لم يجد عدد من الإعلاميين الموالين لرئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي حلا في مواجهة
تسريب امتحانات الشهادة الثانوية قبل بدئها، سوى وصفها بأنها نكسة 5 يونيو 2016، وتشبيهها بنكسة 67، مطالبين بعقد مجلس الدفاع الوطني، باعتبار أن سلامة سير
الامتحانات مسألة أمن قومي.
وكشف أحدهم عن تورط 120 طالبا، غالبيتهم من أبناء
الضباط والقضاة والنواب وكبار المسؤولين بمحافظة أسيوط، في تلك التسريبات، مشددا على أنه يجب من الآن البدء في إصلاح التعليم، قبل أي ملف أو قضية أخرى، لأن الأمر سوف يستغرق وقتا طويلا، بحسب قوله.
انعقاد مجلس الدفاع الوطني من أجل الثانوية العامة
هكذا قال الكاتب الصحفي والإعلامي الناصري، أحمد رفعت، الموالي لرئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، في مقاله بصحيفة "الوطن"، الأربعاء، مؤكدا أن ما جرى من غش وتسريب للامتحانات في الثانوية العامة "مسخرة" لا مثيل لها تعكس انحطاطا واستهتارا، بل واختراقا لمستويات وأروقة وزارة التعليم، وفق وصفه.
وشدد على أنها كلها حاصل سنوات من الفوضى والإهمال، واستهداف مباشر لمستقبل هذا البلد كان يستحق انعقادا فوريا وخاصا لمجلس الدفاع الوطني لبحث والتعامل مع مصالح هذا البلد وشعبه، إذ تنص إحدى مواد أهدافه وصلاحياته على "النظر في الشؤون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها".
وأضاف رفعت: "الآن نرى المستقبل كله، ومعه الحاضر، على مرمى الخطر"، بحسب قوله.
ووصف رفعت
مصر بأنها: "دولة هشة ومفككة بالفعل"، زاعما أن قدر النظام الحالي، والسيسي تحديدا، الاشتباك والتعامل مع كوارث وجرائم أربعين عاما كاملة استُهدف فيها المجتمع المصري بأسوأ مخطط شر ضد بلد، على حد قوله.
وأضاف أن المناهج وتطويرها نوقشت في مهزلة مأساوية مع لجان أمريكية مشتركة، وضربوا الرقم القياسي في اختيار وزراء التربية والتعليم في تاريخ دول العالم، بما يعكس العشوائية والفوضى، وضربوا معهم الرقم القياسي في عدد مرات تبديل وتعديل المناهج، وعدد مرات إلغاء الفصل الخامس، وعدد مرات عودة الصف السادس الابتدائي كشهادة، وعدد مرات أنظمة الثانوية العامة، حسبما قال.
"شاومينج".. قضية أمن قومي
وأطلق "هـاني عسل"، في مقاله بجريدة "الأهرام"، الأربعاء، على القضية الوصف السابق، قائلا إنه: "في "نكسة" الثانوية العامة، ابحثوا عن الحلول، ولا تهدروا الوقت في الأسباب"، حسبما قال.
وأضاف: "نعم، وزير التعليم فشل، ويستحق الإقالة، فقد وعد بامتحانات نظيفة نزيهة خالية من الغش والتزوير، ولم يف بوعده، وسبق أن وعد بتطوير التعليم ومحاربة الدروس الخصوصية، ولم يفعل".
وأردف هاني أن "بهوات الوزارة مدانون مثل الوزير، وعليهم الرحيل فورا، والبحث عن مهن أخرى غير التعليم أو التدريس، فهم لم يكتفوا بالفشل، وإنما تعرضوا لاختراق فاضح أضر بسمعتهم ومصداقيتهم جميعا للأبد، ولو كانت لدينا لجان منضبطة يحكمها رجال بحق، لما تمكن أي طالب من الغش، ولما رأينا مساخر الغش الجماعي التي شاهدناها، حتى ولو كان هناك مليون شاومينج بيغشش".
وأشار إلى أن وزارة الداخلية عليها جزء كبير من اللوم، موضحا أن مباحث الجرائم الإلكترونية لديها التقنيات التي تمكنها من الكشف عن مواقع الغش على الإنترنت، ولكن لم نسمع حتى يوم نكسة 5 يونيو 2016 التعليمية عن أحد تم ضبطه أو معاقبته، ورأينا شاومينج، وغيره يعملون بحرية، ويصدرون بيانات جريئة ووقحة، بل ويفرضون شروطهم على الوزارة والدولة، كأننا في جمهورية موز، مع أن جمهوريات الموز نفسها لم يحدث فيها ذلك، على حد قوله.
وتابع "عسل" أن هناك حلين لا ثالث لهما، الأول يقضي باستكمال الامتحانات بالطول أو بالعرض، وبأن نترك "شاومينج" يغشش براحته، مع إفساد خططه عبر التصحيح الذكي لأوراق الإجابات للكشف عن الإجابات المنسوخة بالحرف من النماذج المسربة، وتمييزها عن الإجابات "الطبيعية".
والحل الثاني أن تلغى امتحانات هذا العام بالكامل، ويحصل جميع الطلاب على شهادات نجاح بدون درجات، على أن يكون الالتحاق بالجامعات باختبارات قبول شفهية ونظرية لفرز الأصلح، على غرار اختبارات الكليات العسكرية، ليس رضوخا لشروط "شاومينج"، وإنما حماية لمستقبل الطلاب، وإنقاذا لأهاليهم.
وأكد أن هذا هو الحل الأفضل والأرجح، متسائلا: "منذ متى وقضايا الأمن القومي مسؤولية وزارة التعليم؟".
شاومينج ليس سبب مشكلة التعليم
ورأى رئيس تحرير صحيفة "الشروق"، عماد الدين حسين، في مقاله بالعنوان السابق، بالجريدة، الأربعاء، أن "ما فعله شاومينج وأمثاله هو أنه فضح هذه الصورة الوهمية للتعليم، التي تجعل مصير طالب يتوقف فقط على قدرته للتحول إلى آلة ميكانيكية للحفظ والتلقين".
واستشهد حسين بما نشرته "الشروق" يوم الأحد الماضي لمراسلها في أسيوط، يونس درويش، من أن 120 طالبا غالبيتهم من أبناء الضباط والقضاة والنواب وكبار المسؤولين بالمحافظة قرروا في اللحظات الأخيرة تحويل أوراقهم إلى إحدى مدارس البداري بأسيوط ليؤدوا فيها امتحانات الثانوية العامة.
وأبدى حسين دهشته من أنه "لم يتحرك أحد ليشرح لنا لماذا تم هذا الأمر في هذا الوقت تحديدا؟ الأمر الذي يفتح بابا واسعا للشك والريبة".
وأضاف: "نسأل بوضوح عن التحويل في آخر لحظة إلى لجان الامتحانات، وليس إلى إدارة البداري التعليمية، الذي يفترض أن يتم منذ بداية العام".
وحذر من أن هذه النوعية من التعليم نتيجتها إما طلاب مجتهدون ينجحون بمستواهم ولكن بمنهج التلقين، وبالتالي لن يكونوا موهوبين، وإما ناجحون بالغش يتخرجون بأموال أسرهم الغنية من جامعة خاصة. والنتيجة خريج يضاف إلى طابور طويل من الفشلة، وعديمي الخيال والكفاءة.
وشدد على أنه "إذا كانت الحكومة جادة فعلا في إصلاح أحوال هذا البلد فعليها أن تبدأ من الآن في إصلاح التعليم قبل أي ملف أو قضية أخرى. عليها أن تبدأ في طرح حوار مجتمعي حقيقي وفعلي، وليس مضروبا، كي نبدأ من الآن، لأن الأمر سوف يستغرق وقتا طويلا"، على حد قوله.
تسريب الامتحانات شبيه بنكسة 67
والأمر هكذا، طالب عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس نواب ما بعد الانقلاب، اللواء تامر الشهاوي، بسحب الثقة من وزير التربية والتعليم، الدكتور الهلالي الشربيني؛ لما اعتبره تقصيرا من الوزير (رأس العملية التعليمية) في أزمة تسريب امتحانات الثانوية، خاصة بعد تورط عدد من العاملين في الوزارة بتسريب الامتحانات.
وأضاف الشهاوي - في مداخلة هاتفية لبرنامج "مباشر من العاصمة"، عبر فضائية "أون تي في لايف"، الثلاثاء - أن الوزير هو المسؤول عن وضع السياسات وتنفيذها، وهو المسؤول عن العملية التعليمية بالكامل، مؤكدا أن وجود بعض "الفاسدين" في الوزارة، يكون مسؤولا عنه الوزير كذلك، وفق قوله.
واستشهد بواقعة "نكسة الهزيمة من إسرائيل عام 1967"، قائلا: "في
النكسة تمت محاسبة وزير الدفاع وبعض قادة القوات المسلحة، برغم عدم وقوعهم في خطأ بأنفسهم، إلا أن محاسبتهم تمت لأنهم المسؤولون عن مرؤسيهم، وبالتالي مسؤولون عما حدث"، وفق قوله.