ذكرت مصادر إعلامية وعسكرية في مدينة
داريا، بغوطة دمشق الغربية، أن قوات النظام السوري والمليشيات المتحالفة معها سيطرت على غالبية المناطق الزراعية على أطراف المدينة، عقب حملة عسكرية استمرت لأشهر، ألقى النظام السوري خلالها نحو ثمانية آلاف برميل متفجر، ليصبح أبناء المدينة والثوار فيها محاصرين بشكل شبه كامل داخل الأبنية المدمرة.
وفي هذا السياق، أشار النقيب سعيد نقرش، قائد لواء شهداء الإسلام، التابع للجيش الحر في المدينة، إلى أن النظام السوري ومليشياته فشلوا خلال السنوات الماضية في التقدم على الأرض وكسر الخطوط الدفاعية التي تم أنشئت حول المدينة، لكن القوات الروسية عملت على تزويد النظام بمعدات تقنية حديثة وبخبراء كانوا يقودون المعارك في البداية، وهم من استطاعوا فصل داريا عن المعضمية ومن ثم تابعت قوات النظام التقدم لتحكم سيطرتها على كامل المناطق الزراعية للمدينة كونها منطقة مكشوفة، كما قال.
وقال قائد "لواء شهداء الإسلام" في حديث خاص لـ"
عربي21": "قوات النظام السوري تتبع سياسة الأرض المحروقة، فتقوم بتدمير كل شيء عبر البراميل المتفجرة وصواريخ الفيل ومختلف أنواع القذائف، ومن ثم تتقدم الآليات والجرافات المصفحة التي تقوم بتجريف الدشم والتحصينات وطمر الخنادق، وبذلك تكون قد خففت من استخدام العنصر البشري في المعركة".
ولفت النقيب نقرش إلى أن الحملة العسكرية الأخيرة المستمرة على المدنية أدت إلى استيلاء قوات النظام السوري والمليشيات الموالية له على مساحة زراعية تقدر بحوالي 300 دونم، وهي كانت تشكل "السلة الغذائية للمحاصرين" وكانت تسهم بدفع الجوع عن آلاف المدنيين المحاصرين داخل مدينة داريا.
لكن خسارة هذه المناطق، وفقا لقائد "لواء شهداء الإسلام"، أدت إلى
حصار سكان المدينة في أبنية مهدمة غير صالحه للسكن.
وحذر نقرش من أن قوات النظام يمكن أن تقوم بارتكاب مجازر بالبراميل المتفجرة بعدما كان السكان ينتشرون على مساحة أكبر، "فقد سقط على المدينة ما يقارب الـثمانية آلاف برميل متفجر، ولكن الخسائر البشرية قليلة جدا مقارنة بالعدد الهائل للبراميل والصواريخ والقذائف"، في حين أن انحسار المساحة يعني كثافة سكانية أعلى في المناطق المتبقية، ما قد يشكل خطرا أكبر على السكان خلال القصف.
وأوضح القائد العسكري أن المرحلة الحالية التي تمر بها مدينة داريا هي "الأخطر"، معللا ذلك بسكون جبهات الجنوب جميعها، وأن النظام السوري وضع كل تركيزه لإسقاط داريا، وهو يستعين بشكل يومي بآليات وتعزيزات يستقدمها من جبهات درعا والقنيطرة والريف الغربي، وفق قوله.
لكن في المقابل، تحدث نقرش عن تماسك الجيش الحر وإبدائه مقاومة كبيرة أمام قوات بشار الأسد، مضيفا أنه "لم يستطع النظام وحلفاؤه إحداث أي اختراق كبير، فهو خلال شهرين من المعارك الشرسة، استطاع التقدم ولكن بشكل بطيء جدا، وقد نفذنا عدة كمائن وعمليات إغارة عليه وكبدناه خسائر بشرية كبيرة، رغم أن سلاحنا بمعظمه خفيف ومتوسط، وبإمكانيات محدودة جدا ولا نملك أي سلاح ثقيل".
وقال نقرش إن المدينة لا تمتلك أي خط إمداد عسكري، وإنه على مدى الشهرين الأخيرين؛ فقد كان اعتماد الثوار في المدينة على المخزون المتواضع لديها إضافة إلى الغنائم المكتسبة من المعارك.
وتابع: بأن "المعارك على داريا لم تتوقف خلال السنوات الماضية إلا لفترات زمنية محددة"، موضحا أن المقاتلين يخوضون معركة مستمرة منذ شهر آب/ أغسطس الماضي دونما توقف إلا في 26 شباط/ فبراير الماضي، عندما تم فرض اتفاق وقف العمليات العدائية، لكنها عادت المعارك من جديد منذ شهرين.
وشدد على عدم الدخول في أي اتفاقيات للهدنة بشكل منفرد مع النظام، انطلاقا من "عدم ترك الفرصة للنظام للتفرد بباقي المناطق والسيطرة عليها". وقال: "نحن ننظر إلى اتفاقات الهدن على أنها لا تملك مصداقية، والنظام يلجأ لهذه الاتفاقات فقط لتخفيف الضغط العسكري عليه"، مشيرا على وجه الخصوص إلى "هدوء" جبهة الجنوب، بحسب وصفه.
وقال إن النظام السوري له مطامع كبيرة في السيطرة على داريا، بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي، ولا سيما بسبب قربها من العاصمة ومطار المزة العسكرية وباقي القطع العسكرية المحيطة بدمشق.