نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا للكاتبة كيم ويلشر، تقول فيه إن الرجل الذي قاد الشاحنة خلال جموع المحتفلين بيوم الباستيل في
نيس، وقتل 84 شخصا، وجرح المئات، حصل على مساعدة في تخطيط الهجوم، بحسب ما كشف عنه مدعي باريس فرانسوا مولينز.
وبحسب التقرير، فإن الأدلة من سجلات المكالمات الهاتفية والحاسوب تشير إلى أن محمد لحويجي بوهلال لم يكن حديث التحول للفكر المتطرف، كما كان يعتقد سابقا، بل إنه كان لديه شركاء، وخطط للهجوم لمدة ما يقارب العام.
وتنقل ويلشر عن مولينز قوله في مؤتمر صحافي عقده يوم الخميس، إنه بعد الهجوم على مجلة “شارلي إبدو” في شهر كانون الثاني/ يناير 2015، الذي مات فيه 12 شخصا، بعث بوهلال رسالة نصية إلى أحد المشتبه بهم، قال فيها: “أنا لست شارلي، وأنا سعيد بأنهم أحضروا بعض جند الله لإنهاء المهمة”.
وتشير الصحيفة إلى أن المدعي العام كشف عما وصفه بـ”التقدم المهم” في التحقيق، في الوقت الذي مثل فيه أربعة رجال وامرأة أمام قاض في باريس؛ لاتهامهم بالتورط في عملية إرهابية، لافتة إلى أن المشتبه بهم، الذين لم يكشف عن أسمائهم، لا يزالون رهن التحقيق من قاضي مكافحة الإرهاب في باريس، بينما كشف مولينز عن اتهامهم بالاتصال بمرتكب الهجوم.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته “عربي21”، بأنه يتوقع وضع المتهمين رسميا قيد التحقيق؛ كونهم شركاء في القتل، ولاتهامهم بعضوية منظمة إرهابية، كما أنه من المتوقع أن يحبسوا لدى الشرطة على ذمة التحقيق، مشيرا إلى أن الخمسة اتصلوا ببوهلال قبل أن يقود سيارته خلال الجموع، التي كانت تحتفل بيوم الباستيل الأسبوع الماضي، بجانب متنزه ديس أنجلوس في نيس، حيث عاش الرجل التونسي.
وتورد الكاتبة نقلا عن مولينز، قوله إنه بعث رسالتين من هاتفه، يبدو أنهما كانتا مسجلتين قبل ثوان من قيادته للشاحنة لمسافة كيلومترين تقريبا خلال مجموعات من الناس، وأضاف المدعي العام أن هناك أدلة متزايدة تشير إلى أن هجوم بوهلال كان مخططا له، وأنه حصل على دعم لوجستي في تخطيط الهجوم من خمسة آخرين كان على اتصال دائم معهم، وقال مولينز: “يبدو أنه تصور وطور خططه الإجرامية قبل عدة أشهر من تنفيذها”
وتكشف الصحيفة عن أن الخمسة أشخاص هم رجل وزوجته من ألبانيا، متهمان بإمداد بوهلال بمسدس أوتوماتيكي لإطلاق النار على الشرطة، ورجلان فرنسيان من أصل تونسي، ورجل تونسي، لافتة إلى أنه لم يكن أي منهم معروفا للأمن أو المخابرات الفرنسية، باستثناء رجل فرنسي تونسي عمره 41 عاما، لديه سجل إجرامي يتعلق بالسرقة والمخدرات.
ويقول مولينز: “تقدم التحقيق منذ ليلة 14 تموز/ يوليو، ولم يسمح لنا بالتأكيد مرة أخرى أن العمل القاتل، الذي ارتكبه محمد لحويجي بوهلال، كان مسبق التخطيط، لكنه أيضا حصل على دعم شركاء في إعداد عمله الإجرامي وتنفيذه”.
