شن الإعلامي
المصري، إبراهيم عيسى، هجوما على الإسلاميين من ذوي التوجه السلفي، الداعمين لنظام حكم رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، وقال إن الوضع لن يتغير كثيرا لو أن السيسي قرر أن يعين ياسر
برهامي (نائب رئيس "الدعوة السلفية") رئيسا للحكومة، مؤكدا أنه لن يجد منه إلا نسخة طويلة اللحية من شريف إسماعيل (رئيس الوزراء الحالي)، بحسب تعبيره.
وشدد عيسى على أن "جملة الاعتبارات الأمنية هي مفتاح اتخاذ القرار الوزاري في مصر، سواء من تعيين مسؤولين ومديرين، وحتى إصدار قرارات تخص أعمال الوزارة"، مشددا على أن "أي ضابط أمن وطني قادر على تعطيل قرارات أي وزير، والتدخل فيها وإلغائها أو تعديلها، وأن أجهزة الأمن في مصر سلفية يقينا".
وسخر عيسى -في مقاله بعنوان: "لماذا لا يعين السيسي برهامي رئيسا للحكومة؟"، بجريدة "المقال، التي يرأس تحريرها، الثلاثاء- من شريف إسماعيل، رئيس الحكومة، قائلا إنه اسم على مسمى، شريف فعلا، ورجل وطني مخلص، ولكن الأكثر وضوحا وبروزا في ميزاته أنه رجل مطيع جدا، ومنكر للذات، حتى إن مسؤولي الدولة ينسون كتابة اسمه أصلا على رخامات افتتاحات المشروعات الحكومية.
وأضاف أن الرجل لا يغضب، ومن البيت للشغل، ومن الشغل للبيت، في منتهى الدعة والطيبة والاحترام، حتى إنه لا يعرف حتى الآن لماذا قرر السيسي تعيينه رئيسا للوزراء، ولم يسأله من باب الفضول، ولا من باب معرفة الصفات التي أعجبت السيسي فيه؟".
السيسي يمارس دور رئيس الحكومة
ورأى عيسى أنه "في المحصلة فحكومته -شأن كل حكومات العهد المباركي- حكومات سكرتارية للرئيس، ولا تملك أن تفكر أصلا في كونها شريكا في وضع السياسة العامة مع الرئيس (كما ينص الدستور)، بل هم مجموعة سكرتارية منحنية أدبا وتهذبا (وبعضهم نفاقا طبعا) لكل ما يأمر به السيسي، خصوصا أنه يمارس دور رئيس الحكومة، ولا يتوقف عن استدعاء الوزراء فرادى، ودون حضور شريف إسماعيل؛ لتكليفهم بمهام، ومتابعة تنفيذ تعليماته".
وأضاف أنه "كذلك فإن حكومة شريف إسماعيل شديدة الأدب والتهذيب، شأنها شأن كل حكومات مصر السابقة، تخضع لأوامر ونواهي وزواجر الأجهزة الأمنية، وتبدو الحقيقة الساطعة أن أي ضابط أمن وطني قادر على تعطيل قرارات أي وزير، والتدخل فيها، وإلغائها أو تعديلها، كما يشاء، ويحلو له"، وفق قوله.
الجهاز الأمني هو الذي يتحكم في الوزارات
وشرح عيسى في مقاله أبعاد التدخل الأمني في عمل الحكومة، فقال إنه "لا يوجد وزير قادر على الصمود خمس دقائق أمام التعليمات الأمنية الصادرة من الضابط المسؤول عن وزارته، فجملة الاعتبارات الأمنية هي مفتاح اتخاذ القرار الوزاري في مصر، سواء من تعيين مسؤولين ومديرين، وحتى إصدار قرارات تخص أعمال الوزارة".
وتابع بأن "الجهاز الأمني هو الذي يقول لوزير التعليم العالي لا تصدق على انتخابات اتحاد الطلبة، وهو الذي يقول لوزير التعليم غير العالي لا تلغ الامتحانات، وهو الذي يقول (طبعا "يقول" كلمة مخففة للكلمة الأصلية "يأمر")، وهو الذي يقول لـ"التضامن": لا توافقي على هذه الجمعية، وهو الذي يقول لوزير الري هذا ملح أجاج وهذا عذب فرات، وهو الذي قال لوزارة العدل ارفضي إلغاء مادة ازدراء الأديان".
واستطرد بأن "هذه فعلا هي عقيدة أجهزة الأمن في مصر، فهي سلفية يقينا، ولا تؤمن لا بحرية الرأي، ولا التعبير، ولا الكلام الفارغ ده كله، ولا تحترم الدستور بمثقال حبة من خردل، وبالنسبة إليها فياسر برهامي بما يقول، هو ومحمد حسان، أقرب إليها من كل ما يقوله أي مفكر أو باحث إسلامي".
تحالف الدولة والسلفيين
وأردف عيسى: "ثم إن الدولة متحالفة مع السلفيين، وتراهم نصيرها الرئيسي وخزينها للملمات، وتعتمد عليهم كتيار داعم للرئيس في مواجهة الإخوان (وذلك حتى يتم توقيع صفقة المصالحة النهائية مع الإخوان قريبا)، وفي التصدي لهذه النخبة الرخمة من الأفندية الأراذل الذين لا يقدسون الرئيس، بل ويجرؤون على الاختلاف معه.. هم و2000 عيل بتوع "تيران" و"صنافير".
وتابع: "من ثم فإن شريف إسماعيل لا يملك إلا أن ينحني من ضمن انحناءاته اليومية العديدة لقرار "الأمن الوطني" ("أمن الدولة" المنحل سابقا)، وتطلب حكومته من البرلمان، الذي لا تبعد عنه أذرع الأمن الوطني أيضا، عدم إلغاء مادة ازدراء الأديان، ولم يفكروا حتى أن يبقوا على المادة، ويلغوا الحبس فيها تطبيقا للدستور، لا، بل إمعانا في رضا ياسر برهامي وشركاه، فإنهم مستعدون للاعتداء على الدستور، مقابل شفاء صدور السلفيين من الغل ضد المبدعين والمفكرين"، وفق زعمه.
والأمر هكذا، اختتم عيسى مقاله قائلا: "السيسي لن يغير من الوضع كثيرا لو قرر أن يعين ياسر برهامي رئيسا للحكومة، فلن يجد منه إلا نسخة طويلة اللحية من شريف إسماعيل"، على حد قوله.