يبدو أن التقديرات الأردنية لمدى خطورة العناصر المرتبطين بتنظيم الدولة في مخيم الرقبان للاجئين السوريين في المنطقة "الحرام" بين الأردن وسوريا، كانت في غير محلها، حيث انطلق هجوم اليوم بسيارة مفخخة على نقطة للجيش الأردني من داخل الأراضي السورية المجاورة للمخيم على الرغم من تصريحات رسمية قللت من خطورة وجود عناصر استخبارية للتنظيم في هذه المنطقة.
وكان قائد حرس الحرس الأردني العميد صابر المهايرة، قال الشهر الماضي خلال مؤتمر صحفي في مقر قيادة حرس الحدود في مدينة الزرقاء شرقي عمّان، إن مخيم الرقبان على الحدود بين سوريا والأردن يحتوى على عناصر يعملون لحساب
تنظيم الدولة، لكنه أشار إلى أنهم لا يشكلون خطرا على أمن الأردن، وفي حال شكلوا خطرا فسيتم التعامل معهم.
ونقلت صحف أردنية عن مصادر مطلعة، قولها إن العملية انطلقت من فتحة دخول اللاجئين عند الساتر الترابي القريب من مخيم اللاجئين السوريين في الرقبان، باتجاه برج للحراسة.
وأوضحت أن قذائق هاون فجرت برج الحراسة قبل دخول السيارة التي كان يستقلها مسلحون، ثم اتجهت إلى داخل مركز خدمات اللاجئين وانفجرت فيه لتوقع قتلى وجرحى في صفوف الجيش.
تنظيم الدولة
من جهته، رجح خبير عسكري أردني أن يقف تنظيم الدولة وراء الهجوم الذي نفذ بوساطة
سيارة مفخخة، على نقطة عسكرية متقدمة قرب مخيم الرقبان على الحدود الأردنية مع سوريا.
وقال اللواء الأردني المتقاعد ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية محمود ارديسات لـ"
عربي21"، إنه بحسب المعطيات المتوفرة في الإقليم فإن أصابع الاتهام تتجه نحو تنظيم الدولة وتشير إلى تورطه في هذا الهجوم.
وأوضح أن تنظيم الدولة يحاول إثبات وجوده من خلال عمليات خاصة كهذه بعد الضربات التي تلقاها في الأنبار والفلوجة وبعض المناطق حول الرقة في سوريا، ومن الطبيعي أن يلجأ إلى شن هجمات هنا وهناك للظهور إعلاميا أنه موجود وقادر على فعل شيء.
وأضاف: "كلما زاد الضغط على داعش في المراكز التي يتحكم بها، فإنه يلجأ إلى العمليات الفردية وشن الهجمات من خلال الخلايا الصغيرة لتجنب الكلفة الكبيرة نتيجة العمليات المباشرة".
وشدد على أن جميع الدول في المنطقة مستهدفة ومن ضمنها الأردن، لكن الأخيرة لم تكن ضمن أولوياته على الرغم من مشاركته في التحالف الدولي ضده وهذا ما أخر استهداف الأردن بعملياته.
ولفت إلى أن الهجوم بالتأكيد لم يكن مفاجئا للجيش الأردني، وهناك العديد من الهجمات التي تم إحباطها في السابق، لكن التنظيم يبحث عن فرصة مناسبة لشن هجماته.
تحذيرات إسرائيلية
وكانت مصادر إسرائيلية حذرت من خطورة تراجع قوة تنظيم الدولة في العراق وسوريا على استقرار نظام الحكم في الأردن.
ونقلت الإذاعة العبرية صباح الأحد الماضي، عن مصدر أمني إسرائيلي كبير، قوله إن هناك مخاوف حقيقية داخل أروقة صنع القرار في تل أبيب، من أن تفضي أية هزيمة لتنظيم الدولة في العراق أو سوريا إلى تسلل عناصره إلى الأردن والعمل ضد النظام هناك.
ورأى المصدر أن هذا التطور في حال تحقق فإنه يمثل "تحولا استراتيجيا بالغ الخطورة بسبب إسهام نظام الحكم الحالي في الأردن في استقرار البيئة الإقليمية والأمنية لإسرائيل".
عمليات سابقة
يذكر أن هجوم اليوم ضد هدف أردني ليس الأول، إذ إنه سبق ذلك هجوم نفذه شخص عرف بانتمائه للتيار السلفي الجهادي قبل أسبوعين، على مقر لجهاز المخابرات في منطقة عين الباشا شمالي العاصمة عمان أسفر عن مقتل خمسة عناصر داخل المقر.
ولم يتبن أي تنظيم العملية التي ضربت أقوى جهاز أمني في الأردن، لكن المعلومات التي نشرت عن هوية المنفذ تشير إلى أنه سجن سابقا بتهمة اعتناق أفكار السلفية الجهادية وقد كان يروج لها في محيطه.
وسبق ذلك إعلان الجيش الأردني سيطرته على حمام زاجل يحمل رسالة من تنظيم الدولة برقم هاتف خلوي أردني، موجهة لشخص موجود في الأردن.
ولعل عملية إربد (شمالا) كانت إحدى الإشارات البارزة لوجود رغبة لدى تنظيم مسلح بالعمل داخل الأردن، بعد الكشف عن وجود خلية مسلحة في أحد المنازل في المدينة الملاصقة للحدود السورية.
ودارت اشتباكات عنيفة بين قوات خاصة أردنية وتلك المجموعة التي تحصنت بمنزل ساعات طويلة، قبل أن تنتهي بمقتل عنصر من القوات الخاصة وكافة المسلحين في المنزل. وأشارت السلطات في حينه إلى عثورها على أسلحة وعبوات ناسفة بحوزة المجموعة بعد القضاء عليها.
يشار إلى أن تنظيم الدولة وجه العديد من التهديدات للأردن، من خلال إصدارات مصورة ظهر فيها عناصر أردنيون انضموا للتنظيم.
وكانت آخر تلك التهديدات الموجهة للأردن قد صدرت على لسان محمد الضلاعين، نجل النائب في البرلمان الأردني مازن الضلاعين، الذي انضم إلى تنظيم الدولة في العراق بعد تركه مقعده الدراسي بكلية الطب في جامعة أوكرانية.
وفجر الضلاعين نفسه بواسطة مدرعة للتنظيم في تجمع للقوات العراقية في الأنبار، وظهر في شريط مصور للتنظيم قبل تنفيذ هجومه يتوعد فيه العاهل الأردن ومجلس النواب بالذبح.