحتراب المؤجل وتمثيل الجماعات المسلحة في الفضاء اليمني وفقا لوزنها العسكري والقبلي والعشائري، وكذا العودة بالبلاد إلى ما قبل الهوية الوطنية الجامعة.
كيري زاد من تعقيد المشهد
من جهته، قال رئيس مركز أبعاد للدراسات، عبد السلام محمد، إنه من الواضح جدا أن كيري لم يكن يحمل حلا سياسيا للوضع اليمني، وإنما زاد في تعقيده خصوصا عندما تحدث عن "طرف ثالث يتسلم السلاح الذي بحوزة الحوثيين".
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21" أن هذه الأفكار المتعلقة بالانسحاب من المدن وتسليم السلاح "رفضها الانقلابيون في مشاورات الكويت، ولكن يفهم من التحرك الأمريكي أمران، الأول أن هناك قلقا من الانهيارات العسكرية للانقلابيين وتقدم الشرعية في محيط صنعاء".
أما الأمر الثاني حسب محمد فهو متعلق بـ"الانهيار الاقتصادي" الذي قد يؤدي بالمتمردين إلى تنازلات لا تحقق الأهداف الأمريكية.
ولفت رئيس مركز أبعاد إلى أن أجندة واشنطن ترى ضرورة الحفاظ على الحوثيين كقوة داخل الدولة في محاولة لاستخدامهم مستقبلا لابتزاز الجوار الخليجي، حسب تعبيره.
مضيعة للوقت
وفي شأن متصل، انتقد الكاتب السعودي، جمال خاشقجي، خطة وزير الخارجية الأمريكي لإنهاء الصراع في اليمن وقال إنها مضيعة للوقت. والخطة التي أُعلن عنها تشمل مشاركة الحوثيين في حكومة وحدة مقابل إنهاء العنف وإلقاء السلاح.
وأضاف خاشقجي في تغريدات له على حسابه بـ"توتير" أن الخطة التي يتحدث عنها كيري لا تختلف كثيرا عن مبادرة ولد الشيخ الأممية التي رفضها الحوثيون متسائلا عن الجدوى من تضييع الوقت بمفاوضات جديدة.
وعلق الكاتب السعودي على تحذير كيري للحوثيين إذا لم يقبلوا بالخطوات اللازمة قائلا: "أخيرا قالها كيري بعدما شرح مزايا خطته.. تقريبا ترقى هذه الجملة للتهديد".