رفض الأقباط في
مصر تدخل قيادات الدولة وممثلي الأزهر والبرلمان لاحتواء تداعيات الأحداث الطائفية التي شهدتها محافظة
المنيا قبل عدة أيام.
وكانت قرية الكرم بمدينة أبو قرقاص قد شهدت اشتباكات بين المسلمين والأقباط بعد شائعات عن وجود علاقة عاطفية بين سيدة مسلمة ورجل قبطي، وهو ما تسبب في إحراق عدد من منازل ومتاجر الأقباط.
وفي حادثة غير مألوفة في المجتمع المصري، تعرضت سيدة قبطية مسنة للاعتداء والتعرية من عشرات الأشخاص، الذي طافوا بها القرية بعد تجريدها من ملابسها، ثأرا من ابنها المتهم بإقامة علاقة مع السيدة المسلمة.
لن نتصالح
من جانبه، استنكر الأنبا
مكاريوس، أسقف عام المنيا، محاولات التصالح قائلا :"نحن نرفض رفضا تاما أن يظهر في المشهد الآن ما يسمى "ببيت العائلة" لإنهاء الأزمة بالتصالح بين الطرفين".
وبيت العائلة هو مؤسسة يترأسها شيخ الأزهر وبابا الأقباط، تم إنشاؤها قبل عدة سنوات لاحتواء الحوادث الطائفية التي تندلع كثيرا في مصر في الفترات الأخيرة.
ورفض مكاريوس، فى بيان صحفي، الجمعة، تلقت "
عربي21" نسخة منه، ما وصفه بمتاجرة البعض بالقضية والبحث عن أدوار على حساب الضحايا، مؤكدا أن طريقة الملاطفة والتصالح أضاعت الحقوق ووفرت للجناة فرصة للهروب من المسؤولية.
وطالب بضرورة حصول الأقباط على حقهم وفقا للقانون ومحاسبة المتسببين في الحادث، ثم يأتي بعد ذلك دور البعد المجتمعي والمصالحة، مشددا أن الجلسات العرفية لا ينبغي أن تكون بديلا عن قيام الدولة بدورها، فنحن في دولة وليس قبيلة، على حد قوله.
وأضاف "مكاريوس"، أن التصالح يضر بالقضية ويسمح بتكرار الحادث مجددا، مطالبا بالقبض على الجناة حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
وفي اتهام غير مباشر للسلطة بالتواطؤ مع الجناة، شدد أسقف المنيا على ضرورة ضبط الجناة الحقيقيين وليس القبض على أي أشخاص بشكل عشوائي ليحصلوا على البراءة في النهاية.
وقال النائب مصطفى بكري عضو مجلس النواب، إن الأنبا مكاريوس أسقف المنيا رفض طلبا باستقبال وفد من أعضاء مجلس النواب للقاء السيدة "سعاد ثابت"، المعتدى عليها والاعتذار لها.
وأكد بكري أن مكاريوس أعلن رفض استقبال أي شخص لحين القبض على الجناة الحقيقيين، واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم.
وأعلن النائب عبد الهادي القصبي رئيس لجنة التضامن بمجلس النواب توجيه الدعوة إلى السيدة التي تعرضت للاعتداء، لزيارة البرلمان للاعتذار لها عما أصابها، لكنها رفضت الدعوة.
وأكد القصبي، في تصريحات صحفية، ضرورة معاقبة المتهمين في هذه الجريمة الأخلاقية التي تتناقض مع عادات وتقاليد المصريين، مطالبا السلطات بتقديم مرتكبي الحادث للمحاكمة لمنع تكرارها في المستقبل.
لم نطلب مساعدة من أحد
وفي كلمة مصورة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي قالت السيدة "سعاد ثابت"، التي تعرضت للاعتداء إنها لم تطلب مساعدة من أحد، مؤكدة أنها سامحت من اعتدى عليها وآذاها.
ووجهت السيدة الشكر لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي على اهتمامه بقضيتها، كما شكرت البابا تواضروس الثاني بابا الأقباط وقيادات الكنيسة التي ساندتها في محنتها.
وأجرى البابا تواضروس، يوم الجمعة اتصالا هاتفيا مع السيدة التي تعرضت للاعتداء، بالمنيا من مقر إقامته بالنمسا حيث يخضع للعلاج الطبي، وأكد لها أن السيسي وأجهزة الدولة تتعامل بجدية تامة مع الحادث.
وطالبت مطرانية المنيا وأبوقرقاص للأقباط الأرثوذكس، التي يرأسها الأنبا مكاريوس، في بيان لها، بمحاسبة الجناة قبل عقد أي صلح بين المسيحيين والمسلمين في القرية، حتى لا تتحول القضية إلى جلسات تطييب الخواطر، دون محاسبة المتسببين الحقيقيين في الأزمة".
تعويضات للأقباط
وكان وفد من كبار المسؤولين قد زار قرية الكرم التي شهدت الأحداث، ضم اللواء طارق نصر محافظ المنيا وممثلين عن شيخ الأزهر والبابا تواوضرس، ومدير أمن المنيا وعددا من نواب البرلمان عن المحافظة.
وأعلن محافظ المنيا حصر منازل وممتلكات المحترقة تمهيدا لصرف التعويضات المناسبة لهم، متعهدا بضبط باقي الجناة وتقديمهم للمحاكمة، كما التقى الوفد بزوج الضحية الذي شكرهم على احتواء الموقف وتقديم الدعم للأسر القبطية بالقرية.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت ضبط 10 متهمين في الأحداث من بينهم المحرض الرئيسي على الواقعة، وقدمتهم للنيابة العامة التي قررت حبسهم، فيما تقوم بملاحقة 12 آخرين صادر بشأنهم قرار بالضبط والإحضار.