قد يحار المرء في أحوال أهل الفلوجة المسلمين السنة الواقعين بين مطرقة داعش في الداخل وسندان الحشد الشعبي الشيعي الطائفي المقيت في الخارج، في ظل الارتفاع الكبير في درجات حرارة صيف رمضان في العراق. بل إن أوضاعهم ازدادت سوءا مع دخول الجيش العراقي والحشد الشيعي المدينة، بحيث ضاق الحصار والخناق على أكثر من 85 ألف مسلم من أهلها.
إن المتأمل لأحداث الفلوجة يمكن أن يستخلص بعض الدروس والعبر لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد:
أولها: وجود هدف واضح لدى الطرف الشيعي في الهيمنة على العراق، بحيث يكون الشيعة فقط ليست الطائفة ذات الأكثرية العددية، وإنما الأكثرية المهيمنة ذاتها، وبعدما كان جل حلمهم إبان حكم صدام حسين الحصول على حكم ذاتي في مناطق تمركزهم في الجنوب، في إطار عراق فيدرالي موحد، تمدد الحلم ليصبح الهيمنة على كامل العراق، وهو المشروع الذي يتم تنفيذه الآن على مرأى ومسمع من جميع العرب المسلمين في داخل العراق، وفي خارجها أيضا، دون أن يتحرك أي منهم لدعم أهالي الفلوجة بدافع الإنسانية قبل دافع الدين.
ثانيها: إن بعض العرب السنة مسؤولون عما يحدث في الفلوجة الآن، فمن العجب أن يحصل هؤلاء الشيعة على دعم بعض العشائر السنية التي أرادت أن تستجير من نيران داعش برمضاء الشيعة الذين بات تدخلهم في قلب المدينة واضح للعيان رغم التحذيرات السابقة من نواياهم.
الثالث: إن الحكومة العراقية هي حكومة طائفية بامتياز، وتتبع سياسة "التّقية الشيعية" القائمة على فكرة الكذب لتحقيق أهدافها. فقد عملت قبل اقتحام المدينة على إرسال تطمينات للسنُة المؤيدين للعملية، بأن دور الحشد الشيعي سيقتصر على تأمين عمليات الدخول دون المشاركة الفعلية، وهو ما كذبه قادة فيلق "بدر" مؤخرا "عندما أشار إلى أن تدخلهم تم بطلب من الحكومة.
هذا التصريح جعل السنُّة المؤيدين لاسترداد الفلوجة في حرج بالغ، لأنهم يسلمون المدينة للحشد الشيعي بدلا من داعش، ولتبقى مرارة الذل والهوان بأيد شيعية هذه المرة. وبالتالي بات السؤال: هل سيكتفي هؤلاء بعبارات التنديد والشجب، أم سيتخذون موقفا مناصرا لأبناء عمومتهم في الدين والنسب في مواجهة عمليات التطهير الطائفي التي ربما لا تقل سوءا عن عمليات داعش.
الرابع: إن المجتمع والتحالف الدولي غير معني بما يجري للعرب السنة في الفلوجة أو غيرها، بقدر اهتمامه بالقضاء على داعش التي ظهرت بالأساس بسبب الممارسات اللاإنسانية للنظامين العراقي والسوري بحق شعوبها خاصة السنٌّة .. فالذي يعني أمريكا الآن ليس وقف الممارسات الطائفية لحكومة العبادي، أو وقف تدخل إيران السافر في الشأن العراقي، أو رحيل بشار الأسد بسبب ما ارتكبه بحق الملايين من شعبه منذ أكثر من خمس سنوات.
كل هذا لا يعني أوباما الذي يركز على داعش، وهو ما يساهم كما أوضحنا في مقابل سابق، في زيادة المؤيدين، بل والمتعاطفين مع داعش داخل هذه البلاد المكلومة، وفي الخارج أيضا. بل إن بعض الروايات القادمة من الفلوجة تشير إلى أن بعض من الرجال والشباب انضم لداعش "مكرها" كبديل وحيد من الوقوع في براثن تعذيب الحشد الشعبي.
خلاصة القول إذن، إن العرب السنة يقتلون بدم بارد في الفلوجة وغيرها دون ضجيج، في وقت باتت الأمة العربية والإسلامية عاجزة أو -بمعنى أدق- غير راغبة في مناصرتهم، أو حتى الدعاء لهم في هذا الشهر الفضيل.
عن صحيفة الشرق القطرية
1
شارك
التعليقات (1)
أحلام كسار
الأربعاء، 22-06-201602:15 م
تظحكونني .. عندما تكتبون عن الطائفيه... ماذكرته ينتمي ?ي بند.... مسلم صالح ?تنتمي ?ي طائفه..... أين كان ظميرك عندما كان سجون صدام ممتلئه بالشيعه يذوبون بالتيزاب ويدفنون أحياء أين كان ظ
ميرك... عنده سبات... وعندما قتل 1800 شاب في سبايكر قتلهم البعثيه والدواعش..... طنشتو على الموظوع ولم يتحرك لكم عرق..... ...كونو ذو ظمائر و?تصدقو البعثيه والدواعش فكلها أكاذيب... كن حرآ و?تكن عبدآ للدو?ر..... مهازل