ويلفت التقرير إلى أن الصور وعمليات البحث الموجودة على هاتف المهاجم، تتضمن صورا للألعاب النارية يوم الباستيل عام 2015، ومقالات تشير إلى “الوصفة السحرية المسماة كابتاغون”، التي يقول مولينز إنها مخدر “يستخدمه بعض الجهاديين، الذين يجهزون لهجمات إرهابية”، وأضاف مدعي باريس أنه يفكر في توجيه تهم للخمسة المشتبه بهم، “بالمشاركة في منظمة إرهابية، بهدف تجهيز جريمة أو أكثر ضد العامة”.
وتذكر ويلشر أن رجال المباحث وجدوا في بيت أحد الرجال المشتبه بهم مخدرات، ومبلغ 2600 يورو نقدا، و11 هاتفا محمولا، بحسب ما نشرته الصحافة الفرنسية، مشيرة إلى أن أحد الصور التي اكتشفها المحققون تظهر أحد المشتبه بهم في قمرة الشاحنة التي استخدمت في تنفيذ المجزرة، التي تم أخذها قبل الهجوم بثلاث ساعات.
وتبين الصحيفة أن مولينز يؤكد أنه بالرغم من أن تنظيم الدولة أعلن مسؤوليته عن المجزرة، إلا أن المحققين لم يجدوا بعد علاقة مباشرة بين بوهلال والمشتبه بهم وتنظيم الدولة، لافتة إلى أن وزير الداخلية الفرنسي بيرنارد كازينوفا، اعترف بعدم وجود شرطة وطنية خلال الهجوم على مدخل الطريق الذي استخدمه المشاة في نيس، مشيرة إلى أن هذا الاعتراف يشكل تراجعا عن ادعائه السابق بوجود شرطة يحملون سلاحا خفيفا كانوا يحرسون المدخل الذي قاد بوهلال شاحنته من خلاله.
وينوه التقرير إلى أن كازينوفا دافع عن نفسه سابقا في وجه ما كتبته الصحيفة الفرنسية “ليبراسيون”، حول كذب الوزير علنا، بما يتعلق بوجود شرطة وطنية على المدخل، وكانت سياراتهم تغلق المدخل، حيث اتهم كازينوفا الصحيفة في بيان له بترويج نظريات المؤامرة، وأصر على أنه كان هناك عدد من رجال الشرطة “الأبطال”، الذين قاموا بقتل المهاجم، والذين كانوا موجودين في نقطة أبعد من الطريق.
وتذكر الكاتبة أن مسؤول الشرطة المحلية أدولفي كولرات شكك في صحة تقارير الصحيفة، وقال: “لم تكذب السلطات في أي لحظة”، مضيفا أن النزاع “غير عادل ومؤذ”، مشيرة إلى أن كازينوفا أمر بإجراء تحقيق “وتقييم فني” للوضع الأمني على طريق المشاة يوم 14 تموز/ يوليو.
وتشير الصحيفة إلى أن فرانك، الرجل البالغ من العمر 51 عاما، الذي كان يقود دراجة نارية، وحاول إيقاف الشاحنة، تحدث لصحيفة “ني ماتين” قائلا: “كنت أريد أن أوقفه بأي ثمن، وكان هدفي الوصول إلى قمرة القيادة، وعندما صرت على مستواه، تساءلت ماذا بإمكاني فعله بدراجة بسيطة، فألقيت بها على الشاحنة، وبقيت أركض خلفه”.
ويكمل فرانك قائلا: “استطعت أن أتعلق بالقمرة أخيرا، ووقفت على الدرجات على مستوى الشباك المفتوح قبالته، وبدأت أضرب به، وأضرب، وأضرب، (ضربته) بكل قوتي، بيدي اليسرى في وجهه، ولم يقل شيئا، ولم يرمش، كان المسدس في يده، شعرت بأنه يحاول العبث به، ووجهه نحوي، وضغط على الزناد، لكنه لم يعمل”.
وتختم “الغارديان” تقريرها بالإشارة إلى قول فرانك: “كنت مستعدا للموت، كنت بكامل الوعي ومستعدا للموت لإيقافه، واستمررت في ضربه، وحاولت جره من الشباك؛ لأنني لم أستطع فتح الباب، وبقيت أضرب به، وأخيرا ضربني على رأسي بيد المسدس”.