كتاب عربي 21

هل ينتظر المصريون رياح التغيير في 2018؟

إحسان الفقيه
1300x600
1300x600
مرة أخرى وليست أخيرة، أجد نفسي تنجذب إلى تناول الشأن المصري، ولا غرْو، فهي قلب الأمة، وفي قلب الأمة.

يبدو أن انسداد الأفق في الأزمة المصرية، قد جعل الأنظار تتجه إلى الانتخابات الرئاسية 2018، باعتبارها فرصة قادمة يُعول عليها في التغيير، فبدأ الحديث عن الأسماء المطروحة المرشحة لأن تنافس الجنرال.

أبرز الأفكار المنبثقة عن هذه النظرة، أطروحة العالم المصري في ناسا الدكتور عصام حجي، حيث تبنى مبادرة لتكوين فريق رئاسي يخوض انتخابات 2018، ليكون بديلا للسيسي.

يتطلع حجي إلى هيكلة الدولة بفريق تكنوقراط، يقود مصر إلى نهضة شاملة أساسها محاربة الفقر والجهل والمرض.

الطرح لا يستحق عليه حجي التخوين والاتهام بإضفاء الشرعية على الانقلاب، خاصة في ظل بعثرة الصف الثوري، وفقدان القدرة على الضغط الشعبي، فحسب الرجل أنه يسعى لتقديم حلول عملية غير الانتظار.

لكن في الوقت نفسه يبدو الطرح غير واقعي، ويفترِض واقعا مثاليا يحتضن الفكرة، فلو تجاوزنا عائق الانقسام الشعبي الذي أحدثه الانقلاب، وعدم جاهزية الشعب لقبول مثل هذه الأشكال الإدارية للدولة، فماذا عن النظام الحاكم؟

أطروحة حجي تصطدم بفكرتين ترتبط إحداهما بالأخرى:

الأولى: فكرة إمكانية تخلي العسكر عن السلطة، وهو أمر يؤكد الواقع والتاريخ استحالته عبر التداول السلمي للسلطة، فمصر التي كانت توصف بأنها دولة بوليسية، أظهر الانقلاب أنها دولة العسكر، والذي تغول اقتصاديا، وأصبح يمسك بزمام الاقتصاد المصري، ثم أضاف إلى ذلك صرف جهوده وقواته إلى الداخل المصري بعد أن ترك الثغور.

ترسّخ في الحياة العسكرية المصرية منذ ما يسمى بثورة 1952، أن هذه البلاد لا يحكمها ولا يصلح لها سوى الجيش، وأن الشعب المصري غير مؤهل للحكم المدني، وغير مؤهل للديموقراطية من الأساس، وخلال ما يزيد عن 60 عاما، حصل الجيش على امتيازات خيالية، يستحيل التخلي عنها.

المرة الوحيدة التي أفسح فيها العسكر الطريق أمام حكم مدني، كانت عقب ثورة يناير، لكنها كانت حبكة درامية تعاطى بها مع الغضب الشعبي، أراد من خلالها ضرب عصفورين بحجر واحد، إفشال الإسلام السياسي، وضرب مشروع التوريث.

وأما الثانية: فهي فكرة قبول السيسي شخصيا بالتخلي عن منصبه وفق العملية الانتخابية، وهو أمر كذلك يستحيل تصوره، دعك من النظر إلى شهوة السلطة والنزعات الاستبدادية، ولكن الرجل يحمل على ظهره ملفا حقوقيا بشعا، يتضمن صفحات قذرة من المجازر والممارسات الأمنية القمعية، وهو ملاحق حاليا من المنظمات الحقوقية، فإذا سقط عرشه، فلا شك أنه لن يفلت من العقاب.

وبناء على ذلك لا يمكن تصور انتخابات حرة نزيهة في ظل إحكام الرجل قبضته على الجيش والشرطة والقضاء والإعلام، وكيف سيعرض حجي بضاعته في ظل حكم ديكتاتور دخل في صراع مع كل من يخالفه؟

الشعب هو الذي يصنع المناخ الديموقراطي، ولن تأتي الديموقراطية على طبق من ذهب، إنما إرادة الشعب المبنية على قوة الوعي والإدراك، هي التي تأتي بالديموقراطية.

وللمصريين عبرة في عهد مبارك، حيث كانت الأحزاب تناضل في المحطات الانتخابية، بينما كانت الصناديق كما علمنا تُجهز مسبقا، ولم تشهد مصر انتخابات نزيهة حرة إلا بعد الثورة التي أطاحت برأس النظام.

ما أود قوله، أنه لا غبار على هذه المبادرة التي تفتح مجالا لتعدد مسارات الحل للأزمة المصرية، يتم التدشين لها بهدف السعي في تفعيلها في المستقبل القريب (بعد عامين)، وربما اكتسبت خلال هذين العامين زخما شعبيا مناسبا ينمي هذه الأطروحة ويهيئ لها الظروف المواتية لتكون على الأقل تجربة يتم استكشاف أبعادها.

لكن في المقابل، لا ينبغي التعويل عليها، أو اعتبارها المسار الأساس الذي يقود إلى التغيير، ومن باب أولى لا ينبغي أن يتعامل معها المصريون على أنها مسكنات لأوجاعه، أو يرجئ السعي الآني للتغيير انتظارا لما سيسفر عنه هذا المعترك السياسي المرتقب.

أهل العلم ضربوا مثلا لمن يرجئ توبته وإقلاعه عن الذنوب، برجل أراد قطع شجرة، فشق عليه قطعها، فجعل يُسوّف ويرجئ ذلك العمل، ومع مرور الوقت تضرب الشجرة جذورها في الأرض، بينما تضعف قواه بتقدم العمر.

وأستعير هذا المثل للشأن المصري، فهذا النظام المستبد لو تُرك ظلمه وطغيانه انتظارا لمفاجآت، فحتما سوف تزداد هيمنته وتقوى سلطته، بينما تضعف إرادة الشعب بطول الأمد.

الرجل لم يترك شيئا يجر مصر الغالية إلى الهاوية، إلا وأتى به، ولم يدع لنفسه طريقا للرجعة، بعد أن سفك الدماء وجوّع الشعب، وحارب البسطاء في قوت يومهم، وانتهج سياسات خرقاء تدمر الاقتصاد المصري، وتفتت اللحمة الداخلية للشعب، وتسلب مصر كل دور فاعل إقليميا ودوليا، فلم يعد تثوير الشعب مرتهنا بالقوى الثورية وحدها، وإنما بشعب يئن تحت وطأة الفساد والظلم.
التعليقات (2)
يوسف حسن
الأحد، 21-08-2016 11:44 م
دعوة عصام حجي (الأمريكي!!!!) هي شرعنة الانقلاب وإقصاء الإسلاميين، واستمراراً لتزوير الانتخابات، وتأييدك لدعوته هو يأس من نصر الله، وأي دعوة في أحضان وبرضا هذا النظام هي استمرار ونجاح للثورة المضادة وشرعنة للقمع.
محمد الدمرداش
الأحد، 21-08-2016 08:13 م
الثورة و الثورة المضادة ............... ثورة 25 يناير 2011 ثورة عموم الشعب المصري بكل أطيافه و الاقتراعات الخمس التي عقبت الثورة أنزه و الأكثر الاقتراعات منذ تاريخ مصر الفرعوني و حتى عصرنا الحالي و قد أشرف عليها الجيش صاحب الصولجان و السلطة الحقيقية في مصر بمؤسساته سواء المخابرات الحربية التي واجهتها أمن الدولة أو ما يتعارف عليه الأن بالأمن الوطني و كذلك المخابرات العامة و يتبع ذلك جنرالات الجيش المنتدبين أو المتقاعدين المتمركزين في مفاصل الدولة و من هذه الاقتراعات أدرك الجيش كل الجيش الرأي العام الشعبي في جزئيتين الأولى رغبته في حكم مدنى و الثانية أن تكون صبغة هذا الحكم أسلامى ؛ و لما كان هذا الصنف من الحكم لا يروق للعسكر الذين تفشى فيهم الفساد و الرشوة و المحسوبية و اصبح عدد كبير منهم من كبار المليارديرات بطرق و أساليب غير شرعية كما أن هذا الصنف من الحكم لمصر لا يروق لأمريكا و التي سفارتها في مصر تقوم بنفس دور سفارة بريطانيا العظمى أثناء احتلال بريطانيا لمصر فكان التعاون بين أمريكا و العسكر في ثورة مضادة و لأن أمريكا فشلت في جر الأسلاميين إلى حمامات دماء ضخمة تسوء سمعتهم و تقضى عليهم قضاء مبرم و هي تدرك أن أداء العسكر فاشل بكل المقاييس و لا يبعثر على طمأنة رأى عام أو ينزع غضب قد يتضخم في المستقبل و تذهب مصر أدراج الرياح التي أخذت بتركيا فإنها تدفع من خلف الستار بعصام حجى الأمريكي المصري و هذا لن يلقى قبول عند القاعدة الشعبية العريضة التي تؤيد الأسلام في مصر و الذى يحرم كل دم مسلم و أتخذ طريق النفس الطويل السلمى الذى يترك الخصوم ليعروا أنفسهم بأنفسهم و يكون الحكم الفاصل و القاطع في النهاية للشعب و الجيش معاً بعد أن يتبين معظم منتسبي الجيش أنهم سيحكمون خرائب و لن يجدوا دولة تأويهم و تأوي شعب و كل دعوة تصب في مصلحة استمرار الثورة المضادة لحساب المصالح الخارجية في مصر و الشرق الأوسط سرعان ما يماط عنه اللثام و يذهب و كأنه ما كان و تبقى الثورة حتى تصل إلى الذروة و تتمكن من مصر بمؤسساتها دون مساس بتكوينها لأنها مصرية و من مصريين و الهدف هو أصلاح و ترميم ما بها لتمسك مصر بتلابيب هويتها و دينها في صيغة مدنية على رأسها أدارة تدير الدفة إلى تطور و نهوض حقيقي فعلى