مصر.. مطالبات بـ"محاكمات عسكرية" لوقف الغش بالثانوية

طوال السنوات القليلة الماضية، كانت أسئلة امتحانات الثانوية العامة في مصر يتم تسريبها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد دقائق من بدء الامتحان، لكن هذا العام شهد ظاهرة جديدة وهي تسريب الأسئلة والإجابات النموذجية قبل بدء الامتحان بعدة ساعات وسط حالة من الفوضى الملحوظة، وانتشار حالات الغش الجماعي.

وبدا نظام رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي عاجزا عن وقف تسريب الامتحانات وتوفير نظام امتحانات مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب، ولم يفلح إغلاق صفحات تسريب الامتحانات أو إلقاء القبض على عدد من القائمين عليها، إذ سرعان ما عاودت نشاطها من جديد عبر صفحات بديلة.

ونظم العشرات من طلاب الثانوية العامة وأولياء أمورهم وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم، احتجاجا على فشل الوزارة في تنظيم الامتحانات ووقف تسريبها، وطالبوا بإقالة وزير التعليم وإلغاء تنسيق القبول بالجامعات.
 
عسكرة التعليم

ودعا النائب مصطفى بكري إلى إحالة المتورطين في تسريب الامتحانات للمحاكمة العسكرية العاجلة بتهمة الإخلال بمقتضيات الأمن القومي، مطالبا الوزارة بشن حملة لتطهيرها من العناصر الإخوانية العاملة بها.

كما طلب المحامي والإعلامي خالد أبو بكر، من قائد الانقلاب عسكرة التعليم في مصر وإسناد إدارة المدارس للقوات المسلحة، قائلا إن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق الانضباط والجدية في العملية التعليمية.

وكتب أبو بكر عبر "تويتر" يوم الأربعاء: "أطالب بتولي القوات المسلحة إدارة المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية وإعداد المناهج والمدرسين والمباني والتجهيزات، مثلما فعل الجيش من قبل في مشروعات الطرق والكباري والمدن الجديدة، قرر يا سيسي مفيش وقت".
 
تغيير نظام القبول بالجامعات

وقال الهلالي الشربيني، وزير التعليم، إن الحكومة وافقت على تغيير أسلوب تداول أوراق الأسئلة والإجابات لامتحانات الثانوية العامة اعتبارا من العام المقبل.

وأضاف الشربيني، في مؤتمر صحفي عقب اجتماع مجلس الوزراء، أن الحكومة وافقت على تغيير نظام القبول بالجامعات، مشيرا إلى إحالة كافة المتورطين في تسريب الامتحانات للنيابة العامة تمهيدا لمحاكمتهم.

وأوضح أمين المجلس الأعلى للجامعات أشرف حاتم، أن تغيير قواعد القبول بالجامعات، كما أعلنت الحكومة، سيتم بدءا من العام الدراسي بعد المقبل وبشكل متدرج، مشيرا إلى أن المجلس مازال يدرس العديد من المقترحات في هذا الصدد لتطبيقها إلى جانب امتحان الثانوية العامة.
 
لجنة من أربع وزارات

وعقب اجتماعه يوم الأربعاء، أعلن مجلس الوزراء عن تشكيل لجنة من وزارات الدفاع والداخلية والعدل والاتصالات والتعليم لمواجهة المشكلة وتقديم الاقتراحات الكفيلة بمنع تسريب الامتحانات.

وأعلن المتحدث باسم مجلس الوزراء عن إنشاء غرفة عمليات لإدارة الأزمة للتصدي لصفحات الغش وتسريب أسئلة الامتحانات على مواقع التواصل الاجتماعي وغلقها وملاحقة القائمين عليها.

لكن كثيرا من المصريين يقابلون هذه الجهود التي تعلن عنها الحكومة بتشكيك كبير، خاصة بعد أن كشفت وسائل إعلام محلية عن تخصيص لجان خاصة لأبناء كبار المسؤولين من القضاة وضباط الجيش والشرطة والسماح لهم بالغش دون رقيب.

وفي هذا السياق، أعلن رئيس امتحانات الثانوية بمدينة البداري التابعة لمحافظة أسيوط اعتذاره عن عدم استكمال الإشراف على الامتحانات اعتراضا على الغش الجماعي الذي تم باللجنة التابعة له والتي يؤدي الامتحانات بها "أبناء الأكابر" بالمحافظة.

ونقلت صحيفة "الشروق" عن رئيس اللجنة قوله إنه فقد السيطرة على اللجنة وأجبر على السماح للطلاب بالغش الجماعي تحت ضغوط من المسؤولين الكبار الذين لهم أبناء باللجنة حولوا إليها من مدن ومحافظات أخرى.
 
محاولات يائسة

وفي محاولة يائسة، على ما يبدو، لمواجهة تسريب امتحانات الثانوية العامة، دعا بشير حسن، المتحدث باسم وزارة التعليم، إلى إغلاق مواقع التواصل الاجتماعي أثناء امتحانات الثانوية العامة.

كما طالب عدد من أعضاء مجلس النواب والسياسيين بوقف خدمة الإنترنت تماما في مصر أثناء عقد الامتحانات بسبب عجز الحكومة عن مواجهة هذه الظاهرة.

وكتبت المستشارة "تهاني الجبالي"، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، عبر "فيسبوك" قائلة: "اقطعوا النت لحد امتحانات الثانوية ما تخلص، حرام تعب ولادنا يروح ويتساوى مع الطالب اللي مش بيذاكر".

واعترفت وزارة التعليم أن تسريب الأسئلة والإجابات تم عن طريق مسؤولين فاسدين في الوزارة قاموا بتسريب الأسئلة مقابل تقاضي مبالغ مالية كبيرة.

وأحالت وزارة التعليم 12 مسؤولا إلى النيابة العامة بتهمة التورط في تسريب الامتحانات، وقررت النيابة حبسهم 15 يوما على ذمة التحقيق، ووجهت لهم تهم تسريب الامتحانات والإضرار العمدي بمؤسسة عملهم.