نشرت قناة "العربية" تقريرا يربط المحدث الإسلامي المعتقل، سليمان العلوان، بالتحريض على قتل قوات الطوارئ الخاصة، وذلك بعد ساعات من وقوع تفجير استهدف مبنى "الطوارئ" قرب الحرم النبوي في المدينة المنورة.
"العربية" قالت إن العلوان (47 عاما) نشر فتوى قديمة حرّض فيها على منتسبي قوات الطوارئ الخاصة في المدينة المنورة.
واستندت العربية إلى الفتوى التي نشرها العلوان قبل 12 عاما، داعيا فيها منتسبي "الطوارئ" إلى عدم حماية التجمعات الشيعية قرب مقبرة البقيع وأماكن أخرى في المدينة المنورة.
"
عربي21" اطلعت على رسالة العلوان المنشورة في عدة مواقع على شبكة الإنترنت، فبالرغم من عدم تحريضه بشكل صريح على قوات الطوارئ، إلا أن سعوديين اعتبروا استخدام العلوان لبعض المصطلحات "أمرا لا يُفهم منه سوى التحريض".
من ذلك قوله: "يا رجال الطوارئ: قوا أنفسكم من بطش الله تعالى وعقابه، ولا تزيدوا الأمة جراحا وآلاما، ولا يحملنكم حب الريال على تكميم أفواه المطيعين، والسكوت عن صراخ وبدع المنحرفين، ولا تكونوا عونا للمفسدين وظهرا لهم، فيتمكنون بسببكم من إقامة الشرك في بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الخسران المبين".
إلا أن آخرين اعتبروا الرسالة حينها "مجرد نصح لمنتسبي قوات الطوارئ"، مستشهدين بمقتطفات أخرى من الرسالة ذاتها، مثل قول العلوان: "نطلب منكم أن تصلحوا، أو تتركوا مواقعكم، فهذا الصنيع يُوحي إلى الآخرين بالرضى بإقرار الشرك على هذه البقاع الطاهرة الطيبة، وذلك بحمايتهم، وزجر أو اعتقال الذين يريدون أن يطهروا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوضار الشرك".
ناشطون آخرون رفضوا تبرئة العلوان من عمليات التفجير التي تستهدف قوات الطوارئ، قائلين إنه وفي فيديو معروف أقر بأن "حكومة طالبان هي الوحيدة التي تحكم بشرع الله، وما سواها من حكومات تحكم بشرع الطاغوت"، في إشارة إلى تحريضه على "قتال جنود الطاغوت، وفقا لمبادئ تنظيم القاعدة الذي يؤيده العلوان".
وفي تسجيل صوتي آخر له، شبّه العلوان من يحكم بغير ما أنزل الله بمن يعبد القبور والأوثان، معتبرا أنهم "سواء في الكفر والردة"، وفق قوله.
إضافة إلى قولهم إنه "وفي التسجيل الصوتي الشهير كفّر محمد مرسي لعدم تحكيمه الشريعة، ولقتله الجهاديين"، رغم أن نجل العلوان نفى ذلك التسجيل، واعتبره مزوّرا.
ويقول أنصاره إن "العلوان من أشد العلماء الذين أضروا بخوارج العصر عبر إبطاله لخلافتهم، وتحريمه لقتلهم المسلمين"، قائلين إن "مفاصلته لداعش أثّرت في مئات الشباب السعوديين الذين كادوا على وشك الالتحاق بالتنظيم".
ويعتبر أنصار العلوان أنه "لم يكن مؤيدا للتفجيرات والهجمات في الداخل السعودي قبل حوالي عشر سنوات، على خلاف أبرز منظري تنظيم القاعدة، الذي يعدّ العلوان من مرجعياته الشرعية".
كما يتّهم مخالفو العلوان بأنه "متناقض"؛ إذ "يهاجم الدعاة ويصفهم بعلماء السلاطين، ويدعو لمقاطعتهم، بينما يجلس مع أشخاص أنكروا حد الردة، مثل عبد الله الحامد، وعدد من قيادات جمعية (حسم)، المعتقلين حاليا".
يشار إلى أن عددا من أبرز الدعاة السعوديين، وعلى رأسهم محمد العريفي، سلمان العودة، ناصر العمر، خالد المصلح، وغيرهم، باركوا الإفراج المؤقت عن العلوان قبل ثلاث سنوات، ودعوا الحكومة
السعودية لإطلاق سراحه بشكل نهائي.
واعتبر العريفي أن "العلوان من أعلم أهل الأرض في الحديث والفقه"، كما نشر ناشطون صورة من تزكية هيئة كبار العلماء -وفي مقدمتهم الشيخ عبد العزيز بن باز- للعلوان قبل سنوات.
واعتقل العلوان عام 2004، وحُكم عليه عام 2013 بالسجن تسع سنوات؛ على خلفية اتهامه بغسل الأموال، وإرسالها إلى تنظيم القاعدة في العراق إبان الغزو الأمريكي عام 2003، بالإضافة إلى الحكم عليه بست سنوات أخرى؛ لاتهامه بزيارة أهالي المعتقلين، وتنظيم دروس غير مصرح بها في منزله، وعدد من التهم الأخرى
وأفرجت السلطات السعودية بشكل مؤقت عن العلوان عام 2013، وتمكن حينها من تأدية فريضة الحج، قبل أن يعاد إلى السجن، علما أن محكوميته تنتهي في العام 2019.
وبالعودة إلى موقف العلوان من تنظيم الدولة -المتهم الأول بتفجير المدينة المنورة-، يؤكد طلبته والمقربون منه أنه يعارض التنظيم في الأمور المفصلية.
وقال في أحد تسجيلاته الصوتية: "أما كل شخص يقول إما تخرجوا أو قتلناكم، إما تبايعوا أو قتلناكم، فهذا غير صحيح؛ لأني الأصل معترض على قضية الإخوان في الدولة أنهم يأخذون البيعة لأنفسهم ليس بيعة عامة".
وأضاف: "من شروط البيعة أن ينتخبه أهل الحل والعقد، أبو بكر لم ينتخبه لا أهل الحل ولا العقد، ليس هو خليفة المسلمين حتى يفعل الأفاعيل، إنما هو أمير جماعة، شأنه شأن بقية أمراء الجماعات".
كما أقسم بعض طلبة العلوان أنه قال في فترة خروجه من السجن إن "عثمان آل نازح ضال مضل، وعمر القحطاني كذاب أشر"، والأول هو شرعي سعودي قُتل في كوباني، بينما تولى الثاني منصب "الشرعي العام للدولة الإسلامية".
الشيخ ماجد الراشد "أبو سياف"، الذي اعتقل لعدة سنوات في السعودية قبل أن يُفرج عنه ويغادر إلى سوريا كداعية مستقل، قال إن إعادة اعتقال الشيخ العلوان دفعت بالكثير من الشباب نحو تنظيم الدولة.
وأوضح الراشد أن يوسف السليمان منذ التفجير الانتحاري في مسجد قوات الطوارئ بأبها في آب/ أغسطس الماضي، كان العلوان قد أقنعه ببطلان منهج التنظيم.
وأضاف: "كان يوسف لا يثق إلا بالشيخ العلوان، فأخذه أبوه إليه، واقتنع الولد بخطورة الغلو، لكن الرفيق يجرب"، وتابع: "اعتُقل العلوان، وعاد يوسف إلى ما كان بسبب الغلاة. الدواعش كالميكروبات لا تزول إلا بالمبيدات".
إلا أن ناشطين سعوديين، وبعض أنصار تنظيم الدولة، قالوا إن "العلوان عاد إلى تأييد تنظيم الدولة بعد تشكيل التحالف الدولي ضده، الذي يضم دولا عربية".
كما نقل بعض أنصار التنظيم على لسان العلوان تأييده لـ"جهاد" تنظيم الدولة، واتهامه للجبهة الإسلامية بقيادة زهران علوش، وحسان عبود حينها، أنهم "مشروع للصحوات"، وفق قولهم.
وخلص دعاة سعوديون معارضون للعلوان إلى أن الخطر الأكبر هو اعتقاد العلوان بكفر من لم يحكم بغير ما أنزل الله، دون تحديد ما إن كان جاحدا لأحكام الله أم متغافلا عنها فقط، قائلين إن "فهم العلوان لهذه المسائل يدفع أنصاره نحو التطرف".
إضافة إلى كونه "مرجعية أساسية لتنظيم القاعدة الذي استهدف السعودية عدة مرات"، وثبت ذلك من خلال "قول أبو محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة فرع القاعدة في سوريا، من العلوان، إنه يقبل بحكم العلوان لحل الخلاف مع تنظيم الدولة".