وجه الكاتب الصحفي المسيحي "روبير الفارس" عشرة أسئلة إلى رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، قال إنها موجهة من المسيحيين في
مصر إلى السيسي، واصفا إياه بأنه "المعشوق الأول" لهم، وتتعلق بالحوادث الجارية بمصر حاليا، معتبرا أنها تؤشر لزيادة الحوادث الطائفية بحق المسيحيين، واستمرار الانتقاص من حقوقهم، وفق وصفه.
جاء ذلك في مقال تصدر مانشيتات وعناوين جريدة "المقال"، السبت، بعنوان "10 أسئلة من الأقباط للسيسي"، أكد فيه أن حالة العشق الخالص منهم تجاه السيسي بدأت تعكر صفوها بعض الحوادث التي تكررت مؤخرا، على الرغم من عشق قلوبهم للسيسي، واعتبارهم له المخلص والمنقذ، وتجرؤ بعض رجال الدين المسيحي، بإضافة ألقاب قدسية عليه.
فقالوا عنه إنه "المسيح"، ووضعوا صوره ببعض الكنائس، وخلف رأسه هالة القداسة التي يخصون بها القديسين والأنبياء، معبرة عن فرحهم الكبير بحضوره قداسات عيد القيامة، بحسب وصفه.
واستدرك "روبير الفارس" بأن الغمّ عاد للأقباط مجددا، وأصبحت قلوبهم كسيرة، بعد ردود الفعل التي لم تصل إلى أدنى توقعاتهم إزاء ما اعتبره "الطائفية المقيتة"، التي لم يتغير فيها شيء، ولا في طرق معالجتها من الدولة، على حد قوله.
وأضاف أن محافظة المنيا ما زالت هي الأعلى في وقوع الحوادث الطائفية، وما زالت جلسات الصلح العرفي هي وسيلة المعالجة، حيث لا يطبق القانون في ظل خضوع الدولة للقبلية، والأغلبية العددية، وفق وصفه.
وأردف أنه "من هنا أكلت أرواحهم (مسيحيي مصر) ذئاب من الأسئلة التي يوجهونها إلى معشوقهم الأول السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومنها: أولا، هل تعتقد يا سيادة الرئيس المحبوب أن زيارة الأقباط مرة في السنة كافية لترضية خاطرهم في عيد الميلاد، ويتم تجاهل أوجاعهم ونسيانهم طوال السنة، حلا وحيدا لمشكلاتهم؟
وتابع "روبير الفارس": لماذا لا تقوم بزيارة الكاتدرائية في قداس عيد القيامة؟ هل لأن ميلاد المسيح معترف به في الإسلام ولكن عيد القيامة لا؟
وأردف يسأل: هل من المساواة بين المصريين أن تحل المشكلات الطائفية بجلسات صلح عرفي، وتخضع الأقلية العددية للأغلبية؟ وكيف يتفق ذلك مع تصريحكم بأن مصر لا توجد بها أقليات؟
وقال (مخاطبا السيسي): رابعا، كيف ترضى بتهجير الأقباط من بيوتهم بعد حرقها ونهبها، كما حدث في العامرية وقرى عدة بالمنيا، في ظل عقاب جماعي لهم يقوده دائما السلفيون الذين ارتفعت أصواتهم، وحلوا في أماكن كثيرة بديلا للإخوان؟ وهل تعرف يا سيادة الرئيس أن الأقباط لا يفرقون بين الإخوان والسلفيين، ويعتبرون الاثنين واحدا؟
أما السؤال الخامس للسيسي بحسب "روبير" فهو: إذا كنتم سيادتكم تتخذ من عبد الناصر مثالا وقدوة وتمدح إعلامه، لماذا لا تقتدي به في حز جذور الفتنة الطائفية بتطبيق الحزم والقانون على الذين يهددونه بالشائعات والحرائق والقتل؟
وقال متسائلا: سادسا، هل سألت عن الطفلة لوسيا ابنة قس سوهاج، التي حاول متطرف ذبحها في الشارع، لأنها مسيحية، وقال لها: "سوف نذبحكم كلكم"، لماذا لا تتصل بها، ولا أقول "تعتذر"؟
وتابع: سابعا، كيف لا يقلقك تنامي الفتنة الطائفية، وتعددها بمحافظة المنيا؟ وثامنا: لماذا تتمسك بمحافظ المنيا، ومدير أمنها بعد تكرار الحوادث الطائفية؟ وتاسعا، لماذا تظل قضايا في أيادي الدولة، منها تعيين المحافظين، ورؤساء الجامعة الأقباط، بنفس التمييز السائد في عصري السادات ومبارك دون اعتبار للكفاءات الخاصة؟
واختتم "الفارس" مقاله بالتساؤل العاشر: "حب الأقباط لسيادتكم نعمة كبيرة، وأصواتهم مع أصوات المرأة تمكنكم من الفوز في أي انتخابات، فهل تجحد كل هذا الحب؟ ولماذا؟ ومن المستفيد؟ متهما السلفيين بأنهم "لا إخلاص لهم، ولا عهود، مهما كثر عددهم"، بحسب تعبيره.
ويذكر أن مسيحيي مصر يعتبرون أصحاب الفضل على السيسي في أنهم قاموا بإزاحة حكم الإخوان عن مصر، بخروجهم الكبير الموجه من قبل الكنيسة في مظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013 ضدهم، ومشاركة البابا تواضروس في مشهد الانقلاب الدموي يوم 3 تموز/ يوليو 2013.
ولم يكتف مسيحيو مصر بذلك، بل اتهموا الإخوان بحرق عدد من كنائسهم بمحافظات مصر المختلفة عقب الانقلاب، وفي يوم الفض الدموي لاعتصام رابعة 14 آب/ أغسطس 2013، على الرغم من ثبوت قيام بلطجية وعملاء للأمن المصري بتلك الحوادث.
ويرى مراقبون أن مسيحيي مصر قد تلقوا الثمن سريعا لهذا الموقف بمجاملة السيسي لهم بسرعة ترميم جميع كنائسهم، والسماح بترخيص غير القانوني منها، مع تشجيعهم على التوسع في إنشاء كنائس غير قانونية وسط تجمعات المسلمين، وتمرير قانون بناء الكنائس المجامل للمسيحيين، ما زاد من الاحتقان بينهم وبين والمسلمين، وتبلور ذلك في مشكلات طائفية متصاعدة ومتنامية دون وضع حلول لها، سوى الحل الأمني.