مع سيطرة "قوات حماية الشعب" الكردية على عدد من المناطق العربية في
سوريا، مؤخرا، يصطدم السكّان مع مشروع
التجنيد الإجباري الذي تحاول هذه القوات فرضه عليهم؛ "خدمة للمشروع الكردي، وجعلهم مرتزقة في صفوفه ضد أبناء جلدتهم"، كما يرى منذر سلال، رئيس لجنة إعادة الاستقرار في مجلس محافظة
حلب، وعضو الهيئة السياسية لمجلس مدينة
منبج في ريف حلب الشرقي.
التطوع أو التهجير
إذ ازدادت مؤخرا، ولا سيما بعد السيطرة على ريف منبج، وتيرة إجبار العرب على الانخراط في صفوف قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي تهيمن عليها
الوحدات الكردية الكردية.
وجاء في تسجيل صوتي لإبراهيم البناوي، قائد لواء جند الحرمين العامل ضمن صفوف "قسد"، أن "قرية خربة الروس لا يوجد فيها أي مدني، وما أسمح لأي مدني يدخلها، والمدني الذي له عسكري يتفضل، والذي ليس لديه ابن عسكري ينقلع خارج القرية"، بحسب ما جاء في التسجيل الذي تدواله نشطاء.
وعلق منذر سلال على هذه الكلمات بالقول لـ"عربي21": "لم يضف إبراهيم البناوي جديدا، إنما أبرز دليلا على عمليات التجنيد الإجباري، فكانوا يجندون إجباريا منذ وقت سابق دون أن نمتلك الدليل".
وفي السياق ذاته، يقول الناشط الإعلامي أبو محمد المنبجي لـ"عربي21": "طلب عمر علوش من أهالي قرية السيلب في ريف الرقة، انضمام 30 شابا لقسد حتى يسمح لأهالي القرية المهجرة بالعودة".
وتلجأ قوات الحماية لسياسة التجنيد الإجباري؛ تعويضا لنقص العنصر البشري، إضافة لتعويض خسائرها، كما يقول الناشط الإعلامي سراج الحسكاوي لـ"عربي21".
ويضيف: "وصَلَ إلينا أنّ عددَ قتلى الوحدات الكردية "المحتلة" - وأُصر على كلمة المحتلة - تجاوز 700 خلال الأسابيع الماضية فقط"، بحسب قوله.
كما أنّ أعداد القوات الكردية لا يساعدها على الإمساك بالأراضي التي تسيطر عليها بفضل غطاء طيران التحالف.
ويقول منذر سلال:" تعداد القوات الكردية قرابة 25 ألف مقاتل، ولا يتجاوز عدد العرب في صفوفها 500 مقاتل"، وهذا عدد قليل مقارنة مع المساحات المُسيطر عليها وفق تقديره.
ويقول أبو محمد المنبجي: "مكّن النقص العددي (للوحدات الكردية وحلفائها) تنظيم الدولة من إعادة السيطرة على عدة قرى بعد عمليات تسلل، استُخدِمت في بعضها الخيول، في ريف عين عيسى (في ريف منبج)، منذ شهر تقريبا حتى الأسبوع الماضي".
ويقول ناشطون ميدانيون، إن الوحدات الكردية لم تستطع استقطاب الشارع الكردي الذي يُجبَر أبناؤه على الانخراط بصفوف قوات الحماية، ما دفع كثيرا من الشباب الكردي للهجرة هربا من التجنيد.
ويقول سراج الحسكاوي لـ"عربي21": "التجنيد الإجباري يشمل الكرد والعرب، ويستثني السريان والآشوريون إلّا من تطوع طوعا".
مجندون أم "مرتزقة"؟
ويقتصر التجنيد بالنسبة للعرب على فئة الشباب، حيث يقول الناشط الإعلامي محمد الإدلبي من الحسكة: "يُجنّد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة، وذلك يعني أن نسبة العرب ستكون كبيرة؛ نظرا لسيطرة قسد على مناطق عربية".
وبتم تجنيد البنات برضاهن، حيث يشير أبو محمد المنبجي: إلى أنه "تم تجنيد فتاتين من ريف منبج تبلغان من العمر 16 و17 سنة، وعندما راجع الأهل قسد، كان رد قسد عليهم: نحن لم نجبرهما للتطوع".
ويصف بعض أهالي المنطقة المجندين بأنهم مجرد "مرتزقة" لا دور فاعل لهم، حيث يقول محمد الإدلبي: "ليس للمجندين أية سلطة، وفوق كل مجند متطوعٌ يراقبه بدقة، حتى إنه يُعِد له طلقات الرصاص". ويؤكد منذر سلال ذلك قائلا: "التوسع في المناطق العربية يستدعي وجود مرتزقة تابعين لهم لتثبيت احتلالهم"، بحسب تعبيره.
وتُتهم الوحدات الكردية باستخدام سلاح التهجير كوسيلة لإجبار العرب على الانخراط في صفوفها، كما اتضح من التسجيل الصوتي المشار إليه وشهادات شهود العيان، إذ يؤكد سراج الحسكاوي أن "التجنيد يتم تحت تهديد السيف الديمقراطي، الذي تتباهى به القوات الكردية ويعجب الغرب"، على حد وصفه.
ويخشى نشطاء من أن يؤدي التجنيد في نهاية المطاف لسفك الدماء، حيث يرى سراج الحسكاوي أنه "لا يفيد التجنيد الإجباري سوى في سفك الدماء، فالقوات الكردية تجند العرب، وتعطي التحالف إحداثيات لضرب أهله"، كما قال.
ويقول منذر سلال من جهته: "الكرد يهدفون لتثبيت احتلالهم، والمجندون العرب يعطونهم الشرعية بأنهم يحاربون الإرهاب، بينما هم يستخدمونهم لإنشاء إقليم كردي"، كما قال.