نشرت صحيفة "ايست أونلاين" الإيطالية تقريرا تحدثت فيه عن قرار
تنظيم القاعدة إنشاء
إمارة إسلامية بعد أن كانت في الماضي تعارض مخطط إنشاء خلافة، وذلك تنفيذا لرغبة بن لادن الذي رفض إقامة الخلافة إلى حين تحرير جميع الأراضي في الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "
عربي21" إن خطة تنظيم القاعدة تضمنت إنشاء أكثر من إمارة، تكون متباعدة عن بعضها البعض ومستقلة، ولكن القرارات تعود إلى المقر المركزي للتنظيم، في باكستان. وجاء هذا القرار عقب تصريح الزعيم أيمن الظواهري الذي بارك فيه إنشاء فرع للتنظيم في الأراضي السورية التي تسيطر على جزء منها
جبهة النصرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن موقف
تنظيم الدولة لهذا القرار لن يكون بالبساطة التي يبدو عليها، وستهزم القاعدة في حال اعتبر تنظيم الدولة أن ذلك القرار يمثل تهديدا له، خاصة وأن عدد مقاتلي تنظيم الدولة يمثل ضعف عدد مقاتلي القاعدة.
وأضافت الصحيفة أن هذا القرار خلق العديد من الانقسامات في صفوف "التنظيمات الجهادية" الأخرى، إلى جانب ردود الأفعال التي تراوحت بين التأييد والمعارضة. فهناك من عارض إقامة إمارة يرون أنها ستفرض عليهم الابتعاد عن السلطات المحلية وعن المعارضة السورية وعن هدفهم المتمثل في الإطاحة بنظام بشار الأسد. وفي المقابل تؤيد بعض المجموعات فكرة الإمارة لما فيها من قوانين صارمة قد تدفع التنظيم إلى إلغاء بعض التحالفات التي أثبتت عدم نجاعتها. وتتكون هذه المجموعة أساسا من المقاتلين الجهاديين القدامى الذين وصلوا إلى
سوريا مؤخرا من باكستان وأفغانستان، مثل أبو علي القاسمي.
وتخطط التنظيمات المؤيدة، جنبا إلى جنب مع بعض قادة جبهة النصرة، إلى تنفيذ هجمات جديدة في جنوب محافظة حلب، بعد قرارهم إعادة إحياء تاريخ تنظيم القاعدة في الحرب الذي تنص بعض الكتب المقدسة على اندلاعها "بين الأوفياء للدين والكفار". وقد رفض الزعيم أبو محمد جلاني في كانون الثاني/يناير الماضي الاندماج في هذه العملية مع التنظيمات الجهادية الأخرى بسبب تمسكه بحصر التحالف في مجموعات صغيرة تشارك بالفعل في مشروع إنشاء الإمارة.
وأضافت الصحيفة أن الظواهري أمر في سنة 2014 المسلحين بالقيام بأعمال من شأنها أن تميزهم عن تنظيم الدولة كبناء علاقة وثيقة مع السكان والتعاون على إدارة المناطق المحررة شمال محافظة إدلب. ولكن أبا جليب صرح على إثرها أن الوقت قد حان لفرض قواعد أكثر صرامة، ما أثار احتجاجات بين العديد من المواطنين.
وأشارت الصحيفة إلى أن تنظيم القاعدة تعرض لهزات قوية وأزمات جراء ما لحقه في الماضي وكان من الضروري إعادة ترتيب البيت الداخلي. ويرتبط تنظيم القاعدة كثيرا بدولة أفغانستان التي يوجد فيها مقره المركزي، وفي هذه الدولة يزعم تنظيم طالبان سيطرته على 34 محافظة من جملة 400، ما يمثل 10 بالمائة من الأراضي الأفغانية. وفي تلك المناطق، قررت طالبان، التي تعتبر من أهم التنظيمات الموالية لتنظيم القاعدة، منذ القدم إنشاء إمارة تكون قوانينها أكثر صرامة من الحكومة.
وذكرت الصحيفة أن الصراع احتدم بين القوات التي يقودها زعيم حركة طالبان، أخطر منصور، والقوات الأفغانية الموالية لتنظيم الدولة بقيادة أبي بكر البغدادي، وقد توجه أخطر منصور برسالة إلى البغدادي طالبه فيها بعدم التدخل في شؤون الحركة.
وأضافت الصحيفة أن تنظيم القاعدة يشهد العديد من الصراعات حول الأراضي في أفغانستان بهدف إنشاء إمارة تقف ضد الحكومة، إلى جانب سعيه إلى السيطرة على المجالات الحيوية في الدولة. وقد حصلت وكالة "فرانس برس" على هذه المعلومات في مقابلةٍ أجرتها مع المحلل عمر حامد تحدث فيها عن نوايا طالبان تحويل نفسها من مجموعة من المتمردين إلى حكومة موازية، ويتجلى ذلك من خلال أعمالها الموازية، مثل شراء الموارد الأكثر مبيعا في الدولة ثم إعادة بيعها بطريقة أكثر ربحية من الحكومة، ولذلك يتقاضى مقاتلو طالبان ما بين 100 و300 مليون دولار في السنة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاعتراضات على قرار تنظيم القاعدة إنشاء إمارة قد شملت الجماعات المسلحة الآسيوية والإفريقية التي تعطب الهوية الوطنية أولوية كبيرة قبل انتماءاتها الجهادية. وفي المقابل، يجد تنظيم القاعدة مؤيدا قويا في الصومال، ممثلا في "حركة الشباب" التي تبنت مؤخراً نظرية الإمارة كاستراتيجية بديلة للتعويض عما عانته من اضطهاد عبر عقود تمثلت في فرض قوانين صارمة ومتشددة وصلت إلى الرجم وبتر الأطراف.
في الختام، قالت الصحيفة إن قرار إنشاء إمارة سيضع تنظيم القاعدة في سوريا والتنظيمات الموالية له أمام العديد من المواجهات مع أنصار البغدادي.