نشرت صحيفة ليبيراسيون الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن تنفيذ
تنظيم الدولة للخطة التي وضعها منظّر الجماعات الجهادية، أبو مصعب السوري، والتي تهدف أساسا لافتعال الحروب الأهلية والصراعات الدموية بين أبناء المجتمع الواحد.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن حادثة ذبح كاهن في نورماندي، المدينة الفرنسية الصغيرة، يوم الثلاثاء، توضح استعداد تنظيم الدولة التام لضرب أي مكان في أي وقت، حيث إن حرب الاستنزاف التي يشنها هذا التنظيم قد نضجت وأصبحت تطمح نظريته الجديدة إلى افتعال صراعات مع "الكفار".
وأفادت الصحيفة أن استهداف تنظيم الدولة لفرنسا بشكل متكرر يهدف إلى إغراقها في مستنقع الفوضى والحرب الأهلية. وخير دليل على ذلك عملية ذبح الكاهن جاك هامل البالغ من العمر 86 سنة، في كنيسة سانت اتيان دو روفراي.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الجريمة جاءت ضمن سلسلة من الهجمات من أبرزها مجزرة نيس، تفجيرات باريس، هجمات باتاكلان، وقتل اثنين من رجال الشرطة يوم 13 حزيران/ يونيو في منزلهما.
ويذكر التقرير أن هذه الاستراتيجية التي ينتهجها تنظيم الدولة واضحة وغير مخفية، حيث سبق أن نُشرت هذه الدعوة تحت شعار "المقاومة العالمية" في عام 2014 على شبكة الإنترنت، وذلك بهدف تقويض ما أسماه تنظيم الدولة بـ"المنطقة الرمادية"، أي منطقة التعايش المشترك بين المسلمين والغرب.
فصورة العالم لدى تنظيم الدولة لا يوجد فيها إلا معسكران: معسكر كفر ومعسكر إسلام. وكلاهما سوف يتصارعان حتى يتحقق النصر النهائي لمعسكر المسلمين، بحسب رؤية التنظيم.
وفي هذا السياق، جاءت تصريحات زعيم تنظيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن، بأن العالم ينقسم اليوم إلى معسكرين. وهو الفكر نفسه الذي صرّح به الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش عندما قال: "إما أن تكون معنا أو تكون مع
الإرهابيين". كما جاء في مقال نُشر في مجلة "دابق" التابعة لتنظيم الدولة سنة 2015: "إما أن تكون مع الصليب أو مع الإسلام".
ويضيف التقرير أن هذه الدعوة العالمية للمقاومة جاء بها أبو مصعب السوري في منشوراته، حيث تحدث عن دور الخلايا الصغيرة المنتشرة في الدول الغربية في القيام بهجمات متفرقة، حيث ستؤدي هذه الهجمات لاحتجاج السكان في نهاية المطاف ضد حكومتهم العاجزة عن حمايتهم، ولكن بصفة خاصة ضد المسلمين الذين بدورهم سيقومون بالردّ عليهم ويجرون بذلك البلاد إلى حرب أهلية.
ويلفت التقرير إلى أن كتاب إدارة التوحش الذي يحتوي على 300 صفحة، لأبي بكر الناجي، ما هو إلا دليل آخر لتنظيم قاعدة الجهاد، يشرح كيفية توليد الفوضى للاستيلاء على السلطة قبل إدارة أي إقليم. وقد جاء في جزء من هذا الكتاب أنه "ينبغي الهجوم على الصهاينة والصليبيين في جميع أنحاء العالم الإسلامي وغيرها؛ إذا أمكن لاستنفاد الحد الأقصى من الأعداء".
ويشير التقرير إلى أن رسالة المتحدث باسم تنظيم الدولة، أبي محمد العدناني، تثبت مواصلة التنظيم العمل بالاستراتيجية نفسها التي تبناها في أيلول/ سبتمبر 2015 والتي قال فيها: "إذا كنت تستطيع قتل كافر، فافعل متوكلا على الله واقتله بأي شكل من الأشكال".
وتختم ليبيراسيون بالإشارة إلى أن هذه الدعوات المتواصلة أدت إلى موجة من الهجمات المبلّغ عنها والتي استهدفت العديد من المسيحيين. ففي صيف عام 2015، دعا تنظيم الدولة أتباعه لاستهداف "الكنائس"، والمراكز السياحية، والمحلات التجارية والمعابد اليهودية، وحتى مقرات الأحزاب السياسية.