تناول تقرير بثته وكالة "روداو" الكردية (شبه الرسمية) العلاقات بين
السعودية وإقليم كردستان العراق.
وتساءل تقرير الوكالة شبه الرسمية، التي تبث من أربيل، عن مدى عمق العلاقات التي بدأت تطفو على السطح أكثر فأكثر بين السعودية وإقليم كردستان العراق، وهل سيصل الأمر إلى أن تدعم السعودية خطوات رئيس الإقليم مسعود البرزاني، الرامية لإجراء استفتاء حول تحديد مصير الإقليم.
ويبدو تقرير الوكالة المقربة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البرزاني، كأنه يغري السعوديين للوقوف إلى جانب الإقليم؛ لنيل
استقلاله عن بغداد، ويؤكد أن السعوديين سيستفيدون جدا من هذه الخطوة، بحيث تقوض الهيمنة
الإيرانية على العراق، وتضعف حكومة بغداد الموالية لإيران، كما أن خطوة كهذه، وفق التقرير، سوف "تكسب السعودية المزيد من الشعبية بين شعوب كردستان، وعندئذ ستكون المملكة في وضع أفضل لتحقيق أهداف أكثر طموحا في دعم منطقة سنية مستقلة في العراق".
إلا أن التقرير يقر بصعوبة مثل هذه السياسة، ويقول إنه "يجب التعامل بكل استراتيجية مع هذه المسألة؛ لأنه إذا أسيء التعامل مع هذا الأمر فقد تكون النتائج عكسية".
ويعترف التقرير بأن العراق أصبح ساحة للمعركة الرئيسية بين إيران والمملكة السعودية، للسيطرة والهيمنة التامة على منطقة الخليج؛ لذلك فإن المملكة العربية السعودية تحاول أن تكون صديقا جديدا للكرد، وذلك بالتعامل مع حكومة
إقليم كردستان، للحد من النفوذ الإيراني في العراق، وأيضا لإضعاف السلطة الشيعية في العاصمة العراقية بغداد. ووفق التقرير، "بذلك سوف تدفع الكرد بثبات نحو الاستقلال، وأن تستفيد المملكة من الانفتاح المفاجئ لتربك إيران في المنطقة".
في المقابل، يتناول التقرير علاقات أكراد العراق بإيران، ويقول إن الكرد في العراق لهم صلات ثقافية ولغوية مع إيران، خصوصا من خلال بعض الأحزاب السياسية الكردية، وإيران لديها تأثير قوي على الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يقع مقره الرئيسي في محافظة السليمانية قرب الحدود الإيرانية، إلا أن إيران استطاعت في العقد الأخير أن تعزز علاقتها الأمنية والتجارية مع حكومة إقليم كردستان، ولهذا السبب تقربت أكثر من الحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل.
ويؤكد التقرير أن هناك دعما شعبيا إيرانيا قويا لتقوية العلاقات بين إيران وحكومة إقليم كردستان، وبحسب استطلاع للرأي جرى بعد عام 2016، تبين أن 90% من الإيرانيين يؤيدون بشدة مساعدة إيران لحكومة الإقليم في محاربة "داعش"، ويبدو أن إيران ستقوم أيضا بتوقيع اتفاق مع حكومة إقليم كردستان؛ لبناء خط أنابيب يمكن أن ينقل 250 ألف برميل من نفط إقليم كردستان يوميا عبر إيران إلى مياه الخليج.
ويتساءل التقرير عما يمكن أن تقدمه السعودية للإقليم، ومدى قدرتها على جذبه تجاه سياستها؟
يقول التقرير إن إقليم كردستان يواجه أزمة اقتصادية وسياسية كبيرة، وهو بأمس الحاجة إلى رأس المال. فهناك ما لا يقل عن 250 ألف لاجئ سوري في الإقليم. وبحسب تقارير الأمم المتحدة، فهناك أكثر من مليون نازح عراقي موزعين في مدن الإقليم.
ويضيف التقرير أنه بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، اقترب إقليم كردستان من نيل استقلاله أكثر فأكثر، أما السعودية فإنها كانت تخشى أن تصبح الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة العراقيين، والمتمثلة برئيس الوزراء السابق نوري المالكي، بوابة للنفوذ الإيراني في العالم العربي، فقد كانوا يأملون أن تكون حكومة إقليم كردستان قوية، وأن تكون شريكا حقيقيا لهم للحفاظ على المنطقة من السيطرة الإيرانية، إلا أن الصراع السوري وظهور تنظيم "داعش" وبدء ظهور قوات حزب العمال الكردستاني، شكلت جميعها ضغطا على حكومة الإقليم، وأدت إلى عدم استقرار جدول أعمالها الدبلوماسية والسياسية.
ونظرا لانخفاض أسعار النفط العالمية، وعدم دفع حكومة بغداد للأموال المستحقة للإقليم، فإن حكومة الإقليم أصبحت حريصة على التعامل مع الجميع، بما في ذلك السعودية، طالما أنها ستوفر إمكانية الوصول إلى الاستثمارات والتغيير الاقتصادي.
ويعترف التقرير بأنه من الصعوبة بمكان على الإقليم أن يتخلى عن إيران أو تركيا، فهما ستبقيان تمثلان القوى الخارجية المهيمنة على إقليم كردستان، إلا أن السعودية، يضيف التقرير، تستطيع استخدام نفوذها المالي؛ لكي تحصل على نفوذ أكبر في هذه المنطقة، فواحد من ستة أفراد هم موظفون في الدوائر الرسمية بحكومة الإقليم؛ لذلك باستطاعة السعودية الاستفادة من الأزمة المالية، ودعم المجتمع الكردي بالمساعدات والاستثمارات، فالعلاقات الثنائية مع حكومة الإقليم هي جيدة جدا.
فقد استقبل رئيس الإقليم مسعود البارزاني من قبل الملك سلمان شخصيا حينما قام بزيارة الرياض في 2015، بالإضافة إلى حضور كبار العائلة المالكة للترحيب به. وفي شباط/ فبراير الماضي كانت السعودية سباقة لفتح قنصليتها في أربيل، حيث أكد القنصل عبد المنعم محمد في كلمة له بأن "المملكة لن تتخلى عن إقليم كردستان بأي شكل من الأشكال"، وكانت هذه خطوة رئيسية في تعزيز العلاقات بين الطرفين.
ويضع التقرير العلاقات السعودية بالإقليم على المحك، حين يربطها بدعم السعودية لخطوات الاستقلال، ويقول: "سيكون الاختبار النهائي عندما تدعم الرياض مسار حكومة إقليم كردستان المتوجهة نحو الاستقلال الرسمي من العراق، وسيكون لهذا الدعم فوائد بها أيضا.. فسيكون تقويضا للهيمنة الإيرانية على العراق، وإضعاف سيطرة الحكومة المركزية على البلاد، وأيضا سوف تكتسب المملكة المزيد من الشعبية بين شعوب كردستان، بحيث يكونون في صف المملكة، وعندئذ ستكون المملكة في وضع أفضل لتحقيق أهداف أكثر طموحا في دعم منطقة سنية مستقلة في العراق".