وضع اعتداء
أورلاندو، الذي خلف 49 قتيلا، الأحد الماضي، الجالية المسلمة في فورت بيرس، حيث كان يقيم منفذ الاعتداء
عمر متين، تحت الأضواء وعرضة لشتى أنواع الخوف والتهديد.
ومن سيارة "بيك أب" تعبر أمام المركز الإسلامي في "فورت بيرس"، البناية التي كانت كنيسة ولا تزال شكلا، يصرخ أحدهم: "اذهبوا إلى الجحيم أيها القاذورات".
ومع توالي وصول المسلمين إلى المركز تتوالى الشتائم التي ترافقها أصوات أبواق السيارات بشكل منتظم، وتتراوح الشتائم بين "الموت لمحمد" و"أيها الخنازير".
وهناك مسجد آخر في المنطقة في بناية غير ظاهرة للعيان لا يتعرض إلى ما يتعرض له المركز الإسلامي، الذي أصبح معروفا من تواجد الصحفيين والكاميرات المنصوبة أمام مدخله لساعات عدة يوميا.
ويقول بدار بخت، الخمسيني المتحدر من باكستان: "نشعر بالخوف"، في المسجد الذي يبقى فيه المسلمون حتى منتصف الليل في رمضان، ثم يتجمعون عند الانتهاء من صلواتهم ولا يغادرون المسجد إلا جماعات، بحسب بخت.
وتوقع الأخير "أن تعود الأمور إلى مجاريها بعد أسبوعين، لكنه حاليا -وهذا غير مألوف- هناك أشخاص يتصلون (هاتفيا بالمسجد) ويتركون رسائل غبية".
وللمرة الثانية منذ توجه منير أبو صالحة، الذي كان يرتاد هذا المسجد، إلى سوريا في 2014 حيث قضى في اعتداء انتحاري، تسلط الأضواء على المركز الإسلامي في هذا الحي.
وقال رجل خمسيني بمرارة وهو يغادر المكان رافضا كشف هويته: "نحن أناس هادئون، ولم يسبق أن تعرضنا لمشاكل، لكن بسبب ما فعله هذا الشخص، نشعر بالخجل"، مضيفا أنه "في السابق (قبل الاعتداء) كانت أمسية نحتفي فيها بأمر ما، والآن انظروا لقد خف العدد".
وحضر بضع عشرات إلى المسجد مع موعد الإفطار في حين كانوا عادة مئة شخص.
وقال بخت وهو من يتولى إعداد وجبة الإفطار: "أظن أني أعددت طعاما يفوق الحاجة"، في حين قال يوسف ثورن الأسود البشرة: "أنا مسلم ولست خائفا من القدوم للصلاة، أصلي أيضا لأجل منفذ الاعتداء".
"لم يكن يتحدث إلى أحد"
لكن والد عمر متين، صديق، ليس بمثل تسامح ثورن، حيث قال وهو يتحدث إلى صحافيين في منزله وقد ارتدى بدلة وربطة عنق: "أنا لا أسامحه" على فعلته، مضيفا أنه يفكر في ضحايا الاعتداء، وأيضا في حفيده ابن عمر البالغ ثلاث سنوات.
وأضاف الوالد: "لقد دمر العائلة كلها، تقريبا".
وقال إيربرت جونسون، الذي يقطن الحي متحدثا عن متين، إنه "لم يكن يتحدث إلى أحد على حد علمي، وكان فقط يمر من المكان".
وفي المسجد الذي كان عمر متين يصلي فيه الجمعة، يسود التحفظ ذاته بالنسبة إلى سلوك منفذ الاعتداء، بحسب بخت الذي كان يعرفه منذ أيام المراهقة، وتبقى الحالة النفسية لعمر متين لغزا وكذلك طبيعة علاقته بالمثلية.
وأشارت شهادات عدة في الساعات الأخيرة إلى شاب يقصد مواقع لقاءات مثليين، وسبق أن تودد لرجل آخر وكان معتادا على ارتياد نادي "بالس" حيث نفذ اعتداء الأحد.
لكنه غير معروف البتة في نادي المثليين في بورت سانت لوسي وفورت بيرس، المدينتين المتجاورتين على ساحل فلوريدا، في حين يؤكد صاحب النادي والعاملون فيه أنهم لم يسبق أن شاهدوه في المكان.
وأظهرت مجزرة أورلاندو بشكل مأساوي أن المثليين ليسوا موضع ترحيب لدى كثيرين من الأمريكيين من أصول لاتينية، وخصوصا بعدما اكتشفت عائلات الميول الجنسية لأفراد فيها بعد مقتلهم، في حين يبدو التحفظ بين المسلمين أكبر بكثير.
ومع تأكيده التضامن مع ضحايا الاعتداء، فإن صديق متين والد مطلق النار يدين المثلية علنا، كما قال بدر بخت إنه "لم يسبق أن التقيت مثليين من المسلمين، وربما هم مختبئون".