انتقلت أسرة الطالب الإيطالي جوليو
ريجيني إلى بروكسل حيث مقر البرلمان الأوروبي من أجل الحصول على دعم أوروبي في المعركة القانونية والسياسية التي تقودها ضد القاهرة وتكثيف الضغط عليها لإجبارها على كشف ملابسات مقتل ابنها.
وقال والدا ريجيني خلال جلسة بلجنة العلاقات الخارجية للبرلمان الأوروبي إن ابنهما كان مواطنا أوروبيا ومعركة الحقيقة تحتاج إلى أن تخوضها أوروبا كلها.
وطالبا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بسحب سفرائها من القاهرة، وقطع علاقاتها التجارية والعسكرية معها وإعلان أن
مصر ليس مقصدا آمناً لسياحها بهدف ممارسة مزيد من الضغوط على الحكومة لفتح تحقيق شفاف في مقتل ابنهما.
كما طالبا بمراقبة المحاكمات التي تتم بحق المحامين والناشطين والصحفيين في مصر الذين يكافحون من أجل الحرية، بالإضافة إلى منح أي مصري لديه معلومات عن القضية تأشيرة للسفر إلى روما وتوفير الحماية له أيضا من جانب السلطات الإيطالية.
لكن وسائل إعلام مصرية مقربة من النظام رأت أن أسرة جوليو ريجيني تبتز مصر بمطالبتها البرلمان الأوروبي إعلان مصر "بلدا غير آمن"، وتقول إن ضغوطا كبيرة تمارسها أسرة ريجيني وأحزاب المعارضة في البلاد لإحراج رئيس الحكومة الإيطالية ماتيو رينزي ومنعه من إعادة السفير الإيطالي إلى مصر.
مصر بلد آمن
ونقلت صحيفة "اليوم السابع" عن صحيفة "لا كورييري ديلا سيرا" الإيطالية، قولها إن الأستاذة المصرية بجامعة كامبريدج مها عبد الرحمن والتي تشرف على دراسة الدكتوراه للطالب الإيطالي جوليو ريجيني بعثت برسالة إلى المدعي العام الإيطالي أكدت فيها أن "مصر بلد آمن" وأن ريجيني هو من اقترح دراسة دور المنظمات والنقابات العمالية المعارضة للنظام في المجتمع المصري.
وأضافت الصحيفة، أن عبد الرحمن التي تجنبت فيما سبق الإدلاء بأي معلومات للمحققين الإيطاليين حول ريجيني، أرسلت بريدا إلكترونيا للمدعي العام الإيطالي سيرجيو كولاجيو بعد التنسيق مع جامعة كامبريدج.
وأشارت إلى أن جامعة كامبريدج فرضت سرية كاملة على أنشطة ريجيني ومنعت أساتذته الذين كانوا يتلقون رسائله عبر البريد الإلكتروني من التعاون مع فريق التحقيقات الإيطالي الذي توجه إلى مقر الجامعة في بريطانيا، معللة ذلك بأنها ترفض الكشف عن الأسرار الأكاديمية لطلابها.
وكان الطالب الإيطالي جوليو ريجيني قد تعرض للخطف يوم 25 كانون الثاني/يناير الماضي، قبل أن يعثر على جثته يوم 3 شباط/فبراير بأحد المناطق النائية وعليها آثار
تعذيب بشعة.
وبينما ترفض الحكومة المصرية بشدة التكهنات بوقوف الأجهزة الأمنية خلف تعذيب ريجيني وقتله، إلا أن تقارير إعلامية وحقوقية ترجح تورط السلطات المصرية في الحادث.
السيادة المصرية
وفي سياق متصل، عقدت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري اجتماعا طارئا، أمس الخميس، لمناقشة تداعيات الجلسة التي عقدت في البرلمان الأوروبي يوم الثلاثاء الماضي حول قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني وخاصة المطالبات بتشكيل لجنة تحقيق من البرلمان الأوروبي لزيارة مصر والتحقيق في الحادث.
وفي ختام جلستها، أصدرت اللجنة بيانا، تلقت "
عربي21" نسخة منه، أكدت فيه تعاطفها التام مع أسرة ريجيني وحرصها على استجلاء الحقيقة حول ملابسات مقتله، وحرصها على التعاون مع البرلمان الأوروبي شريطة احترام السيادة المصرية.
وأشار البيان إلى أن وزير الخارجية المصري سامح شكري أكد لرئيس اللجنة السفير محمد العرابي أن اقتراح تشكيل لجنة تحقيق من البرلمان الأوروبي كان مجرد فكرة عرضها أحد الأعضاء وليس قرارا من البرلمان.
وقال محمد العرابي، في تصريحات صحفية، إن مجلس النواب يقدر المأساة الإنسانية التي تمر بها أسرة جوليو ريجيني، مشيرا إلى أن السلطات المصرية تتعاون مع
إيطاليا في التحقيقات وأن روما أعلنت عن ارتياحها لمستوى التعاون بين البلدين.
مئات الصور للجثة المشوهة
وقالت صحيفة "تليجراف" البريطانية إن أسرة ريجيني تهدد بنشر مئات الصور لجثة ابنها المشوهة جراء التعذيب الذي تعرض له في القاهرة قبل مقتله إذا لم تكثف إيطاليا والاتحاد الأوروبي الضغوط على القاهرة لإعلان حقيقة اختفاء ومقتل ابنها.
ونقلت عن باولا ريجيني والدة الضحية وزوجها كلوديو قولهما إنهما أعدا ملفا يحتوي على 266 صورة تظهر بوضوح ما حدث لابنهما، ويوثق أشكال التعذيب في مصر، مضيفة أنها لا تريد أن تظهر هذا الملف الآن لأن هذا يعني أننا وصلنا إلى مرحلة اليأس، على حد قولها.
من جانبه، قال وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني، إن سفير بلاده لدى مصر لن يعود إلى القاهرة قريبا بسبب التوتر بين البلدين الذي خلفه مقتل جوليو ريجيني.
وقال جينتيلوني، في تصريحات صحفية أمس الخميس أثناء زيارته للبوسنة، إن "قرار الحكومة الإيطالية باستدعاء سفيرها لدى مصر لم يتغير على الرغم من مرور شهرين على هذه الخطوة".
وأضاف: "هذه كانت خطوة خطيرة جدا ولا أعتقد أن لها سابقة في تاريخ العلاقات بين البلدين، إلا أننا ما نزال متمسكين بهذا القرار".
وكانت الحكومة الإيطالية قد سحبت سفيرها لدى مصر في شهر نيسان/أبريل الماضي، احتجاجا على رفض القاهرة إمدادها بمعلومات "ضرورية" ستفيد في سير التحفيفات لكشف ملابسات القضية.