خصصت صحيفة "الغارديان" افتتاحيتها للحديث عن نتائج
الاستفتاء، ومعنى الخروج من
الاتحاد الأوروبي، أو ما يعرف بـ"البريكست"، مشيرة إلى أن
بريطانيا وافقت على الخروج من أوروبا دون أن تكون لديها خطة اتفق عليها، ولا إدراك ماذا يعني الخروج بشكل عملي، حيث لا يمكن لأي طرف السماح باستمرار حالة الغموض.
وتقول الافتتاحية: "هذه الصحيفة لم تكن داعمة للحزب الوطني الاسكتلندي واستفتائه على الاستقلال في عام 2014، وعلى الأقل، فقد كان واضحا، وطوال العشرة أشهر التي سبقت التصويت للناخبين ماذا يريدون التصويت عليه في الاستفتاء الاسكتلندي؛ لأن حكومة الحزب الوطني الاسكتلندي نشرت كتابا أبيض من 648 صفحة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، وحددت بطريقة مفصلة ماذا يعني التصويت، وكيف سيأخذ شكله، ونتيجة لهذا الأمر لم يشتك أحد من الحزب الوطني بأنه لا يعرف ماذا كان يفكر به عندما عقد الاستفتاء".
وتضيف الصحيفة أن "المقارنة بين ذلك الوضع والوضع الحالي، الذي تواجهه بريطانيا، والذي أعقب التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، واضحة جدا، حيث إنه بالرغم من الحقيقة الديمقراطية الثابتة، التي تقول إن بريطانيا ستترك الاتحاد الأوروبي، إلا أن أحدا لا يعرف حاليا كيف سيتم الخروج".
وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إلى أن "17 مليونا أو أكثر، ممن أدلوا بأصواتهم، صوتوا لصالح ما لا يريدونه، وهو عضوية الاتحاد الأوروبي، ولا يوجد وضوح بين أعضاء معسكر الخروج أو مؤيديه بماذا سيستبدلونه، فيما يتعلق بمستقبل العلاقات البريطانية مع الاتحاد الأوروبي، حيث لم يكن هناك كتاب أبيض ولا 648 صفحة، وفي الحقيقة لم يكن هناك شيء على الطاولة، لا برنامج، ولا سياسة، ولا خطة إجرائية، غير الانسحاب".
وتبين الصحيفة أن "تفاصيل ما صوت لصالحه الـ 17مليون شخص بدا غير واضح مع مرور الأيام، ويحمل مخاطر زعزعة الاستقرار، حيث أخبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد
كاميرون يوم الاثنين مجلس العموم أنه قام بإنشاء وحدة لمتابعة أمر الخروج من الاتحاد الأوروبي داخل الحكومة، ومن أجل ما وصفه رئيس الوزراء الراحل بالمهمة الأكثر تعقيدا، وبأنها أهم مهمة تقوم بها السلطات المدنية منذ عدة أجيال، وتحدث كاميرون عن مفاوضات جديدة مع الاتحاد الأوروبي، لكن كلامه مضلل، فهو لا يمكنه إخبار الخدمات المدنية عن الخطوط العامة للمهمة التي سيتولونها؛ لأنه قدم استقالته، ولا يمكن لخليفته، الذي لم يتم اختياره بعد، عمل ذلك، ولا توجد نقاط واضحة يمكن للدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي الاتفاق عليها".
وترى الافتتاحية أن "هذا كله كان يجب توضيحه في الحملة، لكن ذلك لم يحدث، حيث إن هناك ثغرة لا تتعلق باختيار حزب المحافظين زعيما جديدا له، لكن بالعمل على تشكيل عملية الخروج، وهي فجوة تتعرض فيها الأسواق المالية للتقلب، وتنزلق أسواق العملة، وتقوم الشركات بتغطية خسائرها، وسط عدم الوضوح، ولن يساعد هذا الأمر الاتحاد الأوروبي على تحديد مرحلة ما بعد خروج بريطانيا، ويجب عليك التذكر أن هناك 28 طلاقا، وليس طلاقا واحدا".
وتلفت الصحيفة إلى أن "
بوريس جونسون بدأ يوم الاثنين بتخفيف لهجته، فأخذ يطمئن الناخبين بأن عملية الخروج ستكون بطيئة، وستفتح المجال أمام بريطانيا للاستفادة من السوق الأوروبية المشتركة، بالإضافة إلى بقاء معظم المهاجرين من الاتحاد الأوروبي، وكعادته، بدا جونسون غير واضح، عندما تعلق الأمر بالتفاصيل، وكان مراوغا في الخيارات الصعبة التي يجب اتخاذ قرار بشأنها، حيث استطاعت حملة النجاح الفوز دون أن تضطر لأن تقدم اختيارات صعبة، بين مراقبة الحدود واستمرار الوصول إلى السوق المشتركة، لكن علينا الآن الاختيار".
وتجد الافتتاحية أن "مشكلة بريطانيا المحلية تحتاج بشكل طبيعي إلى وقت كي تحل، ومن غير المنطقي التظاهر بأن صدمة بهذا الحجم سيتم امتصاصها خلال أيام أو حتى أسابيع، وعلى بريطانيا ضبط نفسها، ومعرفة أن جدول الخروج ليس مفتوحا، ويجب ألا نتوقع من دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 التكيف مع التظاهر الكسول الذي يبدو عليه جونسون، بأن بريطانيا تحصل على الكعكعة ثم تأكلها".
وتنوه الصحيفة إلى زيارة كاميرون إلى بروكسل، حيث أخبر قادة الاتحاد الأوروبي رسميا بقرار بريطانيا، مشيرة إلى أنه سيغادر المدينة يوم الأربعاء، حيث ستواصل دول الاتحاد الأوروبي الـ27 مناقشة مستقبل الاتحاد دون بريطانيا.
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول: "ليس هذا تغيرا رمزيا، لكنه لحظة واقع أصبحت فيها بريطانيا خارج الغرفة، ويجب على بريطانيا والاتحاد الأوروبي التعامل مع العالم الحقيقي الذي خلقه القرار المفزع الأسبوع الماضي".