كشفت وثائق سرية بريطانية عن قيام رئيسة الوزراء الراحلة، مارجريت تاتشر، بإجراء محادثات سرية في
السعودية عام 1985، وبالتحديد مع العاهل السعودي الراحل، الملك فهد، في إطار أكبر صفقة سلاح بين البلدين.
وأشارت الوثائق إلى أن المعلن عن الزيارة في ذلك الحين كان مغايرا للحقيقة؛ إذ أشار البريطانيون إلى أن الزيارة تركز على قضية السلام في الشرق الأوسط، لكن الحقيقة أنها كانت بهدف التفاوض على قيمة الصفقة وشكل الاتفاق.
وقدرت الصفقة بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني، والتي عرفت باسم "
صفقة اليمامة" المثيرة للجدل، واشتملت على طائرات من طراز
تورنادو وأنواع أخرى لصالح شركة "بي ايه إي سيستمز" لصناعة الأسلحة وشركائها، وهو ما ضمن الحفاظ على آلاف الوظائف.
واحتوت المراسلات التي نزعت عنها صفة السرية تشديدات خاصة، حيث كانت
بريطانيا تضغط على السعوديين في سبيل اختيار طائرات التورنادو المقاتلة، وسط منافسة حادة، خاصة مع فرنسا.
ووسط المراسلات، قالت "BBC" إن زيارة حاسمة قامت بها تاتشر للملك فهد يوم 14 نيسان/ أبريل في العاصمة السعودية الرياض، توسّط فيها الأمير بندر بن سلطان آل سعود، سفير السعودية لدى الولايات المتحدة آنذاك، لعبت الدور الأكبر في إتمام الصفقة.
ويحتوي أحد الملفات المفرج عنها على خطاب من تشارلز بويل، السكرتير الخاص ومستشار الشؤون الخارجية لمارغريت تاتشر، مُرسل إلى وزارة الخارجية البريطانية في الأول من نيسان/ أبريل، وبه علامة "سري".
وكتب بويل: "ينبغي ألّا نضيف أي شخص إلى مجموعة رئيسة الوزراء التي ستزور الرياض. إضافة شخص ما من مبيعات وزارة الدفاع سيؤدي فقط إلى لفت الأنظار لموضوع طائرات تورنادور، في ضوء وجود 25 صحفيا على متن الطائرة".
وجاء في نهاية الخطاب: "نسخت هذا الخطاب إلى ريتشارد موترام في وزارة الدفاع البريطانية، وصنف الخطاب "سري"؛ بسبب موضوع طائرات تورنادو".
ورد موترام الذي كان السكرتير الخاص لوزير الدفاع البريطاني آنذاك مايكل هيسلتين، قائلا: "يبدو من غير المرجح أن الأمير بندر سيسعى لترتيب مثل هذا الاجتماع، إلا إذا تمخض عن أمر إيجابي.. وإلا فإنه يتخذ مقامرة واضحة بإحراج رئيسة الوزراء والملك فهد".
وتم الترويج للمرور بالرياض للقاء الملك الفهد بعد اختتام زيارة رسمية لجنوب شرق آسيا على أنه فرصة لمناقشة التطورات الأخيرة في الجهود؛ لإحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
غير أن وثيقة من وزارة الخارجية البريطانية إلى الحكومة كشفت الأولوية الحقيقية للزيارة.
وجاء في الوثيقة: "حتى الآن لدينا فقط كلمة الأمير بندر، التي تشير إلى أن الملك قرر شراء طائرات من طراز تورنادو".
وأضافت: "نحتاج إلى أن يكون ذلك أكثر دقة وأكثر صراحة. التعامل مع الملك شخصيا هو السبيل الوحيد ربما لدفع السعوديين إلى إبرام الصفقة)".
يشار إلى أنه وعقب 5 أشهر من تلك الزيارة وفي أيلول/ سبتمبر 1985 وقع وزيرا الدفاع البريطاني والسعودي مذكرة تفاهم في لندن، لشراء 72 طائرة تورنادو، و30 طائرة تدريب من طراز هوك، ومجموعة كاملة من الأسلحة وأجهزة الرادار وقطع الغيار، بالإضافة إلى برنامج تدريب للطيارين.
ونفت شركة "بي ايه إي سيستمز" اقتراف أي خطأ يتعلق بالصفقة. وفي عام 2006، أوقفت حكومة رئيس الوزراء توني بلير تحقيقات بشأن الفساد كان يجريها مكتب التحقيق في الاحتيالات الخطيرة؛ بحجة أن الاستمرار سيؤدي إلى إلحاق "ضرر جسيم" بالعلاقات البريطانية السعودية